في ذكرى التأسيس.. مؤتمر ستار بين مشقة الصعاب التي تعترضه وبين تحقيق أهدافه

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

---

مع مرور تسعة عشر عاماً، من العمل الدؤوب وصل مؤتمر ستار، الذي لم تتخطَّ رقعة أعماله القرى، والمدن سابقاً إلى دول عالمية مختلفة، فعبر بأفكاره عن حرية المرأة، ووقف مع الثورات، التي تقودها النساء في كردستان وخارجها، وقد حقق العديد من التغيرات في المنطقة، ويسعى لتقديم المزيد.

منذ بداية تأسيسه عام 2005 كحركة نسوية مُنظمة، وعلى مدار 19 عاماً عمل مؤتمر ستار في إقليم شمال وشرق سوريا على تغيير ذهنية المجتمع، فيما استطاع تحقيق العديد من الإنجازات، ومحاربة الذهنية الذكورية في العالم.

إن مؤتمر ستار تنظيم كونفدراليّ ديمقراطيّ يمثل المرأة، ويناضلُ من أجل حريتها، وإرادتها، ويرتكز على استراتيجيّة الأمة الديمقراطيّة، وتجاوزِ المركزيّة، وتحقيق الحرية، والعدالة، والمساواة للنساء، والشعوب المتنوعة، كما يُنظِّم نفسه وفق النموذج الديمقراطي الإيكولوجي نحو تحرر المرأة، ويتخذ إيديولوجيتها، ومنظورها أساساً لحل القضايا، والمشاكل الاجتماعية، ويناضل ضد مفرزات الذهنية الذكورية المهيمنة، من أشكال التعصب الجنسوي، والقومي، والسلطوي، والممارسات التي تولد العنف، وقد سعى لتحقيق أهدافه طوال الأعوام السابقة.

من اتحاد إلى مؤتمر

أُسِّس تنظيم اتحاد ستار عام 2005 بشكل سريّ، حيث بدأ بالنضال في القرى والمدن على مستوى روج آفا، لنشر الوعي، وثقافة تحرر المرأة ضد الأنظمة السلطويّة، ومع بدايةِ ثورة روج آفا في 19تموز 2012، والتي عُرِفَتْ بثورة المرأة، لعب التنظيمُ دوراً بارزاً وريادياً، فأولى ما ابتدأه اتحاد ستار إعادة تنظيم المرأة، وتدريبها، وتعريفها بهويتها ودورها الحقيقي في البناء المجتمعي، سواءً في مجال الدفاع المشروع، ووحدات حماية المرأة، ودورها التاريخي في الدفاع عن روج آفا، وكان للمؤتمر دور بتأسيس عشرات المؤسسات التي تعتني بشؤون المرأة.

فيما يهدف مؤتمر ستار منذ تأسيسه إلى تنظيم نفسه على أساس التضامن المشترك، والإرادة الحرّة، والإدارة الذاتية الديمقراطية مع النساء من الشعوب، والثقافات، واللغات، والمعتقدات، التي تعيش في شمال وشرق سوريا بشكل خاص، وسوريا بشكل عام، ويتخذ من إيديولوجية المرأة، ومنظورها أساساً لحل القضايا الاجتماعية، ويناضل في مجالات الحياة وفق منظور الكونفدراليّة الديمقراطيّة، ويقوم بتعزيز التنظيم والفعاليّات، التي من شأنها تطوير مجال حريّة المرأة والمجتمع.

وينظم مؤتمر ستار نفسه من خلال الكومونات، والمجالس، والأكاديميات، واللجان، التي هي الساحات الأساسية للتنظيم المجتمعي لمؤتمر ستار، فيتم تأسيس اللجان ضمن الكومونات، والمجالس، لتنظيم مجالات الحياة الاجتماعية؛ ولكل لجنة نظام داخلي، تؤدي عملها وفقه، كما أن مؤتمر ستار أعلن خلال مؤتمره التاسع، الذي انعقد في العام الماضي تشكيل أربع لجان جديدة هي، “لجنة حرية القائد عبد الله أوجلان، ولجنة الحياة الندية الحرة، ولجنة الحماية الجوهرية، ولجنة الانضباط، هذا وتم تغيير لجنة العلاقات والاتفاقات الديمقراطية لتصبح لجنة العلاقات والاتفاقات والسياسة الديمقراطية”.

