الاقتصاد الخفي

د.هاجار عبد الفتاح_

تختلف أشكال الاقتصاد الخفي ومكوناته من مجتمع لآخر، بسبب اختلاف واقع إقتصادات البلدان وأنظمتها المختلفة، وعلى الرغم من تزايد انتشاره وتغطيته المجالات الأنشطة الإنتاجية، والخدمية والتجارية، إلا أن صعوبة تحديد مفهومه جعلت منه ظاهرة معقدة تضم الكثير من الجوانب المختلفة والمتشابكة مع بعضها، والتي تحتاج إلى درجة كبيرة من الفهم والتحليل. فهو يشمل أنشطة غير مشروعة وأنشطة مشروعة لكنها غير مسجلة رسمياً. ولا تدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي، ولذلك أطلقت تعبيرات متعددة على هذا الاقتصاد فقد سمي ((باقتصاد الظل والاقتصاد غير الرسمي والاقتصاد التحتي والاقتصاد الأسود، والاقتصاد غير المرئي، والاقتصاد المقابل واقتصاد الباب الخفي……………الخ))

أبرز أنشطة الاقتصاد الخفي:

أولاً: التستر التجاري: يعدُّ من أبرز أشكال الاقتصاد الخفي ومكوناته، ومن الظواهر التجارية، التي لها تأثير بالغ في إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي، وتشويه المؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية المختلفة، ومن أهمها مؤشرات الأسعار، ومعدلات البطالة، ومعدلات النمو الاقتصادي، وإضعاف الكفاءة الاقتصادية، والإخلال بتوزيع الموارد، وزيادة حالات الغش التجاري، وتتنامى هذه الظاهرة بالتزامن مع التوسع في النشاط الاقتصادي، والتجاري والخدمي، وإتساع النطاق العمراني للمدن والقرى في مختلف المناطق، وهو من أكثر الممارسات خطراً عند انتشاره، حيث يؤدي إلى إنخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وتراجع مستويات التنمية الاقتصادية؛ ما يقوّض كل مستهدفات خطط التنمية.

ثانياً: غسل الأموال: تعد جريمة غسل الأموال من أكثر أنشطة الاقتصاد الخفي، ومكوناته المتنوعة، ويصعب تقدير حجم الأموال التي غسلها سنوياً في العالم. كما إنها تهدد الأمن الاقتصادي والسياسي والإجتماعي والأخلاقي على المستوى الدولي بشكل عام وعلى المستوى الوطني بشكل خاص.

ويطلق مصطلح غسل الأموال، على مجموعة من العمليات المالية والعينية المتداخلة، التي تخفي حقيقة الأموال المتحصلة من مصدر غير مشروع، عن طريق القيام بتصديرها، أو إيداعها في مصارف دول أخرى، أو نقل إيداعها، أو توظيفها، أو استثمارها في أنشطة مشروعة. ولعمليات غسل الأموال آثار سلبية على الاقتصاد الوطني واستقراره، فهي تؤثر على مجمل أداء مكونات الاقتصاد الكلي.

ثالثاً: التهرب الضريبي: تمثّل الضرائب أحد أهم الموارد المالية ومصدراً من مصادر تموين الميزانية العامة للدولة، وتسهم بفاعلية في تغذية الخزينة بالسيولة النقدية، وهي أداة من الأدوات المهمة لتحقيق التوازنات الاقتصادية، ورفع مستوى الدخل ومعالجة التضخم النقدي. والحد من التفاوت بين الدخول وتمويل البرامج الحيوية، وتأمين الخدمات الاجتماعية، وتغطية العجز في ميزان المدفوعات.

ومن الأسباب المؤدية إلى انتشار ظاهرة التهرب الضريبي، وجود بيئة تتوفر فيها الشروط الملائمة لها التي تساعد في نموها واتساعها، وتؤدي إلى ضعف الوعي الضريبي بين أفراد المجتمع، كوجود بعض الاعتقادات الخاطئة عن الضريبة، مثل اعتبار الضريبة قطاع مالي دون مقابل.

رابعاً: الفساد الإداري: يعدُّ الفساد الإداري والمالي واستغلال النفوذ، من أهم عوامل انتشار الاقتصاد الخفي، وتفشيه، ومن أكثر الجرائم خطورة على المال العام والاقتصاد الوطني.

والعلاقة بين الفساد الإداري والمالي وبين الاقتصاد الخفي ثابتة، وتختلف قوةً وضعفاً بحسب الوضع الاقتصادي للدولة، وتلعب الإغراءات المالية أو العينية المقدمة من الممارس للاقتصاد الخفي دوراً رئيسياً في توسيع أنشطته وازديادها، ويأخذ الفساد صوراً متنوعة وأشكالاً مختلفة، حيث تعدُّ الرشوة أكثر مظاهر الفساد الإداري، والمالي شيوعاً، بالإضافة إلى الوساطة والمحسوبيات ونهب المال العام، واستخدام الموارد الحكومية في المنافع الخاصة.

خامساً: تجارة الممنوعات والمحرمات دولياً: وتشكل أحد المكونات الكبرى للاقتصاد الخفي بسبب تغلغلها في محالات الأنشطة الاقتصادية والمالية. وتتنوع تجارة الممنوعات وتأخذ أشكالاً متعددة، فمن أبرزها تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وتواجه كثير من الدول آثاراً اقتصادية خطيرة، بسبب انتشار تجارة الممنوعات والمحرمات، لما تؤدي إليه تزايد عمليات غسل الأموال، التي تسهم في رفع معدلات نمو عرض النقود، وبالتالي رفع معدلات التضخم؛ ما يخلق حالة عدم استقرار نقدي واقتصادي.