لا تكن شريكاً.. ولنتساعد جميعاً في تفادي كارثة محتملة

تقرير/ جوان محمد –

---

روناهي/ قامشلو ـ أعلنت هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا عن ظهور أربعة إصابات بفيروس كورونا، ثلاثة منها بقامشلو وواحدة في الحسكة، وجاء ذلك بسبب عدم تعاون المواطنين القادمين من دمشق مع الجهات المختصة ناهيك عن دور الحكومة السورية التي ترفض التعاون مع الإدارة وبالتالي المساهمة في دخول فيروس كورونا إلى مناطق الإدارة الذاتية

وكانت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا بدأت بتطبيق الحظر الكلي في مناطقها منذ 23/3/2020، وبعدها فك الحظر جزئياً ليتم رفعه بشكلٍ كلي في منتصف شهر حزيران الماضي، وبعد ظهور حالات في كل من قامشلو والحسكة اتخذت الإدارة تدابير جديدة بخصوص وضع حد لتفشي فيروس كورونا، ولكن ما يظهر جلياً خلال هذه الظروف هو أن هناك من يساهم في انتشار هذا الوباء في مناطق شمال وشرق سوريا وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على عداء تلك الجهات للمشروع الديمقراطي في المنطقة واستهداف الانتصارات التي حققها أبناء المنطقة ضمن الإدارة الذاتية، فالحكومة السورية لم تغلق المجال الجوي أبداً مع مدينة قامشلو رغم انتشار الفيروس بشكل كبير في دمشق وريفها والعديد من المناطق الخاضعة لسيطرته.

وصل عدد الإصابات بفيروس كورونا في مناطق الحكومة السورية حتى صباح يوم الأحد 26 تموز الجاري إلى 627 حالة، شفي منها 191 مصاب وتوفي 36 مصاب.

الاستهتار بسلامة المواطنين مقابل حفنة نقود

ومع قدوم المواطنين من دمشق عبر مطار قامشلو وتهريبهم عبر مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية مثل حي الطي وعدم تسليم أنفسهم للجهات الصحية العاملة في الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم الجزيرة، بغرض الإبقاء عليهم في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً.

تهريب المواطنين لمنع إخضاعهم للحجر الصحي عمل منافٍ للأخلاق ولعب دوراً كبيراً في ظهور حالات جديدة في مناطق الإدارة الذاتية مثل قامشلو والحسكة، ناهيك عن عدم تعاون الحكومة السورية التي استهترت منذ البداية بهذا الفيروس والذي أدى بالنهاية إلى زيادة عدد المصابين بشكلٍ كبير في سوريا وتفشي الفيروس في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرته منذ حوالي شهر من الآن. وأكثر ما لعب دوراً في وصول الفيروس إلى سوريا وانتشاره فيها كان استقبال الرحلات الجوية من بلدان تتفاقم فيها أزمة فيروس كورونا، مثل الهند وإيران، وكذلك فتح المعابر مع الأردن ودول أخرى، هذا عدا قدوم الكثيرين بطرق غير شرعية وتغاضي الحكومة السورية عنهم مقابل أخذ الرشوة منهم كما يحصل في مطار قامشلو، ويقوم عناصر الحكومة السورية وقوات تابعة لها مثل “الدفاع الوطني” بتهريب المواطنين عبر حي الطي مقابل مبالغ مالية، ضاربين عرض الحائط سلامة المواطنين مقابل حفنة من النقود.

هنا المواطن يقع شريكاً في نشر الفيروس والكارثة التي قد تؤدي بالمنطقة نحو الهلاك الكامل، حيث يقابل تعرض المواطنين لانتشار فيروس كورنا إغلاق المعابر الحدودية خاصة في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية وعدم إيصال المساعدات الإنسانية بعد تقويض روسيا والصين لمشروع قرار يتيح إدخال مساعدات عبر معبر تل كوجر/اليعربية، وذلك باستخدام حق النقض “الفيتو”، وتمت الموافقة على فتح معبر باب الهوى كمعبر وحيد لدخول المساعدات عن طريق أراضي تركية وباتجاه المناطق المُحتلة التي تسيطر عليها دولة الاحتلال التركي ومُرتزقتها.