الدفاع عن المرأة

يقوم مؤتمر ستار بتنظيم العديد من الأنشطة، والفعاليات، والحملات التوعوية، والتثقيفية، والإعلامية، والثقافية والاجتماعية، لإبراز حجم، وخطورة، وأسباب وآثار العنف ضد المرأة، ولتحفيز النساء والرجال على رفض ومواجهة، ومنع، ومحاسبة هذا العنف بأشكاله كلها، ولتعزيز ثقافة السلام، والحوار، والاحترام، والتعايش بين الجنسين.

وإن مؤتمر ستار يعمل على تعزيز حقوق المرأة، والمساواة الجنسية في المجتمع، من خلال الدفاع عن حقوق المرأة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمطالبة بتطبيق القوانين، والاتفاقيات، والمواثيق الدولية، التي تضمن هذه الحقوق، ويهدف المؤتمر أيضاً إلى المشاركة في صياغة، وتنفيذ ومراقبة السياسات، والخطط، والبرامج والمشاريع، التي تخدم هذه الحقوق، والتعاون مع المؤسسات، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني والحركات النسائية، والشبابية، التي تناضل من أجل هذه الحقوق.

كما أن مؤتمر ستار منذ تأسيسه يلعب دوراً فعالاً في تشجيع المشاركة السياسية للنساء، وتعزيز تمثيلهن في المجال السياسي، من خلال الدفاع عن حق النساء في التصويت، والترشح، والانتخاب، والتعيين في المؤسسات، والهيئات، والمجالس والمجتمع، والمطالبة بتطبيق مبدأ المساواة، والتكافؤ، والتوازن، والتناصف بين الجنسين في المستويات، والمجالات، والمشاركة في صياغة وتنفيذ، ومراقبة السياسات، والخطط، والبرامج والمشاريع، التي تخدم مصالح، وحقوق النساء، والتعاون مع النساء القياديات، والناشطات في المجالات كافةً.

أعمال على المستوى المحلي

وقد سعى مؤتمر ستار انطلاقاً من أهدافه في توعية المرأة، لتغيير العقلية المزروعة داخل عقول النساء والرجال على حد سواء لفهم حقوق المرأة، فكان لجانب التدريب الفكري اهتمام مؤتمر ستار الكبير خلال عام 2023م.

فقام بتنظيم الدورات التدريبية، التي بدأت في المنازل والحارات والقرى، فأخذت حيزاً أكبر في السنوات السابقة فقام بإنشاء أكاديميات تدريبية خاصة لتأهيل وتثقيف المرأة، وقد قام بزيادة عدد الأكاديميات فافتتح في العام الماضي أكاديمية جديدة باسم الشهيدة زينب صاروخان في الحسكة، وقد انضمت إلى الدورات التدريبية المفتوحة في عام 2023 أكثر من 1560 امرأة، ضمن 109 دورات، كما أُقِيمت 22 دورة تدريب مغلقة للمرأة، بمشاركة 265 امرأة.

لقد كان مؤتمر ستار على مدار 19 عاماً المظلة الأولى لحماية المرأة، وقد اهتم بالمشاركة الحقيقية للمرأة وبحفظ حقوق المرأة، ولذلك لم يتوقف عمل مؤتمر ستار على تدريب المرأة وتوعيتها فقط، بل سعى أيضاً إلى تغيير الفكر الذكوري الممتد منذ آلاف السنيين، فركز مؤتمر ستار في الأعوام الماضية على إلحاق الرجال بالدورات التدريبية، وقد قام بتنظيم 14 دورة تدريبية مفتوحة، أنضم إليها 285 رجلاً، وخمس دورات تدريبية مغلقة بانضمام 84 رجلاً خلال العام الماضي، ومع الإقبال الكبير للرجال على الدورات التدريبية افتتح أيضاً أكاديمية خاصة بتدريب الرجال في الشهباء.

لم يكتفِ مؤتمر ستار بالدورات التدريبية، التي قد تستمر لشهور، بل عقد ندوات ومحاضرات تجاوزت 3500 محاضرة لكلا الجنسين.

