على المرأة أن تتحصن بتنظيمها بشكل أكبر في ظل المرحلة الراهنة..

تقرير/ إيفا ابراهيم –

روناهي/ قامشلو- يجب أن تكون المرأة أكثر وعياً وإدراكاً لما يحصل وأن تتحصن أكثر من خلال تنظيم نفسها في ظل هذه المرحلة التي نعيشها، هذا ما أكدته لنا رئيسة هيئة المرأة في إقليم الجزيرة زينب محمد.

تعد المرأة جزءاً لا ينفصل بأي حال من الأحوال من كيان المجتمع، كونها شغلت عبر العصور أدواراً مهماً ولاتزال تشغل هذا المكان، وأن تحييد دورها وابتذالها واستغلال قدراتها بشكل يفوق قدرتها واستنزافها يقود كل ذلك لضياع المجتمعات وتشتتها وهدم الأسر. رغم كل ذلك هناك نساء ضمن المجتمعات أصبحن مثالاً احتذى بها العالم كونهن أدين أدواراً لا مثيل لها في الأزمات المحيطة بمجتمعهن.

وفي الآونة الأخيرة ظهر وباء فتاك عالمي “كورونا”، ويعتبر خطراً يهدد العالم أجمع لأن العلاج النهائي لم يتوفر له حتى الآن من قبل علماء الصحة العالمية، وهذا السبب أدى إلى اتخاذ العديد من القوانين لمنع انتشاره، ومنها منع التجوال لمدة زمنية حتى إيجاد الحلول، وفي ظل حظر التجوال وملازمة المنزل ازداد العنف ضد المرأة بشكلٍ كبير حسب ما نجده في الواقع الذي نعيشه وكما ذكرت بعض الصحف العالمية أيضاً.

سلطة تسعى لإرضاخ المجتمعات لحكمها

وحول هذا الموضوع التقت صحيفتنا مع رئيسة هيئة المرأة بإقليم الجزيرة زينب محمد، والتي عبرت عن رأيها بهذا الخصوص قائلةً: “من أجل فهم حقيقة المجتمعات والعلاقات الاجتماعيّة بين الأفراد لابد في البداية تسليط الضوء على الواقع الذي تعيشه المرأة، لأن مدى تحرر وتطور المجتمعات مرتبط بتحرر المرأة ومدى نشاطها وعملها في ساحات المجتمع، وأن قضية المرأة ونظام العلاقات المتشكل حولها تعتبر من أهم القضايا الواجب معالجتها كونها قضية تحرير الأوطان”.

وتابعت زينب في حديثها بأن المرأة ضمن نظام اجتماعي يتمحور حولها، وتعتبر المرأة العنصر الأساسي في الحياة بكافة جوانبها، مبينةً بأن المجتمعيّة الأولى تشكلت حولها من خلال الرابطة القوية بينها وبين أبناءها، ومحاولتها لتلبية كافة احتياجاتهم، فهي صاحبة الاكتشافات العظيمة، ولم يظهر إلى ذلك الوقت أيَ قضایا مجتمعيّة بالمقارنة مع وضع المرأة الحالي، وما تعانیه من اضطهاد وصولاً لوضع یرثى له.

مشيرةً بأن هذا الوضع يذكرنا بوضع المرأة الحالية في الشرق الأوسط بشكل عام وكردستان بشكل خاص التي هي مهداً للحضارات، والآن شعوبها تعیش أكثر الأزمات حنقةً لأن الأنظمة الحاكمة عملت مُنذ بداية بطابعها السلطوي وعلى مدى خمسة آلاف عام على استعباد المرأة ومن ثم استعباد المجتمع بأكمله، كما أحكمت قبضتها على المجتمع ليستعبدوها الجميع ويرضخوا تحت هيمنتها.

تعريف حقيقة المرأة بشكل مشوه

وأشارت زينب خلال حديثها بأنه تم تعريف حقيقة المرأة بشكل مشوه ومنحرف من قبل مراكز الفكر في النظام الذكوري، وتم الحد من شأنها، والكثير من الحركات التي حاولت حل قضية المرأة كان موقفها من معاناة المرأة بسبب طبيعتها، وتم التمییز بين الرجل والمرأة بسبب الاختلاف البيولوجي بينهما، كما أنها أظهرت قضیة المرأة بمجرد مسألة حقوقية ومساواة المرأة مع الرجل، وتناست بأن قضیة المرأة أعمق من ذلك، وتعتبر أمُ القضایا المجتمعيّة. مبينةً بأن كل ذلك أدى إلى زيادة المشاكل التي تعیشها المرأة وزاد العنف الممارس علیها بجمیع أشكاله سواءً في الغرب التي نادت بالشعارات المزیفة، والبراقة التي تزینت بها الحداثة الرأسمالیة وتزییفها لمفهوم المساواة، والأنكب من ذلك أن المرأة قبلت بتلك الألاعيب وبدأت تلعب ذلك الدور بإتقان وتعرض نفسها بكل طواعیة لقوانین الأنظمة الذكوریة.

