قامشلو/ دجوار أحمد آغا ـ
من منا لم يسمع باسم فيتنام ومن منا لم يسمع بأسماء أخرى مثل (هوشي منه، الجنرال جياب، ديان بيان فو) أصبحت هذه الأسماء مرتبطة بالمقاومة وثورة شعب تواق إلى الحرية ويرفض الذل والعبودية، شعب لا يعرف المستحيل، قارع أعتى وأقوى ثلاث دول (فرنسا، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية) وخرج منتصراً محققاً حريته ووحدة أراضيه بعد طرد المستعمرين والمحتلين. قراءنا الأعزاء سنتحدث لكم في هذه المادة وبشكل موجز عن تاريخ فيتنام وثورة شعبها المنتصر.
فيتنام.. لمحة موجزة
تقع فيتنام في جنوب شرق آسيا في المنطقة المسماة “الهند الصينية” والتي تضم بالإضافة إليها كلًا من كمبوديا ولاوس التي تحدها من جهة الغرب، إضافة إلى تايلند، وتحدها من الجنوب الصين ومن الشرق خليج تونكين. تبلغ مساحتها 331689كم2 وعدد السكان 97 مليون نسمة.
تتميز فيتنام بغناها من ناحية الثروات الباطنية الطبيعية، سواء المعادن كالذهب والفضة والفوسفات والفحم والقصدير والزنك أو المواد الأخرى كالشاي والتوابل والحرير. تتألف من 50 مقاطعة وثلاث مدن رئيسية، هي هانوي العاصمة وهوشي منه (سايغون) سابقاً وهاي فونج. نظام الحكم فيها جمهوري برلماني، فيها الجمعية الوطنية التي تتألف من 395 عضواً، يتم انتخابهم من كافة فئات وشرائح المجتمع. علمها يتألف من خلفية حمراء تدل على الدماء الغزيرة التي أريقت لتحررها، ونجمة صفراء خماسية في الوسط ترمز الى فئات العمال، الفلاحيين، الشباب، الأكاديميين، الجنود.
الديانة الرسمية هي البوذية والتي تتجاوز نسبتها 85 بالمئة إلى جانب 10 بالمئة المسيحية و5 بالمئة طوائف أخرى. لغتها الرسمية هي الفيتنامية والطعام الرئيسي هو الأرز والسمك.
الاقتصاد
يعتمد الاقتصاد الفيتنامي على الزراعة بشكل رئيسي وتبلغ نسبة العمالة الزراعية حوالي 70% من إجمالي القوى المنتجة، هذا لا يعني عدم وجود صناعات فيها لكنها صغيرة كمصانع الحديد والصلب وصناعة الإسمنت والورق والغزل والنسيج، لكن تبقى الصناعة الأساسية هي صناعة الأسماك المعلبة بأنواعها المختلفة كالسردين والروبيان والحبار وغيرها. وفيتنام تُعتبر من الوجهات السياحية المفضلة للعديد من السياح، فقد بلغ عدد زوارها خلال العام الماضي أكثر من 20 مليوناً وهو ما تسعى الحكومة الفيتنامية إلى زيادته خلال هذا العام الحالي.
فرنسا.. واحتلال فيتنام
بدأت فرنسا بإرسال أولى بعثاتها التبشيرية سنة 1661 لكنها لم تهتم بفيتنام بشكل رئيسي كونها كانت تتنافس مع بريطانيا على الهند التي اندلعت من أجل الظفر بها حرب ضروس بينهما استمرت سبع سنوات (1756/1763) خسرتها فرنسا في نهاية المطاف، حينها عادت الهند الصينية وفي مقدمتها فيتنام إلى واجهة الاهتمام الفرنسي، حيث عادت البعثات التبشيرية إلى فيتنام سنة 1765 وفي عام 1820 أرسلت قنصلاً لها إلى مدينة هوي عاصمة فيتنام وقتها. هذه البعثات التبشيرية التي كانت مدخلاً للتدخل في شؤون البلاد التي تُرسل هذه البعثات إليها. وبالفعل فقد تحججت فرنسا بذريعة اضطهاد المبشرين الكاثوليكيين في فيتنام للبدء بالتدخل المباشر، فأرسلت حملة عسكرية إلى هوي في جنوب فيتنام، هرب على أثرها الملك “تو دك” إلى هانوي في الشمال واحتلت فرنسا جنوب فيتنام عام 1858، حكمت فرنسا الهند الصينية عن طريق حاكم عام مقره في هانوي.
