سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في عفرين سقطت الإنسانية وحقوق الإنسان

رفيق ابراهيم –

لأول مرة يُعقد مؤتمر بهذه الضخامة وهذا الحضور الكبير والمتميز وعلى أرض روج آفا، أرض الخير وأم الشهداء الذين ما بخلوا بدمائهم في سبيل نصرة شعبهم والحصول على حقوق شعوبهم. إن عقد مثل هذا المنتدى الكبير له دلالات كبيرة وهامة وعلى مختلف المستويات وعلى الأصعدة كافة، وبخاصة أن المنتدى خص عفرين وما يجري فيها من انتهاكات فظيعة تُرتكب بشكل يومي من قِبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الذين خانوا تراب هذا الوطن وباعوا أهله للعدو مقابل بعض الأموال الزائلة، وكان المؤتمر الدولي تحت عنوان “التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين”.
إن هذا العنوان يحمل في طياته الأجوبة على الكثير من الأسئلة بخصوص ما يقوم به جيش أردوغان ومرتزقته من ارتكاب جرائم بحق الإنسانية، فالتغيير الديمغرافي لوحده جريمة كبرى يعاقب عليه القانون الدولي، والتطهير العرقي والثقافي أيضاً جرائم وانتهاكات صارخة لجميع الوثائق والقوانين والمعاهدات الدولية، ويجب أن يعاقب مرتكبيها بأشد العقوبات بحسب تلك القوانين. واحتلال أراضي الآخرين جريمة كبرى بحق الدول والمنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، قبل أن تكون ضد أهل وشعب ذاك البلد المحتل، والاحتلال التركي لعفرين غير مقبول وغير مبرر وهذا ما يدركه الجميع، وبأي شكل من الأشكال ولأي سبب كان. فعفرين ولا أية مدينة أخرى في شمال سوريا لم تكن يوماً ما مصدر خطر على الحدود التركية كما تدّعي هي، بل على العكس تماماً كانت عفرين مدينة آمنة استقبلت مئات الألوف من نازحي المناطق السورية الأخرى طوال سنين الأزمة السورية، وبالتالي كان يجب أن تنظر إليها من تلك الزاوية. وجميعنا نعلم ونرى بأم أعيننا عبر وسائل الإعلام المختلفة ما يرتكبه جنود الاحتلال التركي وفصائله المرتزقة في عفرين ومع ذلك يتغاضى المجتمع الدولي عما يجري فيها من انتهاكات. لذلك؛ علينا أن نحشد جميع الطاقات في سبيل إنهاء هذا الاحتلال، الذي أضر البشر والحجر وانتهك الأعراف الدولية وتخطى جميع الحدود الإنسانية والأخلاقية، وعلى المجتمع الدولي وعبر جميع منظماته المعنية قبل هذا الملف المتحرك بأسرع وقت ممكن؛ للوقوف على تلك الجرائم التي لم تعد تخفى على أحد. وما قدم من وثائق في هذا المنتدى الدولي كافيه بإدانة ومحاسبة كل من تورط بارتكابها، وكل ما يجري في عفرين يتحمل تركيا المسؤولية الكبرى فيها؛ لأنها هي من أمرت باحتلال عفرين وهي من شاركت بالهجوم وهي التي تأمر وتنهي تفعل وتحض على الفعل. ولذلك؛ من الواجب محاسبتها أولاً لأنها رأس الأفعى ومتى ما قطعت هذه الرأس سينتهي كل شيء، وباعتقادي أن المجتمع الدولي لا يخفى عليه هذه الحقيقة، حقيقة هذه الدولة المارقة التي تتدخل في شؤون دول الجوار ومن دون أي سبب مقنع، وحان الوقت الآن كي تلتزم باحترام جيرانها واحترام القوانين الدولية وإنهاء احتلالها لمدن ومناطق في سوريا والعراق أيضاً، والأسباب التي تتذرع فيها للاعتداء على الآخرين أسباب غير مقنعة، ولا تعتمد على المصداقية وأساسها الكذب والافتراء مما يستدعي وقوف المجتمع الدولي موقفاً جاداً وحاسماً مما تفعله تركيا بأمن المنطقة. وبات من المعروف للقاصي والداني ما فعلته تركيا وما تفعله فيما يخص علاقتها مع الإرهاب وبشتى أشكاله، وتقديم التسهيلات كافة للإرهابيين في حلهم وترحالهم واستدامة بقائهم، فهي التي ساهمت بشكل رئيسي في استقدامهم إلى سوريا وهذا ما أكدته جميع وسائل الإعلام العالمية، وهناك وثائق وصور وفيديوهات تؤكد ذلك، من خلال تجميعهم على أراضيها من شتى أصقاع الأرض وهي التي فتحت لهم أبوابها، وهناك العشرات من المعسكرات التي تم تدريبهم فيها وبإشراف مباشر من المؤسسات العسكرية المخابراتية وبأوامر مباشرة من أردوغان نفسه، وتركيا هي التي دعمتهم بكل ما يحتاجونه من أموال وعدة وعتاد، وهي التي سهلت عبورهم عن طريق معابرها الحدودية، وهي التي أمنت قادتها على أراضيها ومن غير المستبعد أن يكون البغدادي متواجداً هناك. وهناك الكثير من الأمور التي تدينها وتجعل من معاقبتها في متناول اليد. ألا يكفي كل هذه الأعمال الإجرامية لإدانتها والقصاص منها؟؛ سؤال برسم المنظمات الإنسانية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي ويجب الإجابة عنه؟ هذه الدول التي باتت مصالحها هي الأهم من كل شيء، وتتعامل حسب مصالحها ليس إلا، ففي عفرين سقطت الإنسانية وسقط معها جميع المنافقين الذين ينادون بحقوق الإنسان ليلاً ونهاراً، وثبت بالدليل القاطع أن قوة المصالح وإن كانت على حساب دماء الآخرين هي التي تفعل فعلتها في تنفيذ الخرائط والمخططات. ولذلك؛ على شعوب المنطقة الوقوف وقفة الرجل الواحد والكلمة الواحدة والقرار الواحد للوقوف سداً منيعاً في وجه أطماعهم واسترداد حقوقهم التي اُغتصبت في وضح النهار.