وأردفت بأنه من جانب آخر لم تكن وضع المرأة في الشرق الأوسط أفضل حالاً منها في الغرب حیث استعبدت باسم بعض العادات والتقالید البالیة، وفي كلا الحالتین أصبحت المرأة العاملة الرخیصة والآلة المنجبة للأطفال، على حد تعبيرها.

المرأة في شمال سوريا أضحت مثالاً لنساء العالم

“بعد ثورة 19 تموز بمناطق شمال وشرق سوريا وانطلاق ثورة روج آفا والشمال السوري والتي سُمیت بثورة المرأة، استطاعت المرأة أن تؤدي دورها في العديد من المجالات، ومشاركتها في كافة الساحات المجتمعيّة، خطت خطوات استراتيجية لاسترجاع هویتها نحو تحرر المرأة، مما جعل المرأة في شمال وشرق سوریا محط أنظار لنساء العالم أجمع، والتميز التي تميزت بها ثورة المرأة هي مشاركة المرأة في المجال العسكري لحمایة قیم المجتمع والمرأة، حیث تصدت لأكبر قوة من المرتزقة في العالم مما تسمى بداعش، الذين اغتصبوا النساء وقاموا ببيعهن في أسواق النخاسة وكانت مساعیهم استغلال طاقات المرأة، والوصول إلى ما یریدون على حساب جسد المرأة، ولكن المرأة تحدت كافة الصعوبات وناضلت للوصول إلى حريتها لتحقيق أهدافها”، هذا ما أكدته رئيسة هيئة المرأة بإقليم الجزيرة زينب محمد.

الرجل يمارس سلطته في الحجر الصحي

وتسألنا من زينب عن رأيها حول العنف الممارس ضد المرأة بخاصةً في ظل انتشار هذا الوباء العالمي، فقالت: “بالرغم من النضال المتواصل من قبل التنظيمات النسائية في مناطقنا، لكن لازالت المرأة تعنف سواءً من قبل العائلة أو من قبل المرتزقة التي احتلت بعض من مناطق شمال وشرقي سوريا وفي عموم سوریا، سواءً العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي وإلخ، ويعود السبب لتلك الذهنية السلطوية التي تحكمت بالمجتمعات ومارست العنف بشكل ممنهج على المرأة، ولم یتم القضاء علیها وتراكمت خلال آلاف السنين”.

وأضافت زينب بأنه یجب على المرأة أن تكون أكثر واقعیة، مؤكدةً بأن خیر مثال على ذلك المرحلة الحالیة التي نعیشها مع ظهور فیروس كورونا الذي غزا العالم بأجمعه وأصبح وباءً عالمیاً، لذا كانت الوقایة من الوباء ملازمة بالبقاء في المنزل، كون الفيروس معدي وینتقل بسهولة بالعديد من الطرق.

ونوهت بأنه لوحظ مؤخراً زیادة العنف الممارس على المرأة من قبل الرجل، وأفادت بالقول: “إذا ما حللنا سبب هذا العنف، نلاحظ أن الرجال الذین كانوا یقضون ساعات طویلة في العمل والذین یمارسون السلطة على من یعملون معهم لم یبق أمامهم سوى تفریغ طاقاتهم السلبية على المرأة وأطفالهم بذریعة حجج واهیة، كما نلاحظ مواقع التواصل الاجتماعي الذي یتم بشكل ممنهج، حیث یعرض على شكل فكاهة لإظهار الخلاف بین الرجل والمرأة، وكأن الطرفان لا يستطيعان أن يعيشان سوياً إذا تواجد الرجل في المنزل، ويتم الاستهزاء بإنجازات المرأة وعملها داخل المنزل، وكأن تواجد المرأة في المنزل هو فقد من أجل تنضج داخل المطبخ نتيجةً لأوقات الفراغ التي تعیشه، مما یثیر غضب المرأة وتؤثر في حالتها النفسیة”.

وختمت رئيسة هيئة المرأة بإقليم الجزيرة زينب محمد حديثها قائلةً: “غالبیة النساء في العالم يعشن حالة نفسیة سیئة خوفاً على أبنائهن من الإصابة بهذا الوباء، ومن جهة أخرى الضغط الممارس عليها من قبل الرجل، لذا يجب على المرأة أن تكون أكثر وعياً وإدراكاً لما يحصل وأن تتحصن بتنظیمها”.