تعرضت فيتنام وشعبها للكثير من المصاعب والأزمات الخانقة نتيجة السياسات الاستعمارية التي انتهجتها فرنسا هناك مما أدى إلى خلق روح المقاومة الوطنية بين الشعب خاصة بعد سعي فرنسا لاحتلال الوسط والشمال الفيتنامي بشكل مباشر مثل الجنوب، ولكون فيتنام كانت تابعة للصين رسمياً دارت معارك بين فرنسا والصين خلال أعوام 1883/ 1885 وانتهت بتنازل الصين عن فيتنام رسمياً لفرنسا. لكن الروح الوطنية الفيتنامية المقاومة للاحتلال والاستعمار لم تمُت واستمرت في الصمود بقيادة شخصيات وطنية ثورية أمثال “فان بوي تشاو وفان تشو ترينه وفان دنه فونج”، لكن في نهاية المطاف ونتيجة افتقارهم للأسلحة الحديثة والخبرة العسكرية فضلاً عن عدم وجود أيديولوجية منظمة لكفاحهم الثوري، استطاعت فرنسا فرض سيطرتها التامة على البلاد سنة 1918.
لم تنتهِ المقاومة بشكل كامل رغم قتل وسجن وتهجير معظم قادتها وفرض رقابة صارمة على الشعب، برز خلال هذه الفترة الزعيم التاريخي للشعب الفيتنامي (هوشي منه 1890/ 1969) .
هوشي منه الزعيم الأوحد
ولد هوشي منه في التاسع عشر من أيار سنة 1890 لعائلة فقيرة في مقاطعة نغي آن الواقعة شمالي البلاد كان اسمه في الصغر نغوين تات عمل على السفن الفرنسية سنة 1911 ثم سافر إلى لندن عام 1913 وبقي فيها حتى 1917 حيث عمل هناك وتعرف خلال فترة بقائه على بعض الماركسيين واعتنق أفكارهم، بعدها سافر إلى باريس حيث انضم إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي سنة 1920 ثم سافر إلى الاتحاد السوفيتي حيث التقى بزعيم الثورة لينين ليتلقى المبادئ الماركسية اللينينية من منهلها، شارك في مؤتمر باكو سنة 1923 وبعدها عاد إلى الصين حيث تواصل مع الثوار الفيتناميين، وفي عام 1925 أسس “عصبة الشباب الثوري” التي كانت بمثابة الأكاديمية الفكرية لتهيئة كوادر لتأسيس وتشكيل حزب ثوري يقود عملية التحرير. عمل هوشي منه ليل نهار لكي ينظم الطبقة العاملة والفلاحين وسائر الطبقة الكادحة الفيتنامية تمهيداً لقيامها بقيادة ثورتها التحررية الوطنية والاجتماعية على حد سواء. وفي عام 1930 أسس الحزب الثوري الفيتنامي وحدد أهدافه على النحو التالي:
-
إسقاط حكم الإمبريالية الفرنسية والبرجوازية الرجعية.
-
تحقيق الاستقلال الوطني التام.
-
توزيع الأراضي على الفلاحين من خلال تطبيق شعار الأرض لمن يعمل بها.
-
تحديد ساعات العمل بالنسبة للعاملين بثماني ساعات.
-
تشكيل حكومة تضم العمال والفلاحين.