سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عفرين مأساة صنعها توافق المصالح الدولية

رامان آزاد –
بصرفِ النظرِ عن أهداف تركيا من العدوان، فعفرين طرحت سؤالاً مباشراً لماذا التزمَ العالمُ صمتاً أقربَ للقبول والتعامل مع الجهاديّة المتطرفة وانحاز مع الإرهاب وتنكّر لمشروع الحلِّ الديمقراطيّ؟ سؤالٌ ملحٌّ إذ أنّه في المستوى الأخلاقيّ يُعرّي نفاق العالم، وفي المستوى السياسيّ يعرّف بالأصدقاء في عالمٍ يجيز المساومة على كلِّ شيءٍ حتى الدماء والمصائر.
أرادت أنقرةُ قطعَ الطريق على أيّ مشروعٍ سياسيٍ ديمقراطيّ يمنح الكردَ حقوقهم بأيّ درجة، بحجّة إنهاء الوجودِ العسكريّ لقوة تعتبرها غير شرعيّة، رغم أنّها تؤدي مهمة الدفاع المشروع عن النفس، فأسندتِ المهمة لفصائلِ إرهابيّة يتفق العالم على أنّها ضالة غير شرعيّة ويجب اجتثاثها، ولكن المصالحَ أخرستِ العالم فاتخذ مقاعد البطالة الأخلاقيّة، فيما كان الإرهابُ يستهدف الأهالي الآمنين ويرتكب كلّ أنواع الجريمة (القتل، السرقة، مصادرة الممتلكات، التهجير الممنهج، والاستيطان).
العدوان على عفرين أجندةُ أنقرة وحدها وهي المصابة بفوبيا الكرد، فعفرينُ منقطعةُ الصلةِ عن الأزمة السوريّة في أسبابها وتداعياتها. وقد لا يدرك الكثيرون حجمَ حقدِ أنقرة وخوفَها المبالغِ فيه من الكرد، وتبنّيها سياسةَ الاستعلاءِ القومّي، وتتريكَ الإنسان والأرض.
اتّسم موقف الكرد منذ بداية الأزمة بالمناعة ضدَّ محاولات الاستدراج إلى أتونِ الصراع، الذي استغرق في التطرفِ والعنصريّة. ورغم أنّ إسقاط النظام لا يمرُّ عبر الكرد ومناطقهم، إلا أنّهم كانوا عرضةَ للاستهدافِ المسلّح من قبل كلّ فصائل الإرهاب على اختلاف مسمياتها، الأمر الذي رتّبَ على الأهالي مهمة الدفاع عن الذات. وباتت عفرين والمقاومة عنواناً واحداً، مضمونه الإنسان وإرادة الصمود، واستعداده للبذل والعطاء درجة الفدائيّة في سبيل الوجود والأرض. فيما كان AKP والإرهاب عنواناً واحداً مضمونه العدوان والاحتلال والقتل وأنواع الإجرام.
العثمانيّة الجديدة ميراثُ عداوة
تمثلت الأزمة السوريّة بفوضى السلاح وغياب المؤسسات الخدميّة. وبمرور الوقت تمكّن الكرد تنظيم ومأسسة العمل العسكريّ باسم وحدات حماية الشعب والمرأة YPG وYPJ وتوالت من بعد ذلك خطوات تنظيم المجتمع وإحداث هيئات خدميّة وتعليميّة ومجتمعيّة تحت عنوان «الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة»، فيما استمرت تركيا بدعم المرتزقة لضرب الكرد على طول الحدود.
بالمجمل كان المشروع الفيدراليّ الديمقراطيّ تجسيداً مباشراً لفكرة الأمة الديمقراطيّة واعتبار الدولة القوميّة التي ابتدعتها الحداثة الرأسماليّة سببَ مآسي البشريّة. وأنّ الاشتراكيّة المشيّدة فشلت في حلّ قضايا الشعوب، وأنّها نمط آخر من الاستبداد، فأُجريت مرحلتا انتخابات للمشروع الفيدراليّ (الكومينات ومجالس البلدات والمقاطعات)، فيما جاء العدوان التركيّ على عفرين قبل المرحلة الثالثة.
