عندما تكون الأم سر نجاحك رياضياً؟!

إعداد / جوان محمد – 

روناهي / قامشلو ـ في الكثير من مجتمعاتنا عندما تقع الفتاة في الخطأ ينهال الجميع على الأم بسيل الاتهامات والصفات السيئة، في ظاهرة قمعية ورجعية بحتة وخاصةً من قبل الذهنية الذكورية، حقيقة لا بدّ الاعتراف بها، ولكن ماذا لو كانت الأم سر نجاحك رياضياً وهي القدوة والحافز والمشجعة نحو الوصول لمنصات التتويج.

الكثير من الأمهات في روج آفا أصبحن يشجعن بناتهن لممارسة الرياضة، وكانت نقطة التحول تشجيعهن للعب رياضة كرة القدم، والتي حققت إنجازات تاريخية بحيث كانت السباقة في إقامة بطولات للعبة كرة القدم للسيدات قبل الكثير من الدول الكبيرة بإمكانيتها في المنطقة، رغم الحرب والهجمات المستمرة من قبل مختلف الجهات أن كانت داعش سابقاً أو مختلف قوات المرتزقة من المعارضة السورية ودولة الاحتلال التركي والنظام السوري.

 في بقعة جغرافية صغيرة وتفتقر للكثير من الإمكانيات وأولها البنية التحتية الملائمة لممارسة الرياضة وخاصةً كرة القدم وأقصد شمال وشرق سوريا، ولكن المرأة الشابة في روج آفا حققت أكبر الإنجازات وهو الحصول على لقب أول دوري في سوريا على الملاعب المكشوفة باسم نادي عامودا.

وكما كانت هذه الرياضة ونقصد لعبة كرة القدم حكراً للرجال ودخلت معتركها المرأة الشابة وكسرت كل القيود والأغلال المجتمعية وحققت العديد من الإنجازات، أسرد لكم في التقرير التالي قصة شابة تونسية أصبحت بطلة في لعبة فردية في ظل سيطرة الألعاب الجماعية على الاهتمام بشكلٍ عام على الرياضات الفردية وخاصةً لعبة كرة القدم، وهذه الشابة اعتنقت لعبة مميزة فردية في بلادها، وكانت والدتها سر نجاحها في لعبة المبارزة، والتي بدعمها وصلت للنجومية والنجاح.

 قصة فتاة لم تكل ولا تمل حتى وصلت للعالمية

إيناس البوبكري سفيرة الرياضة التونسية إلى منصات التتويج والتي حصلت خلال مسيرتها حتى الآن على أكثر من ثلاثين ميدالية ملونة جلها من الذهب وتروي قصتها في مقابلة تلفزيونية على قناة BBC News عربي، وهي شابة ذات 30 ربيعاً متزوجة من شاب فرنسي إروان لو بيشو، وهو أيضاً لاعب في المبارزة، وكانت العلامة الفارقة في حياتها هو دعم والدتها لها، بحيث عندما كانت في الرابعة من عمرها ترافق والدتها إلى صالات اللعبة وأماكن التمارين وهي هند الزوالي بطلة ولاعبة سابقة في المبارزة بتونس، والتي لعبت دوراً كبيراً في نشأة إيناس رياضياً.

وتقول اللاعبة إيناس البوبكري في إحدى البرامج التلفزيونية على قناة BBC News عربي: “بدأت ممارسة لعبة المبارزة منذ الصغر بحيث كنت أنتمي إلى عائلة رياضية وكانت والدتي لاعبة مبارزة، لذلك اخترت هذه الرياضة ولست نادمةً على ذلك”.

وتضيف: “حب أمي لهذه اللعبة دفعني لممارستها وتعلمت الكثير منها، وكانت تريد أن حقق ما لم تحققه هي، ففي وقتها كان هناك افتقار للسفر والاحتكاك بالعالم، وهي شاركت في أولمبياد أتلانتا الأمريكية بعام 1996وقدمت مشاركة مشرفة، وجعلت في داخلي حب تحقيق الوصول للتويج والمنصات العالمية يكبر شيئاً فشيء”.