لربما لم يصل مؤتمر ستار إلى منازل إقليم شمال وشرق سوريا كلها، إلا أنه أستطاع تغيير فكر الكثير من الرجال والنساء في الأعوام الماضية، وهذا التغيير سيخلق تغييراً كبيراً في عوائل هؤلاء الأشخاص، وبالرغم من ذلك ما زال الفكر الذكوري السلطوي موجوداً، إلا إن مؤتمر ستار مازال يسعى للتخلص من النظام السلطوي الذي يعد أصعب المعوقات، التي تعيق عمله في تحرير المرأة، ونيلها حريتها المسلوبة، فيما يسعى لحياة تشاركية تكون فيها حقوق المرأة محفوظة.

توسيع أعمال مؤتمر ستار دولياً

بعد سنوات من العمل الدؤوب وصل مؤتمر ستار إلى دول عالمية مختلفة، فعبر عن أفكاره التي تخص حرية المرأة، ووقف مع الثورات، التي تقودها المرأة، فقام مؤتمر ستار بدعم الحركات، والمنظمات النسوية، التي تدافع عن حقوق النساء، ومع اندلاع ثورة التاسع عشر من تموز؛ كان للمرأة دورها الريادي؛ لذلك سُميت “بثورة المرأة”، ومع اندلاع شرارة انتفاضة المرأة في روجهلات كردستان وإيران كان المؤتمر الداعم الأول لها، وعدها شرارة حرية المرأة.

وفي عامه التاسع عشر أسس ممثلين له في دول عالمية عدة من بينها، “ألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، والدنمارك، والسويد، وسويسرا، واليونان، وبريطانيا”، وذلك لتوسيع نطاق عمله، ولإيصال صوته إلى العالم، حيث يقوم هؤلاء الممثلون للمؤتمر بتعريف النساء في الدول منهج مؤتمر ستار، وثورة المرأة في روج آفا، وذلك تحت إشراف اللجنة الدبلوماسية ضمن مؤتمر ستار.

وعلى نطاق الشرق الأوسط تم القيام بالعديد من البعثات باسم مؤتمر ستار، للعديد من الدول ومنها “لبنان، ومصر، وموسكو، وبغداد، وألمانيا، وسويسرا، والسليمانية، وجنوب أفريقيا”، وقد اجتمعت هذه البعثات مع المنظمات والحركات النسائية هناك، وانضمت عضوات مؤتمر ستار إلى العديد من المؤتمرات الدولية.

كما التقت عضوات مؤتمر ستار خلال عام 2023 في لبنان، وباشور كردستان، مع شخصيات مختلفة من رجال الدين، والاشتراكيين، والمدافعين عن المنظمات، والحركات النسائية.

كما أن العمل الدبلوماسي لمؤتمر ستار أسفر عن قدوم أكثر من 18 سفيراً من بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والنمسا، وأمريكا وسويسرا، وكتالونيا، وقد تعرفت الوفود القادمة على آلية عمل مؤتمر ستار على أرض الواقع كما نوقشت قضايا المرأة والجرائم المرتكبة بحق المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا.

مشاريع ومخططات لعامه الجديد

ما زال عمل مؤتمر ستار مركزاً على تنظيم، وتدريب المرأة في الميادين وفق أيديولوجية تحرر المرأة، لذلك سعى للقيام بالعديد من المشاريع التي تصب في صالح المرأة، والسعي إلى تمكينها في المجتمع طوال مسيرة عمله.

ومن أهم المشاريع، التي سيعمل على إنجازها خلال عامه الجديد، “التحضير لبناء قرى نموذجية خاصة بالمرأة، وإنشاء مكتبة للمرأة، وافتتاح حديقة باسم الشهيدة جينا أميني، وفتح دورات تدريبية في إطار (الاقتصاد، الكومونالي، وتدريبات أكاديمية، السياسة الديمقراطية، والدبلوماسية الاجتماعية، والساحة الاجتماعية)، وافتتاح أكاديميات، ومشاريع لتمكين المرأة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، وعقد كونفرانس للجنة حماية القائد عبد الله أوجلان، وتطوير العلاقات والاتفاقيات الديمقراطية مع الحركة الإيكولوجية العالمية”.