عدوان أنقرة على عفرين، تأكيدٌ على انغلاقِها في نزعة قومويّة فاشية تعود جذورها الحديثة إلى الانقلاب الأتاتوركيّ على الكرد بعد الثورة الوطنيّة، وأخذت حكومات أنقرة المتعاقبة منحىً أحاديّاً في كلّ سياساتها الداخليّة واعتمدت التتريك المطلق، وقضت بقسوةٍ على الثورات الكرديّة المطالبة بالحقوق، ولا تزال تخوض حرباً شرسةً ضد الكرد، سوّت خلالها آلاف القرى مع الأرض، ومارست سياسة ثنائيّة الإبادة ضدَّ وجودهم وثقافتهم ولغتهم، واستغلت المشاريع التنمويّة لإجراء التغيير الديمغرافيّ بالمناطق الكرديّة، واستمالت أعداداً كبيرةً من الكرد وجنّدتهم ضد أخوتهم الكرد. وتستمدُّ أنقرة صلفها وعنجهيتها ووهم السلطنة من تاريخ العثمانيّة.ومن قبيل الاستعراض الأخلاقيّ صدر قرار مجلس الأمن الدوليّ 2401 في 25 شباط 2018م والذي نصَّ على وقف إطلاق النار في سورية، ودعا جميع الأطراف إلى الالتزام والتنفيذ الكامل به، وأكّد مجلس الأمن في قراره التزامه القوي بسيادة سورية، واستقلالها، ووحدتها وسلامة أراضيها. وشدّد على أنّ الدول الأعضاء بقبول قرارات المجلس جميع الأطراف بوقف الأعمال العدائيّة دون إبطاء، والاشتراك فوراً في كفالة التنفيذ الكامل والشامل لهذا الطلب، وأكد على أنّ وقف الأعمال العدائيّة لا ينطبق على العمليات العسكريّة ضد مرتزقة (داعش)، والقاعدة، وجبهة النصرة، والكيانات المرتبطة بهما من الجماعات الإرهابيّة، كما حدّدها مجلس الأمن. ولكنّ أنقرة واصلتِ العدوان ولم تهتم للقرار الأمميّ الاستعراضيّ.
عفرين اختبارٌ أخلاقيّ فشل العالم فيه
تدركُ الأطراف الدوليّة والإقليميّة ذات العلاقة بالأزمة السوريّة أنّ حججَ أنقرة للتدخل العسكريّ في عفرين واهية ومفبركة، وأنّها لم تشكّل أيّ تهديد للأمن القوميّ التركيّ، بل إنّ أنقرة مثّلت خطراً دائماً على عفرين عبر دعم مجاميع الإرهابيين واستهدافها، ومواصلة الجيش التركيّ لسنوات تعدياته عبر الحدود بإطلاق النار وقلع الشجر. كما لعبت تركيا دوراً معطّلاً لمشاركة الكرد بمباحثات الحلّ المفترضة في جنيف.
تدركُ روسيا التي أعطت العدوان الضوء الأخضر بالعدوان أنّ أنقرة تقوم بتدويرِ استخدامِ الإرهابِ، وأنّ عفرين كانت منطقة آمنة، وحاضنة الحياةِ الطبيعيّة. وصمتت أوروبا خشية وصول عناصر إرهابيّة إليها، ولم تهتم أين يتمّ توجيهها. ويمكن القول عفرين كانت اختباراً أخلاقيّاً فشل فيه العالم. وكانت اختباراً للمقاومة وخياراتها السياسيّة وسطّر فيها الأهالي لوحة مقاومة نادرة وبمسؤوليّة عالية.