إن الإمكانيات الطبية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا محدودة وغير قادرة على صد الفيروس إذا انتشر بشكلٍ كبير، فمن المعلوم أن دول مثل أمريكا وإسبانيا وإيطاليا أعلنت الاستسلام لهذا الفيروس فكيف للإدارة الذاتية والتي تتعرض للهجمات ليلاً نهاراً من دولة الاحتلال التركي ومرتزقته، ولا تلقى أي دعم يستحق الذكر أو تعاون دولي بخصوص المساعدات الطبية، باستثناء حكومة إقليم كردستان والتي قدمت أجهزة (PCR) الخاص بالكشف عن فيروس كورونا (كوفيد – 19).

الأنانية ستؤدي إلى كارثة لا يحمد عقباها

نؤكد على المواطنين ضرورة التعاون مع الجهات المختصة في سبيل تحجيم انتشار فيروس كورونا في مناطقنا، فبحسب الهلال الأحمر الكردي هناك 88 حالة مخالطة مع المصابين أغلبها في قامشلو وهذه المحصلة حتى إعدادنا لهذا التقرير، مما قد ينذر بارتفاع حالات الإصابة، رغم عدم ظهور أي أعراض على هؤلاء المخالطين ولكن قد تظهر عليهم الحالات فيما بعد، والتعاون الكبير يأتي ممن القادمين عبر مطار دمشق إلى مطار قامشلو فعليهم الخضوع للحجر الصحي، وإلا سوف نوجه مناطقنا نحو كارثة لا أحد سيستطيع السيطرة عليها.

وفي هذا السياق دعا المواطن سيبان علي من الحي الغربي في قامشلو، والذي يبلغ من العمر 26 عاماً وهو صاحب محل لبيع ألعاب الأطفال، أبناء المناطق في شمال وشرق سوريا إلى الالتزام بقرارات الإدارة الذاتية وعدم التوجه والمشاركة في التجمعات وتطبيق التباعد الاجتماعي، ونصح بتعقيم اليدين وعلى وجه الخصوص ممن هم أصحاب المحلات والذين لديهم تعامل كبير مع مختلف المواطنين القادمين من القرى والريف.

وأكد سيبان على الدور الكبير للمواطنين في درء تفشي كورونا وخاصةً القادمين من خارج مناطق الإدارة الذاتية ووجوب مراجعتهم لمراكز الحجر الصحي لإخضاعهم للحجر لمدة 14 يوماً، كي لا نواجه خطر انتشار فيروس كورونا بشكل أكثر في مناطقنا.

وبخصوص ذلك اتخذت الإدارة الذاتية مؤخراً سلسلة من الإجراءات عبر قرار حمل الرقم 85

وجاء فيه ما يلي:

1ـ تغلق كافة المعابر الحدودية اعتباراً من صباح يوم الجمعة الواقع في 24-7-2020 بشكل كامل.

2- تخضع للحجر الصحي لمدة 14 يوماً،أي حالة إنسانية تدخل إلى مناطق الإدارة الذاتية اعتباراً من تاريخ 24-7-2020.

3- يمنع إدخال جنازات الموتى بسبب جائحة كورنا إلى مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا .

4- تمنع التجمعات والاحتفالات والأعراس وخيم العزاء حفاظاً على الصحة العامة.

5- تمنع الصلوات الجماعية في دور العبادة كافةً حفاظاً على الصحة العامة حتى إشعار آخر.

6- يقتصر عمل المطاعم على تلبية الطلبات الخارجية فقط.

7- يطلب من الجميع في شمال وشرق سوريا، الالتزام بقواعد الوقاية الصحية والتباعد الاجتماعي في كافة الأمكنة (أماكن العمل – الأماكن العامة).

