عن الانتخابات العراقية.. المقدمات والنتائج وتحليلها وتداعياتها ـ6ـ

رجائي فايد  _

إذا انطلقنا من فرضية، أن توزيع الرئاسات الثلاث، على المكونات الرئيسية فى العراق، (الشيعة، والسُّنة، والكرد)، سيتم كما تم فى سائر الانتخابات الماضية، -وهذا هو المتوقع-، فإن رئاسة الجمهورية، لابدّ أن تكون من حصة الكرد، ولكن يبقى السؤال: أي حزب كردي، سيفوز بهذا المنصب الرفيع؟ (رغم أنه بروتوكولي)، ولقد سبق أن ذكرنا، أنه كان هناك اتفاق استراتيجي كردي، بين الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، بحيث يصبح هذا المنصب من حصة الثاني، فى حين تظل رئاسة الإقليم من حصة الأول، ولكن بغياب (مام جلال بدهائه السياسي، وشخصيته الكاريزمية) عن الساحة السياسية بوفاته، وتخلي (مسعود البارزاني) -ولو شكلياً- عن رئاسة الإقليم، تم نقض هذا الاتفاق فى الانتخابات الماضية، ورشح الحزب الديمقراطي الكردستاني (الدكتور فؤاد حسين)، منافساً لمرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (الدكتور برهم صالح)، ورغم ما حدث فى تلك الانتخابات، بانسحاب (حسين) خلال عملية التصويت، إلا أن ما حدث يؤكد على أن هذا الاتفاق الاستراتيجي، أصبح في خبر كان، ولا بدّ أنه ستجري منافسة بين مرشحي الحزبين، بل ربما يزاحمهما مرشحون آخرون من المكونات الأخرى.

 وعن مدى فرص فوز أيّ الحزبين بهذا المنصب الرفيع، نتطرق إلى معطيات كل منهما.

نبدأ بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذى كان من حصته هذا المنصب، فالرئيس الحالي المنتهية ولايته برهم صالح، (لم تكتمل بسبب الانتخابات المبكرة)، والتي حاول فيها أن يأخذ الكثير من مؤسس الحزب الراحل، مام جلال، والذى كان قد أضفى على هذا المنصب (البروتوكولي) أهمية تتجاوز صلاحياته الدستورية، ومن هنا فقد رفض صالح بإصرار، ترشيحات بعض المكونات، لمنصب رئيس الحكومة، لعدم قناعته، أن تقلد هؤلاء لهذا المنصب ليس فى  صالح العراق، وهدد بالإستقالة، إلى أن اقتنع بتولي “مصطفى الكاظمي” لهذا المنصب، والذى لقى اختياره ارتياحاً دولياّ، وإقليمياً -إلى حد ما-، وعربياً، ولولا أن هناك مستجدات وصراعات حالية داخل حزب الاتحاد، لكانت مسألة تجديد ترشيحه لهذا المنصب من قبل الحزب محسومة، لكن فى ظل تلك الصراعات، فمن الوارد والمحتمل، أن ترشح القيادات الجديدة للحزب غيره، فالحزب يعيش حالياً فى صراعات عند قمته، وإذا كان هذا الحزب قد فشل فى عقد مؤتمره العام، لاختيار من يخلف أمينه العام، ومؤسسه مام جلال، بعد كل تلك السنوات، فإن مسألة ترشيح الحزب لصالح، لن تمر بسهولة، وربما يرشح من لا يحظى بالقبول العراقي، الذى حظى به هذا الرئيس المنتهية ولايته، وقد سبق ذكرنا للتكهنات، التى تشير إلى أن هناك ثلاثة مرشحين عن هذا الحزب حتى الآن، هم (برهم صالح، لطيف رشيد، ملا بختيار)، ومن الصعوبة فى ظل حالة الحزب الراهنة، ترجيح أيّ احتمالات من هذه الأسماء، وربما غيرها، للترشيح لهذا المنصب السيادي.

أما عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي حصد الحصة الأكبر كردياً، والرابعة عراقيا، ورغم الاستحقاق الانتخابي، الذى حققه (ضعف ما حققه الإتحاد)، فإن هناك مؤشرات، توحى أن مرشحه -إن حدث-، ربما لن يلقى قبولاّ عراقيا بما يكفى، لفوزه بهذا المنصب، فالحزب رغم أنه حقق هذا الفوز، غير أنه خسر أكثر من 300 ألف صوت مقارنة بالانتخابات السابقة، كما أن خسائر الأحزاب الكردية الأخرى كافة، ترجع خسارتها لهذا الحزب، لكن التسليم بتخلي الحزب عن الترشيح لهذا المنصب، يصعب القبول به، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار ما حدث فى الترشيح السابق، ولكن تظل مسألة توحيد البيت الكردي، من أجل حل الخلافات الشائكة مع بغداد ضرورية، والتي يجب أن تعلو على المصالح والاعتبارات الحزبية، لذلك ستظل محاولات الشد والجذب، بين الحزبين الكرديين الرئيسيين من ناحية، وبين بغداد والبيت الكردي من ناحية أخرى ستأخذ وقتاّ طويلاً.