بدأ النزوح الداخليّ خلال العدوان إلى المدينة ، وباحتلال المدينة بدأت مأساة الأهالي المهجّرين في القرى والبلدات الآمنة في الشهباء وبلدتي نبل والزهراء، والتي لا تستوعب مئات الآلاف، فكانَ العراءُ الملاذَ الوحيد ولا غطاءَ ولا وطاءَ، فبُنيت الخيامُ على عجلٍ ﻹيوائهم، في غيابٍ للجهد الدوليّ الإغاثيّ. كما جرت عمليات سرقة البيوت والمحلات، وبذلك فإنَّ ما حدث لعفرين استثنائيّ تماماً، بانقلاب الحياة الآمنة إلى فوضى بتوافقٍ وصمتٍ دوليّ.
اليوم يعيش أهالي عفرين ظروفاً صعبة جداً فالمستوطنون الجدد استولوا على البيوت وتمَّ تسليحهم، ومن بقي أو عاد إلى بيته معرضٌ للاعتقال والتهمةُ جاهزة، وهي الانتماء إلى الإدارة السابقة أو PYD، وبهذا فإنّ الآلاف من العاملين في الهيئات السابقة على سبيل المعيشة باتوا ملاحقين، ما يثبت نوايا إضافية للاحتلال، وأما حملات التفتيش والمداهمة فعشوائيّة لا يمكن التكهّنُ بها، وكذلك الإساءة للأهالي رجالاً ونساءً.
رحلة العودة من النزوح طويلة جداً وسوء المعاملة، تستغرقُ أياماً في العراء، وقد اصطحب بعض العائدين معهم جنازاتٍ لدفنها في ترابِ عفرين، ووقعت وفياتٌ وولاداتٌ على الحاجز، وهكذا عاد كثيرون كما خرجوا مشياً بلا أمتعة.
مأساة عفرين صنعها التوافق الدوليّ لإرضاء أنقرة المتباكية على الغوطة زوراً، وإذا علمنا بعضاً مما جرى بالغوطة ﻷصابنا الذهول، (ذبح، حرق، خطف، أقفاص، قذائف وصراع مسلّح…). وكان يُشار إليهم بالإرهابيين، وغير بعيدٍ عن الذاكرة اعترافُ جيش الإسلام باستخدام عناصره السلاح الكيماويّ بالشيخ مقصود «بالخطأ» 9/4/2016م يومها لم يتحرك العالم وصمتَ. واليوم باتوا مجرّد «مسلحين»، أركبوهم حافلات «بيضاء» بكلّ احترام وتمّ توجيههم حيث تريد تركيا (إدلب، جرابلس، عفرين).
التغييرُ الديمغرافيّ هدفُ العدوان
التغييرُ الديمغرافيّ ليس استمراراً للعدوان التركيّ، بل هدفُه الأساسيّ، فأنقرةُ تعلمُ أنّ التوافقَ الدوليّ الذي فوّضها باحتلال عفرين سيطالبُها بالخروجِ منه في أيّ تفاهمٍ قادمٍ، وتحضيراً للانسحابِ لا يدّخر الاحتلال التركيّ جهداً في إجراءات توطين الموالين لها على الحدود، وتستفيدُ من كامل الوقت الممنوح لها. وفي تأكيدٍ للتوافق الدوليّ تقدّم بوتين بالشكر لأردوغان بسبب تعاونه في إنجاز السيطرة على الغوطة خلال القمة الثلاثيّة. ولنتيقن أنّ توازيَ معارك الغوطة وعفرين لم يكن أبداً صدفة.
وتستمرّ عملية التغيير الديمغرافيّ والاستيلاء على البيوت، لتبدو عمليات السرقة و»تقشيط» البيوت جنحاُ بسيطة بالمقارنة بها. ويتواصل دخول قوافل من حافلات المبعدين من ريف دمشق على مدار اليوم، ويتمُّ إسكانهم في البيوت. ولا يعدم المرتزقة حجّةً لتبرير عمليات الاستيلاء باتهام أصحابها سياسيّاً والانتماء إلى حزب الاتحاد الديمقراطيّ أو العمل في مؤسساته، كما يُطالبُ الأهالي بأوراق تثبت الملكيّة، حتى لو توفّرت الوثائق فلا اعتبارَ لها، ليتمَّ اللجوءُ إلى القوة والتهديد لإخراج الناس من البيوت.