8- يطلب من المؤسسات المختصة في المعابر اتخاذ الإجراءات الصحية المشددة على المعابر (البضائع – الأشخاص).

9- مدة هذا القرار 15 يوماً اعتباراً من تاريخ نشره.

وضمن التدابير الاحترازية التي اتخذتها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وخلية الأزمة التي شُكلت في 15 آذار الماضي لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي اجتاح معظم دول العالم، جهزت الإدارة الذاتية تسعة مراكز للحجر الصحي في مناطق شمال وشرق سوريا.

ومراكز الحجر الصحي التي شُيدت من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا موزعة في  كافة المناطق، أربعة منها في إقليم الجزيرة والباقي في كوباني والرقة والطبقة ومنبج ودير الزور، وهي بعيدة عن المناطق السكنية، ومجهزة بشكل كامل بالأسرّة والمعدات الأولية.

كما شكلت هيئة الصحة فرق إسعاف في كافة مدن ونواحي شمال وشرق سوريا، وهي مؤلفة من سيارات وكوادر طبية مجهزة بلباس ميداني، بالإضافة إلى تخصيص أرقام طوارئ لاستقبال الحالات المشتبه بها، وخلية أزمة تتواصل مع كافة المراكز الطبية على مدار 24 ساعة، وفرق مداهمة مهمتها التدخل بشكل عاجل وإسعافي في حال الاشتباه بأي حالة إصابة بفيروس كورونا، وإذا دعت الحاجة إلى التدخل، يتم نقل المصاب إلى مراكز الاستقبال في المدن ومهمتها الكشف على المصاب، وبعد التأكد من إصابته بفيروس كورونا يتم نقله إلى مركز الحجر الصحي أو المنزل بحسب درجة الإصابة.

وبتاريخ 22/3/2020، تم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في سوريا بحسب وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية، بينما بتاريخ 29/3/2020، أعلنت نفس الوزارة عن وفاة امرأة فور دخولها للمشفى بحالة إسعافية وبعد إجراء الاختبار لها تبين بأنها حاملة لفيروس كورونا.

بينما في مناطق الإدارة الذاتية فقد أعلن عن أول حالة وفاة بفيروس كورونا بالمشفى الوطني بقامشلو، وكانت لرجل مسن من الحسكة عمره 53 سنة وسط تكتم الحكومة السورية ومنظمة الصحة العالمية عليها، وأصدرت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية بياناً حينها إلى الرأي العام أشارت فيه بأن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن وفاة شخص من أهالي الحسكة يبلغ من العمر 53 عاماً بفيروس كورنا، وذلك في المشفى الوطني التابعة للحكومة السورية بمدينة قامشلو، منوهةً بأن المنظمة قالت في تقريرها أن “هذا الشخص أصيب بالمرض بتاريخ 22 آذار المنصرم وأدخل إلى مشفى خاص، وفي 27 آذار أحيل إلى المشفى الوطني في قامشلو”، وأرسلت عينة المريض إلى دمشق بتاريخ 29 آذار، وتوفي المريض بتاريخ الثاني من شهر نيسان الماضي، وتبين فيما بعد من نتائج التحاليل أنه كان مصاب الفيروس.

وبتاريخ 29/4/2020، تم الإعلان عن إصابة زوجين من الحسكة بفيروس كورونا بحسب هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا. وبتاريخ 20/5/2020، أعلنت هيئة الصحة في إقليم الجزيرة عن خلو مناطق الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة من فيروس كورونا بعد تماثل الحالتين للشفاء.

وبتاريخ 16/6/2020، تم رفع الحظر بشكلٍ كامل عن مناطق شمال وشرق سوريا مع الإبقاء على إغلاق المعابر باستثناء معبري التايهة والطبقة وهي لحالات المرض والطلاب، وذلك بموجب القرار 63.

بإمكانات بسيطة تسعى للحد من انتشار الفيروس..

