سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سد روج آفا ثاني أكبر السدود السورية والتداعيات الخطيرة لنقص المياه نتيجة شنّ حرب المياه من قبل المحتل التركي

الرقة/ حسين علي ـ

أكد مدير سد روج آفا “تشرين”، على الانخفاض المستمر والمتواصل لواردات نهر الفرات، ولمدة تزيد عن 30 شهراً متواصلاً، وأشار إلى أن قطع دولة الاحتلال التركي المياه أدى إلى انخفاض نسبة المياه في السد وبالتالي انتشار الأمراض والأوبئة وتراجع الزراعة عصب الاقتصاد في المنطقة.
الأهمية الاستراتيجية لسد روج آفا
يعدُّ سد روج آفا (تشرين) السد الأول على نهر الفرات في سوريا، وثاني أكبر سدودها بتصميم إنشائي روسي ألماني، وبتجهيزات صينية، دخلت العنفة الأولى فعلياً الخدمة في عام 1999، وكان الهدف من إنشائه هو تخزين المياه لتشكيل بحيرة تستخدم في أغراض الري والشرب، وتوليد الطاقة الكهربائية، ويبلغ منسوب التخزين الاسمي لبحيرة سد تشرين 325 متراً عن سطح البحر، ويبلغ حجم التخزين للبحيرة عند هذا المنسوب 1.9 مليار متر مكعب من المياه.
وحسب المعاهد المصممة للسد، ومنحني تشغيل العنفات في السد، يجب إيقاف العنفات بشكل تام، إذ بلغ منسوب التخزين عند المنسوب 320 متراً، ويسمى هذا المنسوب بالمنسوب الميت حيث يبلغ حجم البحيرة عند هذا المنسوب 1.19 مليار متر مكعب، من هذه الأرقام نلاحظ، أن كتلة المياه المشكلة للبحيرة، والتي يمكن للسد العمل خلالها هي 1.9-1.19=0.71 مليار متر مكعب.
وفي هذا الصدد أوضح مدير سد روج آفا تشرين “حمود الحمادين” لصحيفتنا “روناهي”: “في ظل منسوب التخزين الجيد، والوارد النظامي تبلغ الاستطاعة الاسمية المستهدفة للتوليد بحدود 900 مليون كيلو واط ساعٍ سنوياً؛ ما يشكل منبعاً جيداً ورديفاً سريعاً للشبكة الكهربائية، يتدخل عند الطوارئ، وفي أوقات الحاجة والذروة، ومنه فإن البحيرة تشكل مورداً هاماً وحيوياً في تأمين مياه الشرب والري، وتحقيق الأمن الغذائي وتأمين ما يلزم من مياه الري طيلة العام، كما ويشكل منبعاً أساسياً للطاقة الكهربائية النظيفة، والرخيصة بالمقارنة بالمنابع، التي تعتمد على الوقود وغيرها”.
التكوين البنيوي الكهربائي
ويتكون السد من ست عنفات عمودية من نوع كابلان، تبلغ الاستطاعة الاسمية لكل عنفة 107 ميغا واط عند منسوب التخزين الجيد، والوارد النظامي، وبالتالي تبلغ الاستطاعة المركبة للسد في حال عمل جميع عنفاته 630 ميغاواط ترفد بها الشبكة الكهربائية، وفي هذا أضاف الحمادين: “في ظل ما نشهده حالياً من انخفاض مستمر ومتواصل لواردات النهر، ولمدة تزيد عن 30 شهراً متواصلاً، فإن البحيرة فقدت مخزونها بشكل كبير، بالرغم من المساعي كافة لترشيد استخدام المياه بالحد الأدنى، وتقنين التوليد الذي اضطررنا من خلاله إلى إيقاف السد بشكل كامل، تجنباً للكوارث الأكبر، التي يمكن أن تحدث، وذلك فيما يتعلق بمياه الشرب ومياه الري، فقد طالت يد التخريب والتدمير إبان المقاومة ضد مرتزقة داعش جوانب كثيرة من مكونات السد الإنشائية والتقنية، وقد عملت الإدارة الذاتية مع العاملين للحفاظ على السد وترميم الأضرار، ومعالجتها ضمن إمكانات جبارة أعادت لسد روج آفا جزءاً من حيويته، ورونقه، وموقعه ضمن الشبكة الكهربائية، لولا قلة الوارد، والتي أثرت بشكل كبير على عمل وبنية السد”.