إغلاقُ طريق العودة أمام الأهالي العائدين كان متعمداً، لدفعهم للعودة من حيث أتوا. وكسبِ مزيدٍ من الوقت ﻹسكان المبعدين من دوما، لا بل إنّ الأهالي لا يجرؤون أن يغيبوا لساعات عن بيوتهم خشية الاستيلاء عليها، فالاحتلالُ التركيّ يستعجل التغيير الديمغرافيّ لفرضِ أمرٍ واقعٍ يصعبُ تغييره فيما بعد. وقد ردّ أردوغان على تصريح وزير الخارجية الروسيّ لافروف تأكيداً على الخطة التركيّة، بأنّ عفرين ستُعاد إلى «سكانها الأصليين» وأنَّ القرار يعودُ ﻷنقرة وحدها.
اليوم مع التسوية بالحجر الأسود واستعادة الجيش السوريّ لكامل الغوطة الشرقيّة، والسيطرة على بلدات الضمير وجيرود، فالنظام على وشك إعلان سيطرته الكاملة على ريف دمشق، وبالتالي فإنّ أعداداً كبيرة ينتظرهم الترحيل، وقد تكون وجهتهم عفرين. وبذلك يتواصل التغيير الديمغرافيّ وفق مخطط تقسيم سورية إلى مفيدة وغير مفيدة، فيما مصير إدلب معلّق مع تمركّز آلاف المرتزقة فيها تحت الحماية التركيّة.
إسقاطُ التوصيفِ الكرديّ والوطنيّ عن عفرين
واقعُ عفرين اليوم يتجاوزُ الاحتلالَ، ليكون استباحةً كاملةً للمنطقة، وإنهاءَ معالم خصوصيّتها، بالتتريك والتعريب المبالغ فيه، والمطلوبُ استنزافُ صبر الأهالي، وتقنينُ إمكانية الحياة،. فعفرين تغيّرت تماماً وبسرعة، بسكانٍ جدد، وسلوكيّات مختلفة، وبات واقع اليوم يلاحقُ كلّ ما تبقى من تفاصيل الأمس القريب ويعتقله ويحاكمه، ومجرّد تهمةٍ ملفقةٍ تكفي لمصادرةِ البيتِ والأملاك وحتى الحياة. وآلاف القصص
عفرينُ حوّلها الإرهابُ إلى سجنٍ كبيرٍ، كلُّ شيءٍ فيها تغيّر السكان، ملامح الحياة، الأعلام، ولم تعدِ الكرديّة لغة الحياة اليوميّة ولا اللوحات الإعلانيّة. وفي المدينة يخرج الأهالي للشارع للضرورة ويتحرّكون بحذرٍ، يُوقفون بشبهةٍ أو بدونها، وساعات غياب قليلة عن البيت تكفي لسرقته أو الاستيلاء عليه، ولا يعلمُ الناسُ متى تُداهَمُ بيوتُهم، بحثاً عن أيّ شيءٍ، في السوق أنماطٌ جديدة من المحال التجاريّة والمطاعم. وفي القرى والبلدات يُدعى الأهالي للاجتماع في الساحات لساعات ليعودوا إلى بيوتهم وقد سُرقت مجدّداً. فجأة لم يعد أهالي عفرين يملكون شيئاً، لا بيوت، لا أشجار زيتون، لا آليات، ولا يأمنون حياتهم. وفي استهدافٍ مباشرٍ للهوية الوطنيّة السوريّة رُفع العلمُ الأحمر ذو الهلال على المؤسسات والمرافق مع تغيير أسماء المؤسسات، وكتابة اللوحات الإعلانيّة باللغة التركيّة،.