بعد تفشي الفيروس مجدداً في مناطق خاضعة للحكومة السورية ودول الجوار وبتاريخ 5/7/2020 اتخذت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا جملة من التدابير للحد من انتشار فيروس كورونا، وشددت على الحفاظ على التباعد الاجتماعي وإغلاق كافة المعابر الحدودية اعتباراً 13- 7- 2020 وبشكل كامل، وكذلك بأن أي حالة إنسانية تدخل إلى مناطق الإدارة الذاتية ستخضع للحجر الصحي لمدة /14/ يوماً، كما منعت إدخال جنازات الموتى بسبب جائحة كورونا إلى مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ودعت إلى الحفاظ على التباعد الاجتماعي في (دور العبادة ـ خيم العزاء ـ الأعراس ـ الاجتماعات الكبرى)، واستثني وقتها الطلاب، إلى حين انتهاء فترة الامتحانات، مع اتخاذ الاحتياطات الطبية والإجراءات الصحية اللازمة.

والسبب في ظهور الفيروس في مناطقنا كان كما ذكرنا آنفاً ضمن سياق تقريرنا هذا بأن تفشي فيروس كورنا في دمشق وريفها ومناطق أخرى خاضعة للحكومة السورية ومع قدوم الطلاب والمواطنين الذين يقومون بزيارة دمشق بغرض العلاج والعودة بدون إخضاعهم من قبل الحكومة لا في الذهاب ولا الإياب للحجر الصحي، وتهريب بعضهم عبر أحياء خاضعة للحكومة السورية مثل حي الطي إلى الأحياء الأخرى بقامشلو، نتيجةً لكل هذه الأسباب ظهرت حالات جديد بفيروس كورونا بإقليم الجزيرة، وأكد ذلك بتاريخ 24/7/2020، الرئيس المشترك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا جوان مصطفى، وأشار أيضاً إلى أن الإمكانات الطبية في المنطقة ستمكنهم من التصدي لانتشار فيروس كورونا إلى مستوى معين.

وأضاف في تصريحات إعلامية أن التحضيرات والإمكانات الطبية في مناطق شمال وشرق سوريا، لا تضاهي الدول في هذا المجال ولكنها “ستمكنهم إلى مستوى معين” من التصدي لفيروس كورونا.

وكشف “مصطفى” عن أن الحالات الأربعة التي تم تسجيلها بفيروس كورونا هي لامرأتين وشاب من قامشلو، وامرأة واحدة من الحسكة، وأنهم يخضعون للحجر المنزلي فقط.

وأضاف أن حالة المصابين الأربعة الصحية “لا بأس بها”، ولا يعانون من أعراض متقدمة، كما لا تستدعي حالتهم نقلهم إلى مراكز المعالجة.

وهنا نذكر بأن شمال وشرق سوريا شهد ارتفاع أعداد الإصابات بالفيروس إلى ستة إصابات منذ الإعلان عن إصابتين خلال شهر نيسان الفائت.

دور المواطن يكون باتباع سبل الوقاية، وفي حال كان عائداً من دمشق أو عبر طرق تهريب من باشور كردستان عليه مراجعة الجهات المختصة في شمال وشرق سوريا، بغرض إخضاعه للحجر الصحي، وإلا فإن المنطقة كما ذكرنا ستكون مقبلة على كارثة حقيقية، بحيث انهارت منظومات صحية متينة وقوية عالمية أمامها، فكيف لإدارة محاصرة ولا يقدم لها أي دعم يذكر وتعتمد على الإمكانيات الذاتية أن تتحمل انتشار هذا الوباء.

والجدير بالذكر أن تفشي وباء “كورونا – كوفيد 19” (COVID-19) كان في مدينة ووهان الصينية  بتاريخ 31 كانون الأول 2019، فيروس كورونا عالمياً مازال ينتشر وشهد حتى صباح اليوم الأحد تخطي حاجز الإصابات عبر العالم  16,205,503 المتعافون 9,914,063 الوفيات 648,477.