مبرمجة عراقية تصل إلى العالم بأول مشروع لتمكين النساء “رقميا”

تقول العراقية فاطمة حسن “لم يستوعب الكثيرون، فكرة عمل المرأة في مجال التكنولوجيا والبرمجيات، وحاول بعضهم التقليل من مستواي حتى أثناء دراستي، لكنني فخورة كثيراً بما وصلت إليه اليوم”.

فبعد سنوات من العمل، تمكنت فاطمة من حجز مقعد لها في عالم جديد، وشبه محتكر للرجال. تبدو فاطمة حسن، سعيدة للغاية، بمشروعها “عراقي ات وومن” والذي يعدُّ الأول من نوعه في العراق لتمكين النساء تكنولوجياً ومعلوماتياً.

وفاطمة حسن (27 عاماً) التي نشأت في الحلة، تقول لأحد الوكالات الرسمية، إن فرصة إيجاد العمل لم تكن هينة مطلقاً، خاصةً في مدينتها. كانت طالبة في جامعة بابل، قسم تكنولوجيا المعلومات، وتحاول البحث عن الأفضل من خلال هذا العالم، ولا تعلم كيف، وتضيف “سألت أحد أساتذتي ماذا أفعل لأطور نفسي أكثر في مجال التكنولوجيا، أجابني: ابحثي في غوغل، هذه الكلمة السحرية ساعدتني كثيراً”.

اتجهت فاطمة، نحو رحلتها الإبداعية في عوالم الحواسيب والمنصات الرقمية والخيال، لم يكن كل شيء مثالياً، الصعوبات تمنح الطريق لذة، تقول إنها وكمن يبدأ من الصفر، رغم دراستها، إلا أن هذا العالم واسع للغاية، وما “زلنا، نحن العراقيين، لا نعرف الكثير عنه”.

وتزيد فاطمة “حصلت من خلال الإنترنت على فرصة عمل ساعدتني لإكمال نفقات دراستي، وفي الوقت ذاته، صرت أبحث عن دورات وورش مجانية أونلاين، لتعليم برمجة المعلومات، والتكنولوجيا. في البدء، دخلت الجامعة من دون أن أحب هذا التخصص، أو أن أفهم شيئاً عنه، لكن وبمرور الوقت اكتشفت كم من الجمال يمكن حقاً رؤيته من خلال العالم الرقمي، من دون أن ننتبه، وأنه حقاً هدية يستطيع الإنسان استغلالها في جوانب إيجابية كثيرة، من دون أذى”.

استمرت فاطمة بالبحث عما هو مفيد لها وللآخرين، حتى تساءلت يوماً: لمَ لا أبدأ حقاً بتعليم ما أكتسبه للنساء العراقيات؟ إذ تقول إن “الجانب التكنولوجي يكاد يكون مهملاً عند المرأة العراقية، الأمر الذي يجعلها في بعض الأحيان فرصة للمبتزين إلكترونياً والمعتدين في مواقع التواصل الافتراضي. ومنها، انطلقت بمشروعي (عراقي إت وومن) والذي يهدف إلى مساعدة النساء في مجال المعلومات والتكنولوجيا، بشكل مجانٍ وتطوعي”.

وتضيف “بدأت المشروع من خلال صنع فيديوهات صغيرة، أشرح فيها التفاصيل البسيطة لحماية المرأة رقمياً. الأمن الرقمي والسلام الشخصي من خلال التكنولوجيا، ثم بدأت بتوسعة مشروعي الذي لاقى اهتماماً كبيراً من النساء في مختلف المدن العراقية. كن يكتبن إليّ، إنهن يشعرن بالراحة لأخذهن المعلومات من “امرأة” مثلهن، هذا الدعم يمنحهن الأمان، هذا ما تحتاجه المرأة، أن تشعر بالأمان رقمياً”.

وتوضح أن “البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، من أهم المجالات في الحاضر والمستقبل كذلك، كما أن عدد النساء أقل بكثير من الرجال وهذه قضية تعاني منها كل دول العالم، لكنه في تطور سريع ومستمر. فيتطلب من الشخص أن يكون ملماً به ومتابعاً لكل الجديد فيه”.

وتردف بالقول “الجميل في هذا العالم أنه متاح وبشكل مجانٍ للجميع، وفي كل وقت، حتى ذلك الذي لم ينل فرصة دراسته في الجامعة، باستطاعته أن يكون خبيراً في التكنولوجيا من خلال البحث والتعلم الرقمي، ومن خلال بحثي، وصلت إلى أمور عديدة، أحببت طرحها ومساعدة النساء بها”.

ومنذ 2018، تمكنت فاطمة من تمكين أكثر من 300 فتاة وامرأة في مجال التكنولوجيا، ومنهن من بدأت مشروعها الشخصي، ومنهن من حصلت على وظائف معنية بالتكنولوجيا في القطاع الخاص، حدث ذلك بواسطة ورش ودورات وندوات كانت فاطمة وما زالت تمنحها للنساء.

وتبين فاطمة في حديثها أنها “واجهت صعوبات كبيرة في بقاء المشروع واستمراره، وفي بداية المشروع كان هناك تهديد شفوي على إنشائي للمنظمة”.

وحصلت فاطمة، على مقعد لها ضمن قائمة الأكثر 100 امرأة تقنية ممن تستحق المشاهدة في العالم لعام 2023 بعد مسيرة مهمة في تكنولوجيا المعلومات، من منظمة “النساء المدونات” الأميركية الدولية.

منظمة “النساء المدونات” الأميركية الدولية أكدت أنها اختارت المائة اسم فقط، ومن ضمنها، العراقية فاطمة، ضمن برنامج رفع مستوى القادة المتنوعين في مجال التكنولوجيا، من خلال التعرف على ابتكاراتهم في خدمة مجتمعاتهم، ونوهت المنظمة بأنها تلقت مئات الآلاف من الأسماء، لكنها اختارت الأسماء الأبرز.

وتؤكد فاطمة، أنها سابقاً، فازت بأول خمس نساء في جوائز التكنولوجيا في العراق لعام 2022. وفازت كأول أفضل خمس نساء مؤثرات بالتكنولوجيا بالعراق من خلال منظمة ريكود لسنة 2023، كما استطاعت التميز كمدربة للمهارات الرقمية في برنامج المليون مبرمج عربي، للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دبي بالإمارات. واستطاعت من خلالها تقديم الكثير من الورش للمهتمين بالمجال الرقمي والتكنولوجي. وفازت بلقب المرأة المثالية من وزارة الداخلية مطلع عام 2024، وتسعى لأن تصبح منظمتها المعنية بدعم النساء، أكبر وأكثر جذباً.

وكالات