لازال طريق العودة إلى عفرين مغلقاً، ويقضي الأهالي أياماً على الحواجزِ، ومعظم العائدين نساءٌ وكبارُ السن وأطفالٌ، بينما توزّع المهجّرون من عفرين في مناطق الشهباء حتى المسلمية على جمرِ الانتظار، فيما النزول إلى حلب مغامرة، رحلةٌ على حوافِ الموتِ، قضت خلالها عوائلٌ بانفجارِ الألغامِ، فيما نشط سماسرةُ الطريق من المهرّبين.
وبتجميعِ الصورة فإنّنا أمام عملية إسقاط التوصيف الكرديّ والوطنيّ عن عفرين وإجراء تغييرٍ جوهريّ في التركيبة السكانيّة، فضاق الأهالي من العوائل العربيّة ذرعاً بالمتغيرات، وإذا ما علمنا أنّ العدوان على عفرين وفتح جبهة الغوطة تمّ ضمن توافق دوليّ، فإنّ ما يجري في عفرين لا يخرج عن هذا عن التوافق.
تحضيراتٌ للعدوان بانتظار التوافق الدوليّ
لعفرين رغم صغر مساحتها خصوصيّة كرديّة، فقد كان قطعُ الوصل الجغرافيّ بين كوباني وعفرين هاجسَ أنقرة، فبادرت لاحتلال جرابلس والباب لمنع الوصل. وكان احتلال تركيا لجرابلس بدون معارك في 24/8/2016م خلال ساعات تأكيداً لعلاقة أنقرة الوثيقة مع مرتزقة داعش، وقتها كان جون بايدن في أنقرة، وتردّد في الأوساط السياسيّة والمراقبين أنّ أيّ توافق دوليّ بالمنطقة لن يتجاهل مصالح تركيا وسيكون على حساب التضحية بالكرد، وكانت كركوك رسالة أخرى أكثر وضوحاً.
موقف أنقرة الانقلابيّ على هولير برفض نتائج استفتاء الاستقلال، ومن ثم تأييدها لسيطرة الجيش العراقيّ والحشد الشعبيّ على كركوك وسائر المناطق المتنازع عليها 22/10/2017م أكّد التزامها رفضَ أيّ مشروعٍ كرديّ خارج حدودها، كما عبّرت الدول الكبرى عن رفضها للاستفتاء.
عملت أنقرة حثيثاً على حشد مواقف دوليّة لصالح عدوانها، عبر سياسة الابتزاز والتهديد المبطن لدول أوروبا بفتح أقنيةِ الهجرة، وأنّ عليها الصمت حيال خطتها بإرجاع اللاجئين على أرضها، وبالغت في أعدادهم وادّعت أنّهم سكان المنطقة الأصلاء في إشارة لخطة التغيير الديمغرافيّ، ومن خلال اجتماعات أستانه نفّذت الانعطاف لكسبِ موقفي طهران وموسكو، وبادرت إلى التوافق مع الفصائل الإرهابيّة في إدلب تحت طائلة التهديد بإزالتها.
أما الخطوة العمليّة الأهم فكانت تجميع فصائل مختلفة في ريف حلب وإعادة تدوير بقايا مرتزقة داعش وضمّهم إلى «درع الفرات» وتشكيلِ ما سُمّي «جيش سورية الوطنيّ» وحكومة شكليّة تستمدّ منها شرعيّة التدخّل العسكريّ، وبذلك كانت كلُّ خطواتِ أنقرة تُنبئ عن خطوة عسكريّة قادمة ضد الكرد في عفرين، إلا أن تكون مسألة وقت. وكانت زيارات المسؤولين الأتراك تؤكّد على التنسيق،
من محاربة الإرهاب إلى استثماره
تدويرُ الإرهاب أساسُ المشكلة السوريّة، ولم يكن من الممكن خلقُ الأزمة السوريّة لولا العسكرة وتعدّدُ أطراف التمويل والدعم فتعدّدت فصائل الإرهاب المسلّحة، إلا أنّ دور تركيا كان الأكثر تميّزاً إذ دعمت كلَّ فصائل الإرهاب واستقدمتهم ودرّبتهم ومرّرتهم عبر الحدود.
