قرية ديرو كفنك.. جذور متأصّلة في التاريخ تُحاكي الإرث القروي

جل آغا/ أمل محمد –

على بُعد ثلاثة كيلو مترات فقط من باكور كردستان تقع قرية ديرو كفنك في ريف جل آغا بروج آفا، والتي تُسمى باللغة العربية “دير قديم” هذه القرية الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد بيوتها الخمسة والثلاثين بيتاً تمتلك طبيعة خلّابة تستقطب الزوّار وتأسر سكانها.

 تشتهر القرية بوجود نهرها المتدفق على طرفها والذي ينبع من ينبوع القرية الوحيد، كما وتكثر الأشجار الحراجية على سهل القرية وأراضيها وتنتشر حول القرية الأحجار السوداء الكبيرة والتي تضيف سحراً خاصاً بها.

تاريخ القرية وعشائرها

تجولت كاميرا صحيفتنا “روناهي” في ربوع القرية، والتقت بعدد من أهلها، الذين تطرقوا من خلال حديثهم عن تاريخ القرية وأهم عاداتها وأشهر الصفات التي تشتهر بها، محمود حسين عرفات وهو من أحد الشخصيات المعروفة في القرية، وله مكانة مرموقة بين سكانها حدثنا بقوله: “يعود تاريخ القرية إلى أكثر من مئة عام إلى حوالي عام 1900، أول منزل عُمِّر في القرية كان لعائلة حميدي وطلق وخليل وقدِموا من قرية كيشيكة المجاورة لنا، وسكنوا في القرية لما توفرت فيها من سبل للمعيشة من مياه عذبة وأراضي زراعية، ومن ثم بدأت القرية بالازدهار والنمو، القرية بالنسبة للقرى المجاورة عدد منازلها قليل، ولكن ما يميز قريتنا أنها بيت واحد والكل يعرف بعضهم البعض”.

وتابع عرفات قائلاً: “في القرية عشائر متنوعة هناك عشيرة هاروني وعلوانا ودوماني وعسفاتي ودوركا، بالإضافة لعشيرة بيداري، الكل على اختلاف العشائر يتشاركون ويتعايشون مع بعضهم البعض، سمة الكرم وروح التعايش من أهم صفات القرية، نعيش كعائلة واحدة وجسد واحد منذ أكثر من مئة عام، وهذا ما ورثناه عن أجدادنا”.

اقتصاد القرية وأعمال الأهالي

وعن اقتصاد القرية والأعمال التي يقتات عليها أهلها قال عرفات: “نظراً لطبيعة القرية الريفية؛ فإن غالبية السكان يعملون بالزراعة والفلاحة وتربية الماشية، لا تزال قريتنا تحافظ على طابعها الريفي حتى في الأعمال، نعمل رجالاً ونساءً في الزراعة وتربية المواشي ونقتات على خيرات هذه المهن”.

ومن جهتها قالت فريال حسين من أهالي القرية: “توجد في قريتنا بعض الخدمات ولكنها أيضاً تحتاج للمزيد من العمل، طرقات القرية مُعبّدة وتوجد فيها مدرسة للتلاميذ الحلقة الأولى، ولكن أبنائنا يلجؤون إلى مدارس القرى المجاورة للالتحاق بالمدرسة الإعدادية والثانوية، كما يوجد في قريتنا الهادئة فرن والعديد من المحلات للتبضّع لحاجياتنا الأساسية فقط، المرأة في قريتنا تلعب دورها الريفي على أكمل وجه، تطهو وتحصد وتزرع وتقوم بكافة الأعمال الريفية كما السابق، على الرغم من التطور إلا أننا نعيش حياتنا على بساطتها ولا نتخلى عن طرازنا الريفي”.

ينبوع القرية وحكايات السمر

وتابعت فريال حسين حديثها عن ينبوع القرية بقولها: “ينبوع القرية له مكانةً مميزة في قلوب أهل القرية، هو المكان الذي تلتقي فيه النساء لتبادل الحديث والسمر، ويلعب حول حجارته الأطفال بسعادة وكثيراً ما كانت النسوة يعملن بعض الأعمال من غسيل وتنظيف مستفيدات من مياه النبع، الذي يتدفق منذ سنوات طويلة ولم يجف إلى الآن سوى مرتين فقط، ولكنه عاد إلى الجريان، يمكننا القول بأن الينبوع له مكانة مقدسة لدينا”.

وزادت فريال: “المزارعون يعتمدون على مياه النبع في سقاية المزروعات، قديماً كانت مياه النبع تصل إلى سد جل آغا لغزارة مياهه، ولكن مع شح الأمطار قلَّ منسوب المياه فيه ولكنه لا يزال يُغدق علينا بالخيرات”.

ولعلَّ من أشهر معالم القرية هي المقبرة القديمة، والتي تضم عشرات من القبور بلا شواهد، وحسب أحاديث الأهالي إنهم لا يعلمون لمن تعود القبور ومن هم أصحابها ويدل هذا على التاريخ القديم لهذه القرية.

وكباقي قرى شمال وشرق سوريا تشتهر القرية بالكرم ووقوف الأهالي مع بعضهم البعض في الشدائد والمحن، قرية ديرو كفنك من القرى القديمة باسمها وتاريخها، يحدها الكثير من القرى مثل قرية كوندكي طيب وقرية باديانا وكوندكي شلال، لتشكل هذه القرى مع بعضها البعض لوحة طبيعية ساحرة من اللوحات الربانية في مناطقنا.