ما هي حقيقة بيشمركة روج آفا… ولم تشكلت؟!

      لاقى اللقاء الذي أجرته وكالة أنباء هاوار مع العقيد رياض صلاح الدين حسين، العقيد السابق والمنشق فيما يعرف بـ “بيشمركة روج آفا” صدى واسعاً وبخاصة في الأوساط الإعلامية، وكذلك الرسمية وذلك لكثرة ما روج عن تلك القوات المزعومة، وعددها وعدتها، وماهية دورها واتجاهاتها ودورها، وارتباطها بحقيقة اسمها ودورها في السابق وما هو منوط بها.

العقيد المنشق رياض صلاح الدين كان أحد مؤسسي “بيشمركة روج” يكشف في هذا التقرير عن تفاصيل مجموعات البيشمركة وهدف تشكيلها وكيفية استغلالهم من قبل الدولة التركية وسلطات باشور كردستان لضرب مكتسبات الشعب في روج آفا، ودورها الهدام في خلق حالة احتقان بين أبناء الشعب الكردي في روج آفا، ودورها في اشتباكات خانه صور خير مثال على ذلك.

رياض صلاح الدين حسين من مدينة قامشلو، من اللواء الأول لمجموعات بيشمركة روج وأحد المؤسسين لهذه المجموعات انشق من تلك المجموعات بعد أن اكتشف حقيقتها، حيث يروي رياض خلال لقائه الغاية من فتح معبر حدود سيمالكا في بداية الثورة السورية، وحقيقة ما يجري ضمن صفوف المجموعات التي تسمي نفسها ببيشمركة روج، وعن الجهات التي تدعم تلك المجموعات وحقيقة ما جرى في خانه صور.

من هي بيشمركة روج آفا؟

تشكل هذا الفصيل عام 2012 بطلب من مسعود البرزاني، من أبناء روج آفا بعد اندلاع الثورة السورية، تلقوا تدريبات عسكرية على يد خبراء الاستخبارات التركية في معسكرات بإقليم باشور، وتم تسميتهم باسم “بيشمركة روج آفا”، وتبناهم ما يعرف بالمجلس الوطني الكردي في سوريا ENKS، كما تدعي وزارة البيشمركة في باشور كردستان بأن هذه المجموعات المسلحة تابعة لها.

تتكون مجموعات بيشمركة روج من ثلاثة ألوية تلقت دورات عسكرية، واللواء الأول متدرب على أنواع الأسلحة كافة وعلى الحروب ويعتبر اللواء الذي كان يقوده رياض أحد أهم المجموعات ضمن بيشمركة روج آفا، أما اللواء الثاني والثالث فيضم الشبان التابعين لحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا وأغلبهم من كبار السن بنسبة 93%، يحتوي كل لواء 1250 عنصر أي العدد الكلي”3750 مقاتل” من ضمنهم حوالي 200 عنصر من بيشمركة باشور كردستان. وتتمركز في عين عوير بالقرب من الحدود مع روج آفا.

شروط تشكيل المجموعات وحقيقة معبر سيمالكا

اجتمع رياض حسين وبعض من رفاقه عام 2012 مع قيادات باشور كردستان لتشكيل القوة العسكرية وكان أحد شروط حسين عند تشكيل هذه المجموعات عدم العمل مع الأحزاب السياسية في باشور كردستان أو حتى باقي الأحزاب الأخرى، يقول بهذا الصدد: “في أول اجتماع لتشكيل المجموعة اجتمعنا مع قيادات باشور وكان الشرط الوحيد هو عدم الارتباط مع أي حزب سياسي في باشور والمجلس الوطني الكردي في سوريا بالأخص” ووافقت حكومة باشور على شرطهم”.

وأضاف: “بعد أن تشكلت مجموعات “بيشمركة روج آفا” بدأت سلطات باشور بالترويج لها وفتحت الحدود أمام الشبان لضم أكبر عدد من الشبان لهذه المجموعة، فيما بدأت وقتها السلطات بنشر أكاذيب عن وحدات حماية الشعب والمرأة، وكانت تروج لهذه المجموعة والانضمام إليها، حتى بدأت أحداث كوباني وهجوم مرتزقة داعش عليها. مع بداية تشكيل وحدات حماية الشعب وانضمام الشباب إليها فتح معبر سيمالكا لجلب الشبان إلى باشور وضمهم لمجموعات بيشمركة روج آفا، ولم يكن الغاية من المعبر إنسانية كما ادعت سلطات باشور ولا لحماية سكان روج آفا من ويلات الأزمة فيها”.

مقاومة كوباني وبيشمركة روج آفا

عندما هاجمت مرتزقة داعش كوباني في عام 2014 ظهرت الأكاذيب التي كانت تدعيها سلطات باشور كردستان، حيث المقاومة التي أبدتها وحدات حماية الشعب والمرأة ضد مرتزقة داعش في كوباني أثبتت العكس. تسببت المقاومة في هز عرش سلطات باشور كردستان، يقول العقيد رياض حسين بهذا الشأن: “بعد المقاومة التي أبداها مقاتلو وحدات حماية الشعب والمرأة  في كوباني ظهرت كافة الأكاذيب وأثبتت الوحدات أنها القوة الوحيدة التي بإمكانها أن تحمي أرض روج آفا من إرهاب داعش وغيرها، الأمر أدى إلى انشقاق عدد كبير من صفوف البيشمركة واللجوء إلى روج آفا وهذا الأمر هز عرش سلطات باشور كردستان”.