لم تسفر جهودُ محاربة الإرهاب المزمعة عن إنهائه، وإنّما أدّت إلى انتقاله من منطقة لأخرى، وفقَ توافق دوليّ، وشكّلت أستانه مظلة لتجميع الإرهاب في إدلب تحت عنوان مناطق خفض التوتر، لتكونَ الجغرافيا المكثّفة لكلِّ تفاصيل الأزمة، وبموجبها اقتربت تركيا من الضفة الروسيّة وعقدت اتفاقيات اقتصاديّة وعسكريّة، كان احتلال عفرين أحدها، بعدما قامت بتجميع بقايا المرتزقة بما فيهم داعش والنصرة، وتشكيل جيش من الموتورين والقتلة واللصوص والمنحرفين، ليُعاد استخدامهم في سياقِ خطة أنقرة لحرب الكرد عبر الحدود.
وترى موسكو أنّ أنقرةَ الطرفَ الوحيد القادر على التحكّم وقيادة الإرهابيين، وأنّها الواجهة السياسيّة الرسميّة للتفاوض، وتستند في ذلك إلى تجربة سابقة بإخراج الإرهابيين من حلب وترحيلهم إلى إدلب، واليوم الغوطة الشرقيّة. وبذلك نتأكد أنَّ جهود موسكو وطهران في حرب الإرهاب لن تسفر عن نتائج ملموسة ما لم تنفتحا على أنقرة الوحيدة القادرة على قيادته كيفما تشاء، إذ لولاها لاستمرت معارك حلب والغوطة الشرقية أمداً أطول. وأهم ما في الحراك السياسيّ الروسيّ-الإيرانيّ هو دفع أنقرة لتغيير موقفها من دمشق، وتأكيد وحدة الأرض السوريّة، وبهذا وجه الحليفان رسالة إلى واشنطن ناهيك عن أنقرة نفسها، التي تقود فصائل إرهابيّة في عدوان «غصن الزيتون».
البراغماتيّة السياسيّة لا تتوقف على المسميات والمصطلحات، بل تضع الهدفَ نصبَ عينيها، وتعملُ للوصول إلى مرادها بأيّ ثمن، مستفيدةً من متغيرات الواقع. بذلك انتقلت موسكو من ضفةِ محاربة الإرهاب إلى استثماره. وتعمّدت فرضَ شروط تعجيزيّة على الكرد لتدفعهم للرفض، كما عرقلت دخول الجيش السوريّ إلى عفرين ليؤدّي مهمته الوطنيّة. وعمليّاً أُريد عبر احتلال عفرين إحداث شرخٍ بالصف الكرديّ، وعرقلة الحلّ الديمقراطيّ، وليبقى الحلّ رهنَ التجاذب الدوليّ، لترتفع أصواتٌ لا وزنَ لها هنا وهناك.
سياسة موسكو الجديدة أملت عليها التغاضي عن إسقاط قاذفتها واغتيال سفيرها أندريه كارلوف 24/11/2016م وربطت أنقرة باتفاقات اقتصاديّة وعسكريّة بالجملة. ولم تكن أستانه محطات لحلّ الأزمة بل منصة الانعطاف التركيّ باتجاه موسكو، فيما سوتشي تأكيدٌ لحصريّة الدور الروسيّ في سورية.
عفرين لم تنتهِ والمأساة مستمرة، ولكن مع التعتيم الكامل، فقد انتهت مرحلة نشر صور الدمار والسرقة علناً، وبدأت مرحلة جديدة غير محدّدة زمنيّاً، عفرين فيها سجنٌ كبيرٌ، الحياة فيه معقّدة، فالمداهمات وعمليات الخطف مستمرة، وكذلك الاستيلاء على البيوت، ولا أحدَ يعلم أين يُساق المعتقلون وما مصيرهم!! وأما سكان مخيمات الشهباء فمغيّبون عن الاهتمام الدوليّ والدعم الإغاثيّ، فيما يحصد الموتُ الهاربين بالألغام المزروعة في الأراضي الزراعيّة.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle