طلال محمد: “على الجّميع السّعي الجّاد لتحقيق وحدة الصّف الكُردي”

حِوار/ رَفيق إبراهيم ـ إيفا إبراهيم

أجرت صحيفتنا حواراً مع الرّئيس المُشترك لحزب السّلام الدّيمقراطي طلال محمد حول ضرورة وحدة الصّف الكُردي وبخاصّة في هذه الأوقات الحسّاسة، ومن يقف عائقاً لتحقيق هذه الوحدة، ومُبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي حيث قال: “أعتقد أن تشتت القوى الكرديّة في هذه الأوقات ليس من مصلحة الشّعب الكردي وقضيته العادلة، وأنّ مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي جاءت في الوقت والزمن المناسبين وبخاصّة أن الكُرد يتعرّضون للإبادة والتّهجير القسري من قبل دولة الاحتلال التّركي ومُرتزقته”. وأشار إلى أنّ المجلس الوطني الكردي لا يمكنه اتّخاذ القرار المُناسب في هذا الشأن؛ لأنّه مُرتبط بأجندات دول أخرى، وهناك من يسعى لخلق المَشاكل وبث الفتن بين الكرد أنفسهم لتحقيق مصالحهم”.

وهذا هو نص الحوار:

ـ جاءت مُبادرة القائد العام لقوّات سوريا الدّيمقراطية مظلوم عبدي لردم الهوّة بين الأطراف السّياسية الكرديّة؛ لماذا لم تلقى هذه المبادرة رداً إيجابياً من بعض الأحزاب الكردية؟

مبادرة الجنرال مظلوم عبدي حول وحدة الصف الكردي جاءت في مرحلة هامة من التّطورات على الساحة السورية بشكل عام، وفي الشمال الشرقي من سوريا بشكل خاص؛ من أجل توحيد الخطاب السياسي الكردي عامة، وبخاصةً الحركة السياسية الكردية في سوريا، في سبيل تحقيق وحدة الصف علينا بذل جهود مضاعفة لتلائم التّطورات التي قد تحدث على مستوى العلاقات الدّبلوماسية الخارجية، أو باتجاه عملية التفاوض مع النظام السوري. ولذلك؛ على الكرد التّوافق بينهم كقوة موحدة سيكون لها ثقلها في مثل هذه المفاوضات. وحالة التّشتت تؤثّر سلبياً على علاقتنا الدّبلوماسية مع الآخرين، وأيضاً على مدى تفاعلنا مع التطورات مستقبلاً مع أي عملية تفاوضية وحوارية من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

أمّا بخصوص عدم الرد الإيجابي لبعض الأطراف الكرديّة على المبادرة، فلقد تم الاجتماع مع جميع الأحزاب الكرديّة بدون استثناء من قبل مظلوم عبدي، وكل الأحزاب أبدت إيجابية حول هذه المبادرة وضرورة إنجاح هذه المبادرة وتلاقي القوة السياسية الكردية على طاولة واحدة للحوار والنقاش، والوصول إلى الصيغة المناسبة كخطاب سياسي وإعلامي موحد. ونقولها بكل صراحة: إنّ المجلس الوطني الكردي هو من يُماطل ويقف في وجه أي مبادرة تصبّ في خانة وحدة الصف الكردي.

ـ هُناك أطراف تحاول التّهرب من المسؤوليّة الوطنيّة وتتحجّج بِحجج واهية للتّملص مِنها؛ من هم هؤلاء ولماذا يقفون في طريق وحدة الصّف الكُردي؟

على جميع الأطراف الكُرديّة السّعي الجّاد لتحقيق وحدة الصّف، وهناك من يطالبون حزب الاتّحاد الدّيمقراطي بتأمين المناخ المُناسب من أجل الحِوار أو التّفاوض وكأنّه الوحيد المعني بهذه القضيّة، ويتحجّجون دائماً بمسألة المُعتقلين وفتح المكاتب وأمور ثانوية ليست لها علاقة بتوحيد الصّف. وأعتقد أنّ الإدارة الذّاتية وقوّات سوريا الدّيمقراطية كانت تصريحاتها واضحة، وما طلبوه قد نفذ. ولكن؛ حججهم لا تنتهي، وصدر إعفاء ممن كان عليهم دعاوي قضائيّة من قبل عوائل الشّهداء وبعض السّياسيين وفتح المكاتب واستجابت الإدارة لبعض المطالب الأخرى، ومع ذلك لم يستجب المجلس الوطني الكردي للمبادرة، ولم يبدي أي إيجابية تجاه ذلك. باعتقادي الزِّيارة الأخيرة لرئاسة المَجلس الوطني إلى تركيا واللقاءات التي تمّت مع الائتلاف أثّرت على قراراتهم كثيراً، والمجلس الوطني الكردي غير مُهيّئ لتلبية هذه الدّعوة؛ لأنّ مثل هذا القرار يصدره غيرهم.

ـ الوحدة الكرديّة ضرورة بخاصةً في هذه الأوقات الحسّاسة والمَصيريّة، وإن لم يتحد الكُرد الآن؛ فمتى؟ 

على الكُرد استغلال هذه الفُرصة التاريخية؛ للتّخلص من الويلات والإبادات الجماعيّة سواء في العراق أو سوريا أو تركيا أو إيران، والنّشطاء والسياسيين الكُرد؛ يتعرّضون لأبشع أنواع الاعتقال والاعدامات. لذلك؛ الآن الفرصة مواتيه لِلَمْلَمَة صفوف الحركة الكرديّة، والآن أصبح الشّعب الكردي في سوريا رقماً صعباً في معادلة التّغير، ولا يمكن تجاوزهم، والأزمة السّورية لن تُحل ما لم تُحل قضية الشّعب الكردي في سوريا. لذا؛ وحدة الصف الكردي في هذه المَرحلة هي من الضّروريات ومن الواجبات القوميّة والوطنيّة، وعلينا أن نعلم بأنّ المرحلة هي مرحلة توحيد الصّف الكُردي، وإنْ لم نقم بمسؤولياتنا كأحزاب وقوى كرديّة؛ أعتقد بأن الشّعب الكُردي سيكون له الكلام الفصل في النِّهاية، والجَّميع يعلم من الذي يقف في وجه وحدة الصّف، ومن هم الذين يلهثون وراء مصالحهم الشخصية والحزبية الضّيّقة.

ـ برأيكم؛ كيف يَمكن للأحزاب والقوى السّياسية الكرديّة تحقيق وحدة الصف، وكل يتّهم الآخر على أنّه السّبب في الفرقة والشّتات؟

أنْ تكون صاحب مشروع سياسي سيكون هناك من يتفق معك، ويكون هناك من لم يتفق معك أيضاً. ولكن؛ حسب الوضع العام والأزمة في المنطقة وبخاصةً في سوريا؛ علينا القبول والسعي لتحقيق ما يخدم ويلبي طموحات الجماهير والمجتمع الكردي بغالبيته العظمى متفق مع وحدة الصف الكردي. لقد كان مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا أهم مشروع من خلال انتهاجه الخط الثالث عبر مشروع الأمة الديمقراطية، حيث عرفوا أنّ سوريا سوف تنزلق نحو الهاوية وهناك قوة إقليمية ستعمل على تأجيج النار واشعالها في المنطقة. أمّا بخصوص الخلافات والاتهامات حول وحدة الصّف الكردي وضرورتها، في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية إن لم نكن مَرِنِين مع هذه المُتغيرات التي تجري على الساحة في سوريا وغيرها؛ سنخسر الكثير. ولهذا؛ يجب أن تتحد الأحزاب السياسية الكردية ويكون لها خطاب إعلامي ودبلوماسي موحد، وعلى الكرد أن يتفقوا على كل ما من شأنه خدمة قضيتنا العادلة. وإن اتّحدت القوى السياسية الكردية سيكون لها دور كبير في الإسراع بالحلول التي تخص سوريا والمنطقة.

ـ ما الأطراف الفاعلة التي يمكنها الضّغط عل الأطراف الكردية في سوريا، وهل هناك فرصة لذلك؟

كانت هناك مبادرات دولية ومؤخراً تقدمت فرنسا بمبادرة بالتّوافق مع أمريكا وبريطانيا وإيطاليا كَقِوى ضمن التّحالف الدولي، قامت فرنسا بمبادرة من أجل توحيد الصّف الكردي. ولكن؛ للأسف هذه المبادرة لم تلق النّجاح، والمجلس الوطني الكردي وقف في وجه تلك المبادرة، والحجج هي نفسها القديمة الجديدة، والطرف الآخر أيضاً لديه بعض العقبات ونحن مع الأحزاب ضمن الإدارة الذاتية ومن ضمنها حزب الاتحاد الديمقراطي وعلينا القيام بما يجب فعله في هذا الصّدد. ولكن؛ الحجج الأُخرى التي يتحجّج بها المجلس الوطني الكردي غير منطقيّة ولا تخدم مساعي ومبادرات وحدة الصّف الكردي.

الضّغوطات الدّولية حصلت لكنها لم تُلبَّ، ودائماً المجلس الوطني الكردي يطالب بوجود ضمانة دولية، وفرنسا أعطت الضمانة ولكنهم لم يبادروا. لذلك؛ يجب أن يكون هناك ضغط من قبل الأحزاب الكردستانية الكبرى والتي لها تأثير قوي على الحركة الكردية في سوريا، وخير دليل عندما كان اتفاقية هولير ودهوك وحصل اتفاق وتم تشكيل هيئة الكردية العليا. القوى الكردستانية في باكور وباشور هي الوحيدة التي تستطيع لملة الحركة الكردية في سوريا.

ـ ما رُؤيتكم بوضع الكرد بشكلٍ عام وفي روج آفا بشكل خاص؟

أثّرت الأزمة السّورية طِيلة التّسع سنوات الماضية ومن ضمنها الشّعب الكُردي على الكثير من دول الجوار خاصة القضية الكردية والشعب الكردي الذي ينقسم بين أربع دول. القضية الكردية في سوريا تخطت الحدود وهذا ما جعلت من حكومة العدالة والتنمية ورئيسها أردوغان في القيام بانتهاج سياسات عدائية واحتلالية في سوريا والشمال السوري؛ بهدف عدم حصول الشّعب بالكردي على حقوقه. وهناك قضية مشتركة بين كرد سوريا وتركيا. لذا؛ سيكون لها تأثيرها على الكرد في تركيا وغيرها من الدّول الغاصبة لكردستان.

تركيا بهذه السياسية تعرقل أي جهود دبلوماسية من أجل عدم حصول الكرد على حقوقهم في تركيا والأجزاء الأخرى. بالطّبع الأزمة السورية مُرتبطة بشكل كبير بحل القضية الكردية في سوريا، فإن لن لم تُحل القضية الكردية؛ لن تُحل الأزمة السورية، وهذان الأمران مُرتبطان ببعضهما البعض، والكل مقتنع من حيث المبدأ بأن سوريا لن تعود إلى ما قبل عام 2011 ولا بأي شكل من الأشكال، ومسألة حكم الفرد والحزب الواحد والسلطة المركزية باعتقادي أن هذا الأمر لم يعد بالإمكان تحقيقه في سوريا؛ ومن هنا سيحصل الكرد على حقوقهم في العيش الكريم ولا بد أن يتمتع بكافة الحقوق والحريات كي يلعب دَوره المُناسب في بناء سوريا المستقبل مع الشّعوب السورية الأخرى.

أما بالنسبة لوضع الكرد بشكل عام الأزمة السورية؛ فأثرت على وضع الكرد بدول الجوار. ولكن؛ أعداء الكرد يتفقون معاً عندما يتعلق الأمر بمصير الكرد حتى وإن كانت العلاقات سيئة بينهم، ومن الجوانب التي يتفقون فيها مثلاً نراهم فيما يخصّ الكرد في سوريا مُتّفقين على عدم حصول الشّعب الكردي على حقوقه ولا بأي شكل من الأشكال. لذلك؛ علينا كَكُرد إدراك هذا الواقع على حقيقته، وهُناك أمور يجب أن نَعيها وأظن أنّ الكرد يدركون أن أعدائهم يصنفونهم جميعاً على المستوى نفسه من العِدائية؛ لأن هدفهم الكُرد وليس طرف معين، وليس كما تَدّعي تركيا بأنّ الهدف من الهجوم على الكُرد في باشور كردستان هو وجود حزب العمال الكردستاني هناك، أو تحتل مناطق من شمال وشرق سوريا بحجة وجود من يوالون حزب العمال؛ هذه كلها حجج واهية ليس لها مصداقية وحقيقة. ومن الواجب علينا كحركة كردية في جميع أجزاء كردستان العمل الدؤوب لتحقيق ولو أساسيات الوحدة الكرديّة وبخاصة في المسائل المصيريّة.