مركز الأخبار ـ
في اليوم الدولي للاختفاء القسري، تصدر “مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان”، جملة من الإحصائيات للمختفين قسراً على يد الفاعلين، والجماعات المسلحة في مناطق الشرق الأوسط، وليبيا، والعراق، واليمن، وسوريا.
إن الحرب السورية الدائرة منذ أكثر من عشر سنوات، زادت حالات الاختفاء القسري بشكل كبير، ومنها مناطق شمال وشرق سوريا أيضاً، حيث أن هجمات الاحتلال التركي على مناطق شمال وشمال شرق سوريا، تسببت في فقدان المئات من الأشخاص، الذين تركوا من خلفهم آلاف الأسر، تبكي على غيابهم، وتعيش على أمل عودتهم يوماً ما، عسى أن يكون قريباً.
كما تشكل هذه المسألة اليوم واقعاً قاسياً، ومريراً، لأعداد ليست بقليلة من الأمهات، والأسر، فلا تؤثر المأساة الناتجة عن هذا الفقد على الضحايا المفقودين فقط، بل تطال، أيضاً أسرهم الذين يخلفونها وراءهم، والتي تظل قابعة في دوائر مفرغة من الأمل، واليأس، وعدم اليقين، فيعجز أفرادها، عن التغلب على معاناتهم، ويصعب عليهم طي هذه الصفحة، وإكمال مسيرة الحياة، حتى بعد سنوات عديدة من حوادث الفقد، ومن ناحية أخرى يستغل سماسرة معاناة أهالي المفقودين، لإيهامهم بالكشف عن مكان ومصير ذويهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، قبل أن يتبخروا ويتواروا عن الأنظار.
دول العالم تقاوم جريمة الاختفاء القسري
جاءتِ المبادرة لليوم الدولي للمختفين قسراً من اتحاد أمريكا اللاتينيّة لرابطاتِ أقرباء المعتقلين المختفين، وهي منظمة غير حكومية، أُسست عام 1981 في كوستاريكا، كرابطةٍ محليّةٍ وإقليميّة للجماعات، التي تعملُ بنشاطٍ ضد السجنِ السريّ، والاختفاء القسريّ، في دولِ أمريكا اللاتينيّة.
العملُ على موضوعِ السجن السريّ جزءٌ هامٌ، من أنشطة عددٍ من الهيئاتِ، والمنظماتِ الدوليّة، في مجالاتِ تعزيزِ حقوقِ الإنسانِ، والمساعدات الإنسانيّة، مثل منظمةِ العفوِ الدوليّة، ومكتب مفوضِ الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسانِ واللجنةِ الدوليّة للصليب الأحمر، ويعد اليوم الدوليّ للمختفين فرصةً لتسليطِ الضوء على عملِ هذه المؤسساتِ، وزيادةِ الوعي العام، والدعوة للتبرعاتِ والمتطوعين.
لجنة الصليب الأحمر الدوليّة، هي المؤسسةُ الوحيدة المسموح لها بالوصول إلى فئاتٍ معينةٍ من السجناء في بعض الأحيان، وتأمين الحدِّ الأدنى من الاتصالِ، والتفتيشِ حول المعاملة، التي يلقونها.
يُشكّلُ السجنُ في ظلِّ ظروفٍ سريّة، أو غير معروفة، انتهاكاً خطيراً لمفاهيم حقوق الإنسانِ، في القانونِ الدوليّ الإنسانيّ، بما في ذلك حالاتِ النزاعِ المسلّحِ.
اليوم الدولي لاختفاء القسري
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإعلان المتعلق بحمايةِ جميعِ الأشخاص من الاختفاءِ القسريّ بموجبِ القرار 47/133 المؤرخ 18/12/1992، وفي 30/8/2008 تمت المصادقة على الاتفاقية الدوليّة، لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، من قبل التحالف الدولي، لمكافحة حالات الاختفاء القسريّ، والتي تجمع المنظمات الأعضاء في الأسرة، ومنظمات حقوق الإنسان، من مختلف أنحاء العالم.
