سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لماذا أحبّ نزارًا؟

القس جوزيف إيليا_

قلة من الشعراء، الذين استطاعوا أن يمهروا سيرة الشعر الحديث بخاتم الديمومة والاستمرارية، وإجادة الألفاظ والتراكيب والصور الشعرية المعبرة الأصيلة، والتربّع في ميدان الحضور الشعري الإلقائي المميّز، كما عند الشاعر الدمشقي نزار قباني.
وذلك لم يكن عبثاً، أو أتى من فراغ، بل اجتمعت عند نزار عناصرُ أساسيّةٌ مهمّةٌ جعلته مميزا وبكلمة شاعرية فريدة تفرد بشهرة واسعة عند شعراء العصر الحديث، والّتي حاز بها بمنزلة واسعة عند غيره من الشّعراء، وقد وُصف قديمًا المتنبيّ أنه مالئ الدنيا وشاغل الناس، لتفرده بالكلمة المتينة، والصور المبدعة، وبالبلاغة المعبرة، ولتفرده بإجادة القاعدة النحوية العريقة، التي شغل تحليلها أدمغة النحويين، وهكذا كان نزار قباني في العصر الحديث من الشعر، إذ بلغ شهرة واسعة عند الأقوام الناطقة بالضاد، وغيرها من دول العالم؛ فبلغ شهرة عالمية بالمعنى الفريد، وحسن أجادة الصور الشعرية المعبرة، فكما حدث للمتنبي من جدال حول شاعريته، وتفرده بين شعراء العصر العباسي، بين حاسد ورافض، ومؤيد له؛ كذلك الحال عند الشعر نزار قباني.
أمّا فيما يتعلق بعنوان المقال هذا، لماذا أحبّ نزارًا؟
فالإجابة عليه تتضمّن أسباباً عدة أراها موضوعيّةً، وأراها تليق بالشاعر الفذ نزار قباني، لأنه امتلك زمام اللفظ والكلمة الرقيقة الصادقة المعبرة عما يجول في خاطر كثير من البشر بالسحر اللفظي العاشق والمحب اللطيف، سأحاول الوقوف عندها في مقالي هذا.
وتأتي في مقدّمة هذه الأسباب: هويّة الرّجل السّوريّة، فلقد كان سوريًّا أصيلًا، لم يتنصّل من سورّيته، ولم يخنها، ولا استبدلها بسواها، وظلّ وفيًّا أمينًا لكلّ ما يتّصل بها، مفتخرًا أشدّ الفخر بوطنه وتاريخه.
وهو، وإن كان قد تنقّل كثيرًا هنا وهناك، وعاش في بلادٍ مختلفةٍ، إلّا أنّه كان أسير عشق سوريّا، لم يستطع الفكاك منه، ولا القفز فوقه، وظلّت جغرافيّة سوريّا بارزةً واضحة المعالم في العديد من قصائده، ونثريّاته، وأحاديثه، إلى أن احتضنه ترابها الطّاهر بعد الرحيل الأبدي.
ومن هذا الفضل السوري في شاعريته، التي حازت بجل قصائده، قصيدته الطويلة عن الشام التي يقول فيها:
آهِ يا شامُ كيف أشرحُ ما بي
وأنا فيكِ دائمًا مسكونُ؟
يا دمشقُ الّتي تفشّى شذاها
تحت جلْدي كأنّه الزّيزفونُ
شامُ يا شامُ يا أميرةَ حبّي
كيف ينسى غرامَه المجنونُ؟
وتأتي محبتي لنزار ولشاعريته كذلك؛ لأنّه أبى أن يكون ماضويًّا سلفيّ النّهج، رجعيّ التّفكير، بل تألق في إجادة استحضار الماضي، وألبسه عباءة الحداثة والرمزية، فألقى في المياه الراكدة حجارة التغيير والتحديث، والجدة والانفتاح على المعاني المعاصرة وروح الحضارة، مهملا عناصر التخلف والرجعية، والتقوقع وراء اللفظ الخجل، رافضا الخرافات المجتمعية، التي بُليت، وأبلت معها مجتمع الحضارة، فكان فارس اللفظ، وسيف الكلمة الحاد، ورمح الصورة الشعرية الأخاذة اللطيفة، التي حارب بتلك الأسلحة فتون الجهل، والتخلف، وما عاب المجتمع، وأخّره عن ركب الحضارة، فكان بلا منازع شاعر الإحساس النبيل، الذي يدعو إلى التقدم نحو الحياة الجميلة، التي عنوانها الحب والعشق والغرام وراء الكلمات.
 وإيمانًا منه بأنّ الشّاعر لا يمكن أن يكون شاعرًا حقيقيًّا ورؤاه الفكريّة صدئةٌ عتيقةٌ شائخةٌ، تحيط بها العفونة من كلّ جانبٍ، وقد قال في هذا المضمار الكثير الكثير، لكن تبقى قصيدته الشّهيرة (خبزٌ، وقمرٌ، وحشيشٌ) والّتي أثارت حوله الزّوابع والعواصف، حينما أطلقها هي الأهمّ، والأجرأ في وقتٍ كانت تهيمن عليه روح الاستكانة، والخضوع للمأثور والمألوف، وما هو معلَّبٌ من التّوجّهات حيث قال فيها:
في بلادي
في بلاد البسطاء
حيث نجتر التواشيح الطويلة
ذلك السِّلُّ الذي يفتك بالشرق
التواشيح الطويلة
شرقنا المجتر… تاريخاً
وأحلاماً كسولة
وخرافاتٍ خوالي
شرقنا الباحث عن كل بطولة
في أبي زيد الهلالي
هذا ولم يكتفِ شاعرنا بهاتين النقطتين، وإنّما رأيناه يتطرّق بكفاءةٍ عاليةٍ، وحماسةٍ قلّ نظيرها إلى مواضيعَ عديدةٍ مختلفةٍ ساخنةٍ، فلم يترك قضيّةً من القضايا الوجوديّة، والّتي تحظى باهتمام العامّة والخاصّة على السّواء إلّا وعرض لها بقوّةٍ في شعره بشكلٍ واضحٍ مباشرٍ بعيدًا عن التّورية والتّرميز، وبلغةٍ لا يُعصى فهمها على أحدٍ، ومخطئٌ كلّ الخطأ من يحشره في زاوية التّشبيب، والغزل، وإن جاءت شهرته الواسعة في البداية من ورائهما، وبفضلهما، لكنّه بالإضافة إليهما فقد اتّسعت دوائر اهتمامه لجميع الأمور السّياسيّة، والاجتماعيّة، والدّينيّة، والفكريّة؛ فهو لذلك يعدّ شاعرًا ابن بيئته، ولحظته شاملًا لا تفوته مناسبةٌ، ولا تخفى عليه خافيةٌ، ولا يستنكف عن تناول أيّ غرضٍ من الأغراض، مهما كان حسّاسًا أو مثيرًا للّغط، والجدل، والدّهشة.
نعم هذا هو الشّاعر الحقيقيّ، الّذي يعيش تفاصيل واقعه، ولا يغلق على نفسه الأبواب، والنّوافذ، وفي جوٍ معتمٍ يغوص كاتبًا طلاسمَ وألغازًا لا يفهمها هو نفسه، فكيف بالقارىء المسكين المبتلى بهذا النّوع من الشّعراء، الّذين أبعدوا النّاس عن الشّعر، وأبعدوا الشّعر عن النّاس، فانحسر متذوّقوه، وقلّ متابعوه.
ولعلي أدعو من بين الداعين، أن يعود الشعر قويا كمان كان في الماضي، يشرح تفاصيل الحياة، ويتغزل غزلا عذريا لطيفا، يرفع منزلة المرأة المحبة، التي تكون مفصل الحياة، وأن يكون الشاعر معبرا عن لسان قومة، وإعلاميا فذا مدافعا عن كل جميل، وكل حسن في المجتمع الحضاري المثقف، رافضا المعاني السلبية والمتخلفة، التي أرهقت كاهل المجتمعات، وأبعدت الناس عن كل ما يليق بإنسانيتهم، وبثرائهم اللغوي الفذ، المعبر القوي، والرصين المتين، وأن يكون شاملا لفئات المجتمع كلها، وأن يكون عموميا معبرا عن حال طبقات الحياة كلها، وهذا ما أجاده الشاعر نزار، بل وبرع فيه.
وإنّي أحبّ نزارًا؛ لأنه تحرّر من سجون اللفظ والوزن، وألا يبقى مغردا بسجن الكلمات المتينة، التي تعج بها قواميس اللغة الفريدة، التي قيلت زمن الجاهلية، وامتداداتها؛ بل سعى إلى إيجاد قاموس بسيط للفظ الكلمات، وسهولة المعاني، وتبسيط التشابيه، وبلوغ المحسنات البديعية، واللفظية، وحسن الاستعارات، والكنايات، والبيان والبديع، كل ذلك طيعها لفنون اللغة العربية، فقدمها بلغة سهلة بسيطة، بعيدة عن الغموض والغرابة، والموغلة في الرمزية.