اعتداء “البيشمركة” على قيادات ENKS واستمرار الانشقاقات

وأكد العقيد رياض أن مجموعات “بيشمركة روج آفا” حاولت الدخول إلى مناطق روج آفا إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا رفض ذلك، وبعد الأحداث في كوباني وعدم قدرة البيشمركة على الدخول إلى روج آفا، والحرب ضد داعش قامت البيشمركة بالاعتداء على بعض القيادات في حزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا عندما حاولوا مرة أخرى الاقتراب منهم فيما الانشقاقات كانت مستمرة ضمن صفوف البيشمركة.

مطالبة التحالف البيشمركة بالعمل تحت قيادة YPG، ومطالبة باشور بالرميلان

التقى حسين في عام 2015 مع قيادات من التحالف الدولي خلال اللقاء طالبت قيادات التحالف منه ومن بعض قيادات “بيشمركة روج آفا” الاستعداد لمساندة وحدات حماية الشعب والمرأة بعد الهجمات التي كانت تشنها مرتزقة داعش على روج آفا، فيما أكد على العمل تحت قيادة وحدات حماية الشعب والمرأة، وأكمل: “وستعمل البيشمركة كأي قوة عسكرية رديفة لوحدات حماية الشعب أي كقوات الصناديد والسوتورو”، ووافق رياض حسين على المقترح، وطالب التحالف من سلطات باشور الاجتماع مع القيادات كافة للاستعداد لمساندة وحدات حماية الشعب والمرأة.

في اجتماع لقيادات بيشمركة باشور كردستان وبيشمركة روج والتحالف الدولي وبعض الأحزاب السياسية في باشور كردستان وكان رياض أيضاً من ضمن هذا الاجتماع، في أول الاجتماع رفضت بيشمركة باشور ووفد من المجلس الوطني الكردي في سوريا المقترح الأمريكي (الدخول بدون أي شروط مسبقة) وطالبت بيشمركة باشور من التحالف الدولي ببلدة “رميلان” النفطية، لكن التحالف رفض المقترح.

وفور انتهاء الاجتماع اعتقلت الاستخبارات التابعة لسلطات باشور كردستان ستة ضباط بينهم رياض حسين وستين عنصراً من بيشمركة روج آفا بتهمة العمالة لأمريكا. والتنسيق مع وحدات حماية الشعب، وتم سجنهم لأربعة أشهر.

“في الاجتماع طالبت سلطة باشور بمدينة رميلان مقابل دخول بيشمركة روج إلى روج آفا” يقول رياض ذلك، ليتضح مرة أخرى أن سلطات باشور كردستان ومنذ بداية الأزمة السورية لم تكن لها أي نية لتدخل من أجل مصلحة الشعب الكردي، بل كان هدفهم الوحيد هو الحصول على الأرض والمال والنفط، فالمطالبة بالرميلان التي تضم عدداً من آبار النفط يوضح هدف سلطات باشور كردستان.

استهداف الـ HPG  وYBŞ بالأسلحة الثقيلة في خانه صور

في أحداث خانه صور في آذار عام 2017 كان رياض حسين يعمل في هولير بعد الخروج من سجن استخبارات باشور كردستان، وكان قيادياً في الفرقة الأولى للأسلحة الثقيلة، بأمر من قيادة البيشمركة في باشور توجهت الفرقة الأولى لبيشمركة روج آفا بأسلحتها الثقيلة للسيطرة على طرق تستعملها بعض الأطراف للتهريب، وكانت تلك الطرق تحت حماية قوات الدفاع الشعبي ووحدات مقاومة شنكال. في الوقت ذاته وصلت الفرق الرمادية الخاصة وبعض الفرق الأخرى التابعة لباشور إلى خطوط التماس مع قوات الدفاع الشعبي ووحدات مقاومة شنكال، وفور وصول تلك الفرق وبخاصة الفرقة الرمادية التي ظهرت في عدة أماكن مع الجيش التركي بدأوا باستهداف نقاط وحدات مقاومة شنكال، ووحدات نساء شنكال، بالأسلحة الثقيلة مما أدى إلى استشهاد عدد من مقاتلي قوات الدفاع الشعبي ووحدات مقاومة شنكال، وفي رد مشروع لوحدات حماية شنكال ووحدات نساء شنكال وقوات الدفاع الشعبي، قتل العشرات من عناصر البيشمركة والفرق الرمادية، ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعلن عن مقتل بيشمركته.

