لم تؤثر فيها أهوال الحياة.. وضحّت لإعالة أسرتها

تقرير/ رشا علي-

روناهي/ قامشلو- تعيل أسرتها منذ ما يقارب 24عاماً بقوة وصمود امرأة لا تعرف الاستسلام، ورغم كل الصعوبات التي اعترضت طريقها, بقيت السند الوحيد والثابت لأطفالها

خياطة الملابس واحدة من المهن القديمة, وذات صيت طيب في كافة المجتمعات, حيث يعمل بها النساء أكثر من الرجال, فهذه المهنة برغم بساطتها إلا أنها تحتاج لمهارات عالية وصبر ودقة, وتلعب الخبرة فيها دوراً كبيراً لجذب الزبائن، وعن هذه المهنة وشجونها ومتطلباتها, والتي أصبحت مصدر رزق لعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص، تحدثت لصحيفتنا “روناهي”؛ “بروين خليل داود” خياطة ومن سكان مدينة قامشلو, بالغة من العمر 48 عاماً, التي واظبت على ممارسة هذه المهنة منذ ثلاثة عقود مضت, وقالت بأنها تعشق هذه المهنة ولا تستطيع الاستغناء عنها, لكونها العمل الأساسي التي تمسكت به لإعالة أسرتها.

السفر لأجل العمل..

وبسبب ظروفها المادية الصعبة وقلة العمل, أجبرت بروين للسفر إلى بيروت عاصمة لبنان, والعمل هناك لمدة سبع سنوات في مهنة الخياطة, لأجل تأمين حياة كريمة لأولادها، فأشارت بهذا الخصوص: “أجبرت على السفر خارج بلدي لإعالة أطفالي، ومارست عملي في لبنان كخياطة ولم أستسلم للظروف التي اعترضتني, وقبل سنة واحدة عدت إلى مدينتي قامشلو، وانتقلت للعمل في هذا المحل مناصفةً مع صاحبه، ويوفر عملي في هذا المحل كل ما تحتاجه أسرتي من مصروف وأجار منزلي”.

في الساعة الثامنة صباحاً, تقوم بروين بفتح أبواب محلها الكائن على طريق عامودا جانب صيدلية جوهر لاستقبال الزبائن, وتتفق معهم على الأسعار والتصاميم المراد تفصيلها وخياطتها, وفي الساعة الثالثة بعد الظهر تغلقه, لتعود إلى المنزل بعد ساعات طويلة من العمل والجهد والمثابرة.

إعالة البيت لوحدها..

تعمل بروين في محل الخياطة مناصفةً مع صاحبه, وكل ما تكسبه من عملها تقدمه لإعالة أسرتها المؤلفة من أربعة أولاد تحمل مسؤوليتهم لوحدها منذ ما يقارب ٢٤ سنة، أي بعد انفصالها عن زوجها.

بعد سنين طويلة كبر أولادها, وباتوا يقدمون المساعدة لها، حيث تزوجت ابنتاها وابنها الكبير, أما ابنها الصغير الذي يبلغ من العمر 20 عاماً فهو منضم لصفوف وحدات حماية الشعب, وإحدى بناتها المتزوجات تساعدها في عملها بالمحل, فتتحدث مبتسمةً والأمل بادٍ في عينيها: “لقد كبر أولادي ومنهم من يساعدني ويساندني، وابنتي المتزوجة تساعدني في العمل”.

معوقات جمة..

ومن الصعوبات والمعوقات التي واجهت بروين, عدم وجود أي أحد يقدم لها يد المساعدة في تربية أطفالها منذ البداية وإلى وقنتا الحاضر، فضحت كثيراً في حياتها لتأمين حياة كريمة لهم, فقامت بدور الأم والأب معاً في أسرتها.

وعن الصعوبات التي تواجهها في عملها أضافت بروين: “عملي متعب جداً خاصةً للعين، لم أعد أرى جيداً بعيني اليسرى فقمت بوضع النظارات الطبية, وظهري وركبتي تؤلمانني بسبب ممارسة هذا العمل منذ سنوات”.

عند وجود الإرادة والعزيمة, تستطيع المرأة العمل أكثر من طاقتها, وتحمل أعباء الأسرة لوحدها في حال عدم وجود أحد يساعدها في ذلك، فتعمل بكامل طاقتها ولا تنحني لأي أحد.

وفي ختام حديثها وجهت بروين رسالة لجميع النساء: “أطلب من كل امرأة تعلم الصبر والإصرار, وعدم الانحناء لأيٍّ كان، والشعور بروح المسؤولية والثقة بالنفس لتعلو سمواً في الطموح والأفكار, بالإضافة إلى المبادرة والمواظبة والرغبة الكامنة في العمل والإنجاز, متى ما طلب منها، وأن لا تستسلم مهما واجهت من صعوبات الزمن، لأن المرأة قوية جداً ولكن لا تعلم مدى قوتها”.