فيان صوران.. مناضلة في وجه العبودية ورمز الثورة الكردية

جل آغا/ أمل محمد –

نفذت الفدائية الكردية “فيان صوران” عمليتها الفدائية ضد المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان، وضد سياسة إبادة الشعب الكردي، المقاتلة والمناضلة، التي أضرمت النار في جسدها ليحيا شعبها حراً؛ ولتؤكد بذلك أنه لا حياة مع العبودية.

جسدها الذي اشتعلت النيران فيه كان يمهد لولادة روح جديدة للثورة، وبالذات ثورة المرأة، القائد، والمرأة، والشعب، وقد أضرمت النيران في جسدها الغض ليحيا هؤلاء في حرية وكرامة، ولتبقى المرأة الكردية نبراساً في تاريخ النضال الكردي، ويعيش الشعب حياةً تليق به، وتنكسر قيود العزلة عن القائد عبد الله أوجلان.

فيان صوران “ليلى والي حسين” تلك الفدائية غدت قاموساً تقتدي به النساء في طريقهنَّ نحو الحرية، هي من مواليد مدينة السليمانية من عام 1981م، نفذت عمليتها الفدائية عام 2006 في حفتانين رداً على المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان، وكانت إحدى العضوات، التي ساهمت في إنشاء حزب العمال الكردستاني. كانت رسالتها الوداعية الأخيرة تشع بروح المقاومة والنصر، وأكدت في كلماتها الأخيرة بأن روحها ليست أغلى من القائد والوطن، وأن ما ستقوم به هو رد على سياسة القمع والاضطهاد بحق الشعب الكردي، فضلت حرية شعبها عن العائلة، التي كانت تخشى على ابنتها من أي أذى، تركت كل شيء وراءها واختارت طريقها، التي أيقنت أنه طريق الصواب، فتاة غضة بعمر الخامسة عشرة، تتجه نحو حلمه، الذي لم يغادر مخيلتها البتة، وطن حر وشعب يعيش بكرامة.

رائدة التاريخ الكردي

نقشت اسمها في تاريخ النضال الكردي من ذهب، أصبحت تلك الشهيدة التواقة للحرية، هي اليوم خير مثال للمرأة الكردية العنيدة، التي إن أرادت شيئاً لم تبخل حتى بروحها لتحقيقه، فيان صوران رمز المقاومة والحرية للنساء كافة، تحلت بروحها الوطنية، وأصبحت رائدة في التاريخ الكردي، الذي يُحتذى بشجاعتها أبناء جيلها كلهم.

تميزت بقوة شخصيتها وتأثيرها اللافت والجرأة في الحوار البناء، وطرح المواضيع، وفي الوقت ذاته، كانت تُعرف بتواضعها وابتسامتها التي لم تفارقها يوماً، وتحمل خصال المناضلة الثورية، وكانت تمنح النساء الثقة والأمل، وقد حاربت للمرأة، ومن أجلها وضحت بروحها لتحيا النساء الأخريات كما يجب.

هي اليوم مثال ورمز لباقي النساء، منحت الجميع القوة والإرادة وقبل كل شيء الإصرار، على التقدم والسير بخطا ثابتة نحو الحلم، تعرضت للاعتقال عدة مرات من قبل حكومة دمشق وللكثير من المحاولات لإبعادها عن هدفها ولكن في كل مرة تزداد قوة وشغفاً في إتمام الدرب.

ارتبطت بقضية شعبها والمرأة ارتباطاً وثيقاً، حاربت السلطوية والعبودية وناضلت من أجل حرية المرأة؛ لأنها عاشت ضمن مجتمع لا يعطي المرأة أي قيمة، ويجردها من شخصيتها وهذا لم يرق لفتاة حالمة ومتعطشة للتغيير، تأثرت بشكل كبير بفلسفة القائد عبد الله أوجلان، وكما وصفت تلك الفلسفة بأنها الحياة وما دونها عبودية، وكان ذلك جلياً في رسالتها، التي كتبتها قبل تنفيذ عمليتها الفدائية للقائد عبد الله أوجلان، حيث أكدت أنها عرفت الحياة بمعرفتها القائد، تحولت من فتاة صغيرة بعمر لا يتجاوز الخامسة عشرة إلى أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ النضال الكردي، وإحدى أهم القياديات في وحدات المرأة الحرة.

بينت من خلال انضمامها لحركة التحرر الكردستانية بأن لا فرق بين رجل أو امرأة في النضال والمقاومة، وأن المرأة بقوتها يمكن أن تتفوق على الرجال، فقط الإرادة هي من تتحكم بزمام الأمور، وإرادة فيان صوران أصبحت رمزاً للجميع.

أيقونة النضال الثوري…

فيان صوران ذلك الاسم الذي لن ينساه أحد، هي رمز النصر والتمرد والعصيان في وجه الرأسمالية والسلطوية، انضمت لقافلة الشهيدات والقديسات بعد رحلة طويلة من النضال والمقاومة في عام 2006 بعملية فدائية أصبحت راسخة في عقول الجميع، عملية فدائية لتؤكد للجميع أنه لا يوجد أغلى من الوطن والقضية والقائد، أضرمت النار في جسدها وهي على يقين بأن رسالتها، التي حاربت من أجلها ستبقى مستمرة وتحملها فتيات أخريات، فكان لها كما أرادت شهيدات سرنَ على دربها، وفتيات حملنَ رسالتها، وتابعن السير على خطاها ونهجها، في كل بقعة من جغرافية الوطن ولدت فيان جديدة، في كوباني، وعامودا، وقامشلو، وعفرين، ولدت فيان من جديد بالروح والإرادة، ولكن بأجساد مختلفة وتوقيت آخر.

 ثمانية عشر عاماً على ارتقاء فيان صوران لمرتبة العز والفخر، فيان القيادية، والمحاربة، والثورية، والمتمردة، والملهمة، رمز من رموز الثورة الكردية وأيقونة النضال الثوري.