وأشارت إيناس: “البداية كانت في وطني تونس وكان لدي مدربين وطنيين بالإضافة لمدرب أجنبي وهو روسي الجنسية، ولعب دوراً في تغيير من طريقتي وأسلوبي في المبارزة، وتمازج كل ما ذكرت مع حبي لهذه اللعبة لتكوني شخصية متكاملة رياضياً في رياضة المبارزة”.

ونوهت: “من الخسارة تعلمت كل شيء، ففي البداية كنت اتعرض للخسارة بشكلٍ مستمرة، ومع الأيام تعلمت بأن الخسارة هي التي ستقودني لنجاحات أكبر، وتأكد ذلك عندما استحوذت على كافة ألقاب اللعبة لعدة سنوات في تونس، وحققت البطولة الإفريقية وأنا في عمر 14 ربيعاً وكنت أصغر لاعبة مشاركة في هذه البطولة”.

 المثابرة وعدم الاستسلام عنوان مسيرتها

الشابة التونسية إيناس ذهبت لتكميل تعليمها في فرنسا لتنتقل من حضن العائلة إلى بلاد الغربة ولكنها ثابرت وعملت على التوافق بين الدراسة والرياضة وحصلت على إجازة في علم النفس الرياضي 2011، وهناك تطور أدائها في لعبة المبارزة أكثر، وأصبحت تتقدم في التصنيف العالمي وكانت فرنسا بلد قريب من بلدها من حيث الكثير من الأمور ومنها اللغة وحتى لعبة المبارزة تتميز فيها هذا البلد، واستفادت كثيراً من ذلك، ليحدث تغير كبير على لعبها في المبارزة، بحيث توسعت انجازاتها لتتوج ببرونزية سلاح السيف ببطولة البحر الأبيض المتوسط في العام 2009، وفي عام 2011، توجت بذهبية الفرق وفضية الفردي في دورة الألعاب العربية.

تابعت مسيرتها في لعبة المبارزة ولم تستسلم رغم حرمانها من المشاركة في الأولمبياد بعام 2004 بسبب التحجج بعمرها الصغير من قبل وزارة الرياضة في تونس، ولكنها حصلت على الخبرة المرجوة في بكين 2008، ولتكن أو شابة عربية تحصل على الميدالية “البرونزية” في المبارزة الأولمبية في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل بالعام 2016.

وأفادت إيناس قائلةً: “كان حدث تاريخي في بلدي الحصول على الميدالية الأولمبية في المبارزة في أولمبياد ريودي جانيرو بالبرازيل، وكانت الفرحة كبيرة في الأوساط الشعبية وأصبحت مشهورة ومعروفة أكثر بينهم، ووقتها عرفت بأني أنجزت شيء كبير لوطني”.

واختتمت إيناس البوبكري حديثها بالقول: “في الحقيقة تلقيت الصدمة بما حصل معي وتوجعت كثيراً أيضاً، فقد تعرضت للإصابة في الركبة ولكن رغم ذلك أكملت المنافسات في أولمبياد ريو، وكنت بحاجة بعدها إلى عملية ولكني لم أتلق الدعم المطلوب بهذا الخصوص في سبيل أن استعيد عافيتي واستعد لأولمبياد طوكيو القادمة، ولكن مسيرتي سوف أكملها حتى أحافظ على ترتيبي في العالم بلعبة المبارزة.

من خلال قصة اللاعبة إيناس، نكتشف بأنه حب والدتها لرياضة المبارزة كان دافعاً قوياً لاعتناقها لهذه اللعبة والاستمرار فيها للوصول للألقاب المحلية والإفريقية والعالمية، بنفس الوقت كما هو الحال في الكثير من البلدان لا يتم دعم المواهب والناجحين في المجال الرياضي ولا يصلهم الدعم المطلوب والكثيرين تخلوا عن الرياضة بسبب تقاعس بلدانهم في دعمهم ولكن يبدو إن إيناس لن تترك مسيرتها وستبقى تكافح للوصول لألقاب عالمية أخرى.