وتعليقاً على المناوشات التي حصلت بين وحدات حماية الشعب وبيشمركة روج  آفا؛ قال رياض حسين: “لم يكن الهدف هو وقف المساعدات عن أهالي شنكال فقط، بل كان لاستهداف وحدات حماية الشعب بسلاح بيشمركة روج آفا كي يتسببوا بفتنة بين الطرفين، لتقوم سلطات باشور باعتقالهم الذين رفضوا الاشتباك ودخلوا إلى سجون هولير”.

سلطات الإقليم لا تثق بيبشمركة روج، وتركيا هي من ترعاها وتدعمها:

تعمل مجموعات بيشمركة روج تحت قيادة بيشمركة باشور كردستان، أي أن الأوامر التي تصدر هي ليست من بيشمركة روج، فقائد اللواء هو من باشور كردستان وآمري الأفواج من باشور وحتى الآن لم تتمكن تلك المجموعات من عزل نفسها عن أوامر قيادات بيشمركة باشور، القيادي الوحيد في بيشمركة روج العقيد رياض وهو أيضاً اعتقل على يد الاستخبارات كما ذكرنا في بداية التقرير كي تستلم بيشمركة باشور كامل القيادة والسبب هو عدم الثقة ببيشمركة روج حسب ما ذكره العقيد رياض.

وفي عدة تقارير في وقت سابق نشرتها وكالة أنباء هاوار عن تلقي دعم مجموعات بيشمركة روج من الدولة التركية بالتنسيق مع سلطات إقليم باشور كردستان، رياض قال بصددها ” كانت هنالك جهات عدة تزور البيشمركة، وكانت تركيا تزور المجموعات بشكل علني، وكانت بعض الجهات تشارك في التدريبات التي كانت تتلقاها المجموعات، ادعت قيادات باشور بأنهم من التحالف الدولي، لكنني أؤكد أن تلك الوفود لم تكن من التحالف الدولي، بل كانت تركيا”.

ليست قوة مؤهلة لدخول روج آفا ولن تدخلها

بعد كل محاولات رياض حسين لتغيير الواقع عبر تغيّر مسار بيشمركة روج آفا حسب قوله أدرك أن تلك القوة لم ولن تتمكن من الدخول إلى أراضي روج آفا، لمساندة وحدات حماية الشعب والمرأة، لأنها قوة تعمل حسب ما تفرضه سياسة باشور كردستان، وسياستهم تلك ضد وحدات حماية الشعب، يقول حسين بهذا الصدد: “أعلم أن تلك القوات لن تتمكن من الدخول إلى روج آفا بسبب سياسة باشور كردستان، بل على عكس ذلك، باشور تقوم بالأساليب كافة وتحرض البيشمركة ضد وحدات حماية الشعب والمرأة بأكاذيب بعيدة عن واقع المنطقة الحقيقي”.

وأضاف: “دخول بيشمركة روج آفا إلى روج آفا سيبقى حلماً لهم، لأن التاريخ سيلعنهم وحتى أهلنا في روج آفا سيحاسبونهم على صمتهم تجاه ما يجري فيها، وقد تسببوا في الكثير من الأوجاع والمتاعب والمشاكل بحق وحدات حماية الشعب والمرأة الذين حموا أرضهم وعرضهم ووجودهم، وهم في أحضان نظام باشور”.

واستطرد: “في الحقيقة لم أرَ خلال انضمامي لمجموعات بيشمركة روج آفا حقيقة الهدف من تشكليها، حبستني الاستخبارات ولم تكن أي قيمة لبيشمركة روج آفا في باشور كردستان، بل كنا فقط من أجل أن يفرض باشور سياسته على قيادة روج آفا، وان تستخدمنا كورقة ضغط ومساومة لا أكثر”.

قوة الوحدات في روج آفا دفعتني للجوء والانضمام

قرر رياض حسين بعد عدة سنوات من المعاناة ضمن بيشمركة روج آفا وبعد سماعه بالتضحيات التي تقوم بها وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات الدفاع الذاتي اللجوء إلى روج آفا والانضمام لقوات الدفاع الذاتي ويقول في ذلك: “تأثرت كثيراً بوحدات حماية الشعب والمرأة وقوات الدفاع الذاتي بعد التضحيات التي قدموها في سبيل حماية الأرض والعرض ورغم أن تلك القوات تشكلت منذ سنوات قليلة، إلا أنها تتمتع بانضباطية وروح قتالية تعجز عنها الكلمات، وأثبتوا ذلك في كوباني والرقة وباقي المناطق الأخرى عندما حاربوا أكبر مجاميع المرتزقة”.

العقيد رياض حسين أضاف في نهاية حديثه: “أؤكد للجميع أن ادعاءات سلطات باشور كردستان كانت كاذبة وليس لها أي علاقة بالحقيقة، وهنالك الكثير من البيشمركة الذين أتواصل معهم وسينضم الكثير منهم لقوات الدفاع الذاتي خلال الدورات القادمة، وأناشد مجموعات بيشمركة روج آفا بالعودة إلى ديارهم ومحاربة الإرهاب والمجموعات الأخرى التي تحاول ضرب مكتسبات الكرد”.