كري سبي المحتلة.. ثماني سنوات من التحرير والاحتلال عرّت الصلة بين داعش والمخططات التركية

عين عيسى/ حسام إسماعيل ـ

منذ تحرير مقاطعة كري سبي/ تل أبيض، على يد وحدات حماية الشعب والمرأة، في الخامس عشر من شهر حزيران عام 2015 من مرتزقة داعش؛ كُشِفت العلاقة المتينة والصلة الوثيقة بين دولة الاحتلال التركي، والمجموعات المرتزقة والمتطرفة، إلى جانب المخططات الاستعمارية الهادفة لاستعادة هيمنتها على المنطقة تحت مسمى “الإمبراطورية العثمانية الجديدة”.

وتؤكد الوقائع والدلائل على أن مرتزقة داعش يشاركون في النشاطات الهادفة لزعزعة أمن واستقرار مناطق شمال وشرق سوريا، وآخرها كان أحداث سجن (غويران) بمقاطعة الحسكة، إلى جانب تأكيد “مصادر محلية” بأن أعداداً من مرتزقة داعش عادوا إلى مقاطعة كري سبي/ تل أبيض، عقب احتلالها في التاسع من تشرين الأول، عام 2019، رغم ما تروج له دولة الاحتلال التركي بما يُسمى بـ “الجيش الوطني السوري”، إلا أن الحقائق، مغايرة تماماً للادعاءات التركية.

وعقب تحرير كري سبي/ تل أبيض، على يد وحدات حماية الشعب والمرأة في الخامس عشر من شهر حزيران 2015، بعد هيمنة مرتزقة داعش على المدينة، التي شكلت منطلقاً لهجمات المرتزقة على مدينة المقاومة (كوباني)، حيث شكلت كري سبي منطقة استراتيجية لمحاولاتهم اليائسة للسيطرة على كوباني، وخط إمداد ودعم للمرتزقة، من خلال تدفق السلاح عبر الخط الحدودي التركي، الذي حولته الدولة التركية طريقاً لدعمهم بالأسلحة والعتاد، لضمان سيطرتها على الأراضي السورية عبر الخط الحدودي.

احتلال كري سبي عَرَّا المُحتل وكشف قناعه

وشكل تحرير “كري سبي” في تلك الفترة ضربة حاسمة لمخططات المحتل التركي، الذي ما انفك يهدد على لسان رئيس دولة الاحتلال التركي أردوغان باحتلال شمال وشرق سوريا، بالرغم من التفاهمات، والتأكيدات بالتزام شعوب المنطقة بعلاقات حسن الجوار، والتأكيدات على عدم تهديد ما يُعرف بالأمن القومي لتركيا، واتخاذ الإجراءات، التي من شأنها تطبيق هذه المبادئ، ومن ضمنها “تسيير دوريات”، إلا أن التهديدات التركية استمرت على لسان “أردوغان” كما العادة، كشفت عن نيته الحقيقية باحتلال المنطقة وزيف الادعاءات التي يُطلقها بشأن شمال وشرق سوريا وشعوبها ووصمهم بـ “الإرهاب”.

وعليه استغلت الدولة التركية المحتلة دورها كعضو في “حلف الناتو” للضغط على الأطراف الدولية، واستغلال ورقة اللاجئين السوريين عبر ابتزاز أوروبا والعالم، بهدف الحصول على الضوء الأخضر لاحتلال المزيد من الأراضي السورية، وقد طبق ذلك عملياً باحتلال أجزاء جديدة من الأراضي السورية بعد (الباب ـ جرابلس ـ عفرين)، واستكمالها باحتلال مركز مقاطعة كري سبي/ تل ابيض، وسري كانيه بتاريخ التاسع من شهر تشري الأول، عام 2019.

احتلال تركيا للمدينة مرة أخرى

وبعد احتلال كري سبي/ تل أبيض من قبل دولة الاحتلال التركي، كشفت جلياً الدور الحقيقي، الذي لعبته تركيا لاحتلال الأراضي السورية، تمهيداً لتطبيق مخططها للهيمنة على كامل المنطقة، والإعلان عما يسمى بـ “الإمبراطورية العثمانية الجديدة”، باستخدام أدواتها بالمنطقة، حيث تم الكشف عن الكثير من خيوط تطبيق الاحتلال، من خلال العمل على تقويض الأمن والاستقرار، ومنها حادثة “سجن غويران” في مقاطعة الحسكة، وحوادث استهداف مراكز قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في الرقة، ومنبج، والطبقة وغيرها.

انتهاكات متعددة لتركيا ومرتزقتها

ويمارس المحتل التركي جرائم وانتهاكات عديدة ومتنوعة في مقاطعة كري سبي/ تل أبيض منذ احتلالها، وغيرها من الأراضي السورية المحتلة، بدءاً من التهجير القسري والتغيير الديمغرافي، والسرقة، والنهب، والقتل، والتعذيب، والاختطاف، ووصولاً إلى هدم منازل المهجرين قسراً من مناطقهم ومنها منازل في قرية “الشركراك الجنوبية” التابعة لناحية عين عيسى، والمحاذية للطريق الدولي “M4″، في نيسان عام 2020، حيث أخلوا المنازل من سكانها وشرعوا بهدم المباني.

ووفقاً لمركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، فقد هدمت دولة الاحتلال التركي، والمجموعات المرتزقة من تاريخ “22 تشرين الأول 2019، حتى 30 آذار 2020″، 127 منزلاً، وعدداً كبيراً من المواقع الأثرية، كـ “مدينة الفار ـ تلة الدهليز ـ تل صهلان”، وتجريف بيوت قرية “تليل الضلع”، شرق بلدة سلوك التابعة لمقاطعة كري سبي/ تل أبيض، بواسطة جرافات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال التركي، فيما أقدم المحتل على بناء مقرات عسكرية مكان المنازل والمواقع الأثرية، التي دمرها، وتجري كل هذه الجرائم في ظل صمت دولي، وغياب منظمات حقوق الإنسان الدولية بمتابعة هذه الانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية تحت ذرائع مختلقة، ودون مراجعة قضائية، أو إدانة حقيقية، أو محاسبة مرتكبيها.