صالح جنيد؛ بوصلة فنية فريدة في زمن الضبابية

روناهي/ آزاد كردي-

يعتبر الفنان التشكيلي والخطاط صالح جنيد من رموز الفن التشكيلي في مدينة منبج وأحد فرسانها الكبار. عاش طفولته في حلب الشهباء وتربى في أحضانها وبين ظهرانيها واكتشف موهبته وفطرته في الرسم وهو لا يزال صغيراً.

وجد الفنان التشكيلي والخطاط صالح جنيد مناخاً فنياً أكثر ألفة ورحابة بمباركة معلمه الفنان أمين السم. فاكتشف موهبته بالفطرة ودعمه فيما بعد في موهبتي الرسم والخط. وكانت انطلاقته سنة 1994 ثم في سنة 1996 حيث درس في معهد تشرين للفنون الجميلة.

تمكن جنيد من تحويل مكامن الإبداع التي لديه إلى ثمار ريانة للمواهب الشابة فسخر إبداعه للمبتدئين وارتأى أن يكمل مسيرته الفنية معلماً فيُنقل عنه الجمال الصرف في أكمل معانيه وأجمل صوره، حيث له أسلوبه الخاص بالرسم ويدأب دائماً في البحث عن الجديد.

وتنفرد ريشته بمزايا خاصة لا يمتلكها سواه من الفنانين، ويرى في الرسم أقرب الفنون له كونه يجسد ما يدور في وجدان الإنسان. كما أنه يعتمد على تقنية التعامل مع ألوانه بالسكينة وإعطائها تشبعاً للون وسماكات محددة، إضافة إلى أنه يميل للألوان الترابية لتكثيف الشعور والإحساس بالقوة والتباين.

يعيش الفنان صالح جنيد حالة عشق وهوى مع جميع الفنون التي فيها إحساس وعمل، على أمل خلق فضاءات ساحرة من خلال رسوماته الإبداعية. كما يحاول أن يوصل صرخاته وهمساته إلى مسامع المشاهدين عبر رسوماته بتلميح كبير وهو إلى ذلك يتمتع بحواس فنية كاملة إن لم تكن زائدة، لذلك يستطيع تحويل صمت لوحاته إلى نبرات ناطقة عبر خلجات الذات.

دائماً ما يبحث عن الأمل المفقود في الرسم رغم قساوة الحياة التي ترعرع فيها ولا سيما بالنسبة للأجيال القادمة التي تجهد خلف حاجاتها المعيشية بعيداً عن الفن وهذا ما يبرر شغفه في اللون الترابي الدال على الشقاء والتعب.

فرض وجوده على الساحة الفنية مع تحرير مدينة منبج وريفها من رجس الإرهاب في عهد الإدارة المدنية. أما في ظل الأزمة السورية، فتابع دراسته بالمعهد الروسي في لبنان بحثاً عن غرفة عاجية يتفرد بها إلى عوالم لا ضفاف لها في مجال الرسم.

ويبحر الفنان صالح جنيد في شطآن المدرسة الواقعية حيث تجرد رسوماته الألوان في بحث متواصل عن مكامن الذات، حيث الدقة باستخدام اللون لتعطي للمتلقي أبعاداً عصرية مختلفة الفكر والجمال والإحساس، إضافة إلى ألوانه الخاصة التي تتناغم في إيقاع مرهف، فالفن بالنسبة له يعني الذهاب عميقاً في المغامرة الجمالية المعنية بما يحتاجه الناس في شؤونهم وشجونهم اليومية.

يعتبر الفنان صالح جنيد أن مستقبل الفن في منبج يحتاج لوقت وجهد، وتسوده الضبابية القاتمة – بعض الشيء – والسبب في ذلك الحرب التي تزال تثقل على أبنائها فكونت نوعاً من التردد في داخلهم على تعلم المهارات الفنية وتطوير الهوايات. وربما أثر أيضاً إلى حد كبير في عدم ظهور العنصر النسائي في الفعاليات الفنية وربما قد يعود ذلك في بعض منه إلى سلطان العادات والتقاليد التي تسيطر على البلد بالعموم.

يطمح الفنان التشكيلي صالح جنيد أن يقدم أعمالاً فنية ترقى إلى العالمية على الرغم من بعيد المنال ولكنه ليس بالمحال؛ غير أنه يحتاج للاجتهاد والمثابرة بالتدريب المستمر. وهو يدعو العالم جميعاً إلى الاهتمام بالفن بشكل عام لأن فيه طاقة كامنة لتطوير الذات والهوايات وهو مفتاح العقل وفيه ترتقي الأمم.

الجدير ذكره أن الفنان التشكيلي والخطاط صالح جنيد من مواليد مدينة منبج عام 1980م، أقام عدة معارض فنية في حلب ولبنان ودبي ومنبج. يعمل حالياً مدرساً لتعليم الخط العربي والرسم في مركز الثقافة والفن في مدينة منبج في الفترة الأخيرة وتخرج على يديه دفعتان اثنتان من الطلبة في مجال الخط والرسم.