الأضرار الناجمة عن انخفاض الوارد المائي
ويمكن أن نوجز أهم الأضرار نتيجة للانخفاض المستمر للبحيرات، واستنزاف المخزون الاستراتيجي للبحيرة وفق النقاط التالية: مياه الشرب ومياه الري والطاقة الكهربائية، وأوضح الحمادين، أن الكوارث التي تنجم عن تقليص تدفق المياه من قبل الاحتلال التركي: “إن أول ما يتأثر من نقص الوارد المائي هو أولاً، مياه الشرب، فقد خرجت معظم محطات الضخ الخاصة بمياه الشرب عن الخدمة، نتيجة للانخفاض الحاد في منسوب البحيرة دون أي موجة تغيير في الوارد لتعويض الفاقد اليومي في البحيرات، الذي يضر الحصول على مياه الشرب النظيفة من أمرين، أولاً صعوبة الحصول على المياه، نتيجة خروج المحطات عن الخدمة لانخفاض البحيرات الشاقولي بما يزيد عن أربعة أمتار ونصف، ولانحسار البحيرات أفقياً وصل في بعض المناطق لأكثر من اثنين كيلومتر، ثانياً، بسبب قلة الوارد يتوقف السد لمدة 18 ساعة تقريباً؛ ما يحرم النهر من أهم ميزاته، وهي الجريان المستمر، وبالتالي غسل نفسه بنفسه، وفي ظل الانخفاض الكبير وتحول النهر إلى مستنقعات وممرات نهرية، وتوقفه الطويل ترك الأمور متاحة لنمو الطحالب، والأمور الممرضة وتكاثر البكتريا والأمراض، وبالتالي يؤثر ذلك على نوعية مياه الشرب، ويساهم بنقل الأمراض، والتي كان أخرها وباء الكوليرا”.
وتابع الحمادين حديثه: “أما الأمر الثاني وهو، مياه الري، وكما كانت الحاجة لمياه الشرب فالأمر الموازي؛ لذلك هو تأمين الأمن الغذائي عن طريق تأمين مياه الري وسهولة الحصول عليها شتاءً وصيفاً، فتأمين مياه الري يوفِّر موسماً زراعياً جيداً ويحقق مقولة: من “يملك اللقمة يملك القرار”، لكن نفاذ البحيرات يعني عدم وجود مقومات الإنتاج الزراعي، وتهديد المزارع في محصوله، والمواطن في قوت يومه”.
واستكمل حديثه عن تأثير تقليص تدفق المياه من قبل الاحتلال التركي، على توليد الطاقة الكهربائية، وهو الأمر الثالث: “وهو الأثر الواضح على الأهالي إذ أن تأمين مياه الشرب والري تأتي بالدرجة الأولى، الذي جعل التوليد في أدنى مستوياته، ويتركز على تشغيل عنفتين فقط خلال فترة التشغيل، ونتيجة لانخفاض المنسوب قل مردود العنفة بشكل واضح ليبلغ بحدود 75 ميغا واط؛ ما يعني خسارة بحدود 30 ميغا واط من استطاعة العنفة عند الكمية نفسها من المياه، والتي تبلغ 456 متراً مكعباً بالثانية لتشغيل العنفة الواحدة، وننوه، أن السدود هي منابع للتغذية الكهربائية ترتبط بشبكة رئيسية تربط بالمناطق كافة، وبالتالي الطاقة المولدة في السد يمكن الاستفادة منها للمناطق دون تحديد منطقة بحد ذاتها، ويتم توزيع الطاقة الكهربائية وفق برامج تغذية بالقدرة الممكنة والمتاحة فقط، دون تلبية رغبة الأهالي، والمواطنين بالعدالة القصوى لتأمين الاستفادة من ساعات تغذية قليلة”.
والجدير ذكره، تعرض سد روج آفا على نهر الفرات في شمال وشرق سوريا، لتخريب وأضرار جسيمة على يد المجموعات المرتزقة، وقد أسفر هذا العمل الإجرامي عن انقطاع التيار الكهربائي في المناطق المحررة، وتضرر البنية التحتية الهامة في المنطقة.
ويعد سد روج آفا “تشرين” إنجازاً هاماً في مجال الطاقة والبنية التحتية في المنطقة، حيث يمثل مصدراً أساسياً لتأمين الكهرباء للمناطق المحررة، والتحكم في تدفق المياه على نهر الفرات، ولكن هذا الإنجاز تعرض للخطر بسبب الأعمال الإرهابية، التي تستهدف البنية التحتية والمرافق الحيوية في المنطقة.
وتثير هذه الأعمال الإرهابية القلق بشكل خاص، حيث تؤثر على الحياة اليومية للمدنيين، وتسبب خسائر كبيرة في الممتلكات، والبنية التحتية، ويجب أن يتم تحميل المسؤولية للمجموعات المرتزقة التابعة لدولة الاحتلال التركي، والتي تستهدف المنشآت الحيوية وتعرض حياة المدنيين للخطر.
ويجب على الجميع أن يوحدوا جهودهم للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ولتعزيز الإنجازات العظيمة التي تحققت في مجال الطاقة والبنية التحتية، وإن تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة يمثل مصلحة مشتركة للجميع، ويجب على الجميع أن يعملوا بجدية لتحقيق هذه الأهداف المشتركة، والوقوف في وجه الحرب الخاصة وحرب المياه التي تستخدمها دولة الاحتلال التركي ضد الشعوب في سوريا والعراق ليس فقط في شمال وشرق سوريا.