يستخدم الاختفاء القسريّ أسلوباً استراتيجيّاً؛ لبثِّ الرعبِ داخلَ المجتمعِ، فالشعورُ بغيابِ الأمن الناتج عن هذه الممارسة لا يقتصرُ على أقارب المختفي، بل يصيبُ المحيط المجتمعيّ، وقد أضحى الاختفاء القسريّ مشكلةً عالميّةً ولم يعد حكراً على منطقة بعينها من العالم، فبعدما كانت هذه الظاهرة سابقاً نتاج دكتاتورياتٍ عسكريّةٍ أساساً، يحدث الاختفاء القسريّ اليوم في ظروفٍ معقّدة لنزاعٍ داخليّ، ويُستخدم بالأخصِ وسيلة للضغط السياسيّ على الخصوم. واختفى مئات الآلافِ أثناء النزاعاتِ أو فترات الاضطهادِ في 85 بلداً على الأقل.
في ظل واقع عصيب تحاول الهيئات الحقوقية في مختلف دول العالم مقاومة جريمة الاختفاء القسري، ومن خلال إحياء اليوم الدولي للمختفين قسريا، والذي حددت له.
تزامنًا مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإخفاء القسري، والذي يحتفل به العالم يوم 30 آب من كل عام، تصدر “مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان” تقريراً جديداً تحت عنوان “الاختفاء القسري على يد الفاعلين من دون الدول والجماعات المسلحة في مناطق الشرق الأوسط (اليمن– سوريا-العراق-ليبيا)”.
تناول التقرير الإطار القانون الدولي لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وأوضح جرائم الاختفاء القسري، التي ترتكبها الجماعات المسلحة بحق المدنيين، ولاسيما المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان في مناطق النزاع بإقليم الشرق الأوسط بالتركيز على الانتهاكات، التي ترتكبها جماعة الحوثيين في اليمن، والمرتزقة في سوريا، والمليشيات المسلحة في كل من ليبيا والعراق.
حيث أكد التقرير، أنه بالرغم من أن أعمال الاختفاء القسري محظورة حظراً تاماً على كافة الأطراف في جميع الظروف، والحالات بموجب قواعد القانون الدولي إلا أنه في اليمن، تورطت جماعة الحوثي في ارتكاب ما مجموعه 353 حالة اختفاء قسري بحق المعارضين السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وبينهم الصحفيون، والمحامون، والناشطون الحقوقيون خلال الفترة الممتدة ما بين أيار2016، وحتى نيسان 2020، وتورطهم أيضا في ارتكاب 62 حالة اختفاء قسري للمدنيين خلال عام 2021 وحده.
أما في سوريا، يوجد 2567 شخصًا، بينهم 237 طفلاً، و446 امرأة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى مختلف فصائل المرتزقة المسلحة، ولدى ما يسمى “الجيش الوطني” منذ عام 2011 وحتى الآن، بالإضافة إلى أن أكثر من 8648 شخصًا، قد أُخفوا قسرًا على يد مرتزقة داعش، بينهم 319 طفلاً، و255 امرأة، وأكثر من 2064، بينهم 13 طفلاً، و28 امرأة، قد أُخفوا قسرًا على يد مرتزقة ما يسمى “هيئة تحرير الشام” منذ بدء الأزمة السورية في آذار2011، وحتى آب2021.
وبالرغم من عدم وجود تقديرات محددة تشير إلى أعداد المختفين قسراً في ليبيا، منذ بداية الأزمة الليبية في 2011، إلا أن مؤسسة ماعت أطلعت على عشرات التقارير المحلية، والدولية التي تفيد بتفاقم أعمال الاختفاء القسري، التي ترتكبها المليشيات المسلحة، وغيرها من الجهات غير التابعة للدولة في ليبيا منذ عام 2011.
وفي العراق أيضا، يوجد أكثر من 643 من الرجال والأطفال، لا يزالون رهن الاختفاء القسري منذ أن تم اختطافهم على أيدي هيئة الحشد الشعبي، ولا زال أكثر من 20 شخصاً من النشطاء والمحتجين قيد الاختفاء القسري منذ أن تم اختطافهم من قبل عناصر مسلحة مجهولة، وغير تابعة للدولة خلال الاحتجاجات، والتظاهرات الشعبية، التي اندلعت في العراق 2019.
فتسعى ماعت إلى توظيف النهج الحقوقي، واستخدام آلياته، وأدواته، في تعزيز قيم وممارسات السلام الاجتماعي، والتنمية الديمقراطية، والحكم الرشيد للحقوق الانسان، والعمل من خلال آليات، وهيئات أممية وإقليمية، في إطار من الشبكات والتحالفات الدولية، لدعوى وحشد التأييد، لتعزيز ممارسات وسياسات السلام، والتنمية المستدامة، ومناهضة أشكال العنف والصراع وتغييب العدالة كافة.