وبهذا الفهم والإدراك لماهية الشاعرية عند نزار، يكون قد بلغ السمو في الشعر الحديث؛ لبساطة العرض وقوة المعنى، وجزالة الأسلوب، بعيدا عن الغرابة والغموض، وبذلك تميز القباني، ومن ذلك ما أجاد في قصيدة له:
حزيران، ما الذي فعل الشعر؟           
وما الذي أعطـى لنا الشعراء؟
الدواوين في يدينا طـروحٌ       
  والتعـابير كـلها إنـشاء
كـل عامٍ نأتي لسوق عكاظٍ   
 وعـلينا العمائم الخضـراء
ويزداد حبّي له ويتعاظم، وأنا أراه جبّار بأس، وبطلًا مغوارًا، لا يحني جبينًا لطاغيةٍ، ولا يمشي في طريق مستبِدٍّ، ولا يصفّق لدكتاتورٍ، ولا يروّج لا للّون واحد، ولا الفكر الواحد، ولا الصّوت الواحد.
وقصائده الجريئة كثيرةٌ حول هذا الأمر، ومما قاله ساخرًا بحكّامٍ طواغيت نرجسيّين، ابتليت الشّعوب بهم، وضاقت بأهوائهم، وقد رأوا أنفسهم آلهةً تحيي وتميت، وتمرض وتشفي، وترفع وتُهبط، وترسل أقوامًا إلى الجحيم، يتعذّبون بها وأقوامًا إلى النّعيم يجدون هناءهم فيه، في قصيدته “السّيرة الذّاتيّة لسيّافٍ عربيٍّ”:
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
وإنّي أحبّ نزارًا كذلك؛ لأنّه كان واقعيًّا بصيرًا لا يخدع الناس بالخطابات الفارغة الجوفاء، وهو يرى حال الأمّة تسير من سيّءٍ إلى أسوأ، وتخرج من هزيمةٍ لتسقط في أخرى، مرجِعًا جميع ذلك إلى انغماسها فيما لا يقدم ولا يؤخر، وعدم أخذها بأسباب الحداثة، والتّقدّم وركونها إلى الخرافات، والجري وراء الغيبيّات محمِّلًا إيّاها السّبب في كلّ هذا الخراب، الّذي وصلت إليه وهذا الدّمار المحيط بها من كلّ جانبٍ، فقام ممتشقا اللفظ والشعر يفضح أسباب تخلف الأمم:
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
أمّا المرأة عند نزار فهي الحبيبة المقدسة، الغزلة اللطيفة الحسناء الموردة، التي تتفرد بهويتها، وأنوثتها، وتميزها بالجمال والرفعة، مصورها بغزل يشرح الجمال فيها، بعيدا عن الابتذال والتصنع، وجعلها حرة مرافقة للرجل في صنع الحياة، غير مغلقة عليها الأبواب والغرف، ورفض من كبلوها بسور العورة والستر والحشمة، بل أنها قائدة المجتمع والحضارة، وحصولها على طموحاتها النبيلة، وفق ما أنشأتها الطبيعة والحياة و الأديان.
 فاستمع إليه، فما أنضجه وأوعاه وأنقاه! وهو يحثّ المرأة على ضرورة الثّورة ضدّ استعبادها في جعلها جاريةً، أو سبيّةً في بلاط الذّكورة قائلًا:
ثُوري! أحبّكِ أن تثُوري
ثُوري على شرق السبايا والتكايا والبخُورِ
ثُوري على التاريخ، وانتصري على الوهم الكبيرِ
لا ترهبي أحداً فإن الشمس مقبرةُ النسورِ
ولقد أحببت نزارًا لأنّه لم يفعل ما فعله بعض رفقائه من شعراء الحداثة، الّذين هجروا القصيدة العموديّة هجرانًا تامًّا كاملًا من غير رجعةٍ، بل ظلّ أمينًا وفيًّا لها، ولإيقاعاتها الخليليّة، مع أنّه قد برع كلّ البراعة في كتابة قصيدة التّفعيلة، والنّثر.
لتلك التي تميز بها الشاعر نزار قباني أحببته شاعرًا، وأديبًا، ومفكّرًا، وأستاذًا، فظلت قصائده مغناة بشفاه المحبين والعاشقين، ومحبي الأوطان على مر الزمن، فهي خالدة خلود الشمس والطبيعة، فليظلّله المكان الّذي آل إليه بعد رحيله بسعادةٍ لا تنتهي، كما أسعدنا هو في المكان، الّذي ما زلنا قائمين فيه، إلى أن نلحق به يومًا ما.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle