روج آفا والشمال السوري أكثر المناطق أمناً ضمن عام 2018م

ميديا غانم –

---

بعد الجزء الأول من بانوراما 2018  م الخاص بالتطورات التي حدثت من الناحية الاجتماعية، والذي تناولنا فيه العديد من النقاط ومجمل المقررات الهامة ضمن العام ذاته، نستكمل ما تبقى من أبرز ما تم إنجازه ضمن هذا العام بسلسلة من أهم الأحداث، ضمن هذا الجزء.

كثيرة ومتنوعة هي الإنجازات المتميزة التي حدثت ضمن عام 2018م، وبالرغم من قلة الإمكانات استطاعت شعوب روج آفا بكافة الأطياف والألوان بالتعاضد مجابهة كافة التحديات، والانتصار على كل المعوقات التي واجهتهم، ولكن أكثرها تميزاً تفعيل دور الشبيبة بشكلٍ أوسع والعمل على انخراطهم ضمن كافة مناحي الحياة.

الشمال السوري… الملاذ الآمن للخلاص من جحيم الحرب

منذ عام 2014م، وفي ظل الأوضاع التي مرت بها البلاد والمنطقة برمتها لم تتوانَ الإدارة الذاتية الديمقراطية عن احتضان الآلاف من الداخل السوري والعراق، حيث أنشأت مخيمات لاستيعابهم فيها مع تقديم معظم الحاجات الأساسية بالرغم من قلة الإمكانات.

في ظل استمرار الهجمات التي كانت تشنها الفصائل العسكرية المختلفة والاحتلال التركي ومرتزقته؛ أصبحت هذه الخيم الملاذ الأمن الوحيد للنازحين واللاجئين من مختلف المناطق، والتي يعمل ضمنها إداريين تم تعيينهم من قِبل مكتب شؤون اللاجئين التابع لهيئة العمل والشؤون الاجتماعية التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، في سبيل تأمين الخدمات الأساسية واليومية لقاطني المخيمات وتنظيمهم، ومن الناحية الصحية يشرف الهلال الأحمر الكردي عليهم ليعمل بكل إخلاص على تغطية كافة المخيمات بالرغم من إمكاناتهم المتواضعة، بالإضافة إلى عناصر من قوات الأسايش لتأمين الحماية لهم.

والجدير بالذكر بأنه منذ بداية عام 2018م، لوحِظت موجة عارمة من النازحين العائدين إلى بلادهم ومناطقهم في موجات متتالية، بسبب تهدئة الأوضاع فيها، ولتحرير الكثير من المناطق على يد قوات سوريا الديمقراطية وتسليمها لأهلها، وقد عادوا وهم ممتنين مما قدمتها لهم الإدارة في روج آفا والشمال السوري، من مساعدة أولاً وتدريب وتنظيم ثانياً، فأن التدريب التنظيمي الذي تعلموه في المخيم من تأسيس الكومينات والمجالس، بحيث تعلموا كيف يديرون أنفسهم، كانت تجربة مفيدة لهم.

كما إنه ضمن العام 2018م، شُوهِد تقاعس كبير من المنظمات الإنسانية عن القيام بواجبها تجاه هؤلاء النازحين ضمن المخيمات، بسبب قلة الإمكانات للإدارة في روج آفا والشمال السوري، والتي لم تستطع تغطية كافة المخيمات بكل الاحتياجات اللازمة، وهذا ما كشف الوجه الحقيقي لمعظم المنظمات التي توانت عن تقديم المساعدات للنازحين واللاجئين، كما في مخيم الطويحينة ومخيم الجربوع، ومخيم روج فحالات النازحين كان يُرثى لها خاصة في فصل الشتاء حيث كانت المياه تفيض والمخيمات كانت قد اهترأت، فلم تقيي النازحين من برد الشتاء وقساوة المناخ.

الهلال الأحمر الكردي تفانٍ في العمل

بالرغم من قلة إمكاناته إلا إن الهلال الأحمر الكردي ضمن عام 2018م، قام بواجبه بالرغم من تقاعس المنظمات، ويذكر بأنه في الآونة الأخيرة انتشر مرض اللشمانيا في معظم المخيمات، وتم تأمين العلاج من قِبل الهلال الأحمر الكردي لهم.

كما تم افتتاح العديد من النقاط للهلال الأحمر الكردي في معظم المناطق، ضمن العام ذاته، لتغطية الوضع الصحي للنازحين، وتقديم الطبابة والأدوية مجاناً.

مرابطون في الشهباء حتى تحرير عفرين

ضمن عام 2018م، وخلال الاحتلال التركي لعفرين، شيّدت هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في مناطق الشهباء خمسة مخيمات لمهجري عفرين، وبالرغم من التقاعس الشديد من المنظمات الإنسانية وما تعانيه المخيمات من سوء الخدمات بسبب قلة الإمكانات لدى الإدارة الذاتية عن تغطية احتياجات كافة المخيمات، إلا إن أهالي عفرين ما زالوا مرابطين في الشهباء بالقرب من عفرين، ومصممين على العودة القريبة وتحرير أراضيهم من رجس المحتل التركي ومرتزقته.

ويذكر بأن جميع المخيمات تحت إشراف الإدارة الذاتية، التي بدورها تقدم المساعدات الضرورية ضمن الإمكانيات المتاحة، وهم مخيم (برخدان) وهو من أكبر المخيمات ويبلغ عدد العائلات ضمنه /850/ عائلة، وهناك مخيم (العصر) وهو ثاني أكبر مخيم ويبلغ عدد العائلات ضمنه /650/ عائلة، ومخيم الشهباء وعددهم/116/عائلة، والمخيم الرابع هو مخيم عفرين وهو أصغر مخيم ضمن المخيمات، وعدد سكانه /102/عائلة، وأيضاً مخيم العودة فهو حديث بعهده ويتوافد إليه المهجرون شيئاً فشيئاً.

والملفت بأنه خلال فترة وجيزة من عام 2018م، وبالرغم من سوء الأوضاع المعيشية ضمن المقاطعة، استطاع قاطني المخيمات في مقاطعة الشهباء بالتنسيق مع الإدارة الذاتية بتنظيم أنفسهم داخل المخيمات وخارجها، وذلك بتفعيل الكومينات والمجالس في النواحي والبلدات.

أما بالنسبة للمساعدات التي قدمتها المنظمات الإنسانية لهم كانت شحيحة وقليلة جداً، مقارنةً بأعداد المهجرين قسراً الهائلة.

عامٌ أزدهر بسواعد الشبيبة

فئة الشباب هم قاعدة أساسية للنجاح والاستمرار للمجتمع، وهم نصف الحاضر وكل المستقبل، فلولاهم الحياة ربيعٌ غير مزدهر، وكذلك عصب الحياة يتوقف لولاهم، وهم الدم الذي يسري في شرايين الحياة في المجتمعات، والاعتماد عليهم ضروري لخلق مستقبل ناجح لتشييد الأوطان.

وبالرغم من كل الوسائل المستخدمة في عام 2018م، ضد الشبيبة في روج آفا والشمال السوري لكن جميعها فشلت، وخاصةً التي كانت تمارسها دولة المحتل التركي وعلى وجه الخصوص بعد احتلال عفرين، وكانت الشبيبة يقظة وتصدت باعتناقها لفكر الإنسان الحر والثوري، وذلك عبر الانضمام للدورات الفكرية والأيديولوجية المختلفة.

فكان على الشبيبة الانتفاض وإثبات وجودها في وجه غطرسة المحتل التركي، بالتمسك بفكر الأمة الديمقراطية، واستكملت حملة “انتفضوا” التي بدأت في الخامس من شهر تشرين الثاني في عام 2017م، وكانت بهدف التنديد بالعزلة المفروضة على القائد الأممي عبد الله أوجلان والكشف عن وضعه الصحي، وانتهت المرحلة الأولى بتاريخ 21/3/2018م.

حيث أعلن اتحاد شبيبة شمال سوريا، تحت شعار “انتفض، حارب، حرر عفرين”، وناشد اتحاد الشبيبة لتنظيم أنفسهم، والانضمام للحملة في 9 حزيران في عام 2018م.

وفي 18 حزيران من العام ذاته؛ بدأت حركة شبيبة روج آفا في مقاطعة كري سبي بالمرحلة الثانية من حملة “انتفضوا”، تحت شعار (ضد الاحتلال التركي انتفضوا).

وهدف المرحلة الثانية كان كسر الاحتلال التركي لعفرين وتحريرها، وهذه المرحلة غير مقيدة بفترة زمنية محددة بل ستواصل وفق التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها الساحة السورية.

كما نظمت الشبيبة في هذه المرحلة فعاليات عدة؛ منها المسيرات الراجلة وتعليق اليافطات، التي كُتِبت عليها شعارات خاصة بالشبيبة، بالإضافة إلى الرسم على الجدران برسومات توضح وحشية الاحتلال التركي، إلى جانب تنظيم مهرجانات ودوريات لكرة القدم، كما اُفتُتِحت في هذه المرحلة دورات تدريبية فكرية وعسكرية للشبيبة.

واستمرت فعاليات الشبيبة في إطار المرحلة الثانية، حيث توجهوا إلى باشور كردستان للوقوف ضد هجمات الاحتلال التركي ضد الشعب الكردي في باشور، وتهديداته لمناطق ميديا الدفاعية، لكن سلطات باشور كردستان منعت الشبيبة من دخول أراضيها آنذاك.

اتحاد شبيبة روج آفا نحو حركة ثورية سورية شاملة

عُقِد في مدينة رميلان بمقاطعة قامشلو في شمالي سوريا، المؤتمر الثاني لاتحاد شبيبة روج آفا خلال يومي الـ 9 و10 من شهر تشرين الثاني من عام 2018م، وتمخض عن المؤتمر قرارات هامة، وذلك لاحتضان كافة الشبيبة على مستوى سوريا، مما دعا للخروج بمقررات تتناسب مع المرحلة الحساسة التي تمر بها روج آفا خاصةً، وسوريا عامةً.

وقد أصدر المؤتمر قراراً بتغيير اسم وشعار وعلم اتحاد شبيبة روج آفا، حيث تم تغيير الاسم إلى حركة الشبيبة الثورية السورية، وعلى هذا الأساس تم إصدار بعض القرارات فيما يخص الاستمرار في حملاتهم الانتفاضية للوقوف في وجه المحتل التركي، وكذلك إسقاط كافة المخططات الهادفة إلى تقسيم الوطن والنضال من أجل حرية القائد آبو، المقاومة حتى تحرير عفرين، الوقوف في وجه الحرب التي تشنها الحداثة الرأسمالية ضد الشبيبة.

مشاريع ودورات تعليمية هدفها خلق جيل مهني ومتعلم

يتواجد في إقليم الجزيرة حتى الآن 12 مركزاً لتنمية الشباب، ويتم فيها التعليم لمختلف الحرف والمهن بشكلٍ أكاديمي في الجانبين النظري والعملي، بالإضافة لدورات لغة وهي بأسعار رمزية جداً، عكس الدورات الخاصة التي تصل من 100 ألف إلى 150 ألف، وتستهدف هذه المراكز الشبيبة المنقطعين عن الدراسة من أعمار 18 إلى 35 سنة، ويتم التركيز عليهم لحين ُجعلهم ذوي كفاءات عالية، ويستطاع الاستفادة منهم في المجتمع، وبخصوص المراكز فقد كان يوجد في السابق فقط أربع مراكز وفي عام 2018م، تم افتتاح ثمانية مراكز جديدة.

وهناك مشاريع مستقبلية لفتح مراكز أخرى في المناطق المحررة والتي ستتحرر في المستقبل والمراكز الحالية بالإضافة للمهن التي تدربوا فيها وهي:

ـ مركز ديرك: الخياطة ـ الطبخ والحلويات ـ صيانة الموبايل ـ الدهان والديكورات ـ الحدادة.

ـ مركز تل كوجر: الخياطة ـ البيطرة ـ الكهرباء المنزلية.

ـ مركز تل حميس: الحلاقة ـ الخياطة.

ـ مركز جل آغا: الخياطة ـ الزراعة ـ الميكانيك ـ صيانة البرادات والغسالات.

ـ مركز قامشلو: الخياطة ـ الحلاقة الرجالية ـ الكوافيرة النسائية ـ الحاسوب (ICDL) ـ صيانة الموبايل ـ اللغة الإنكليزية.

ـ مركز عامودا: الخياطة ـ تمديدات الكهرباء ـ التمديدات الصحية ـ التكييف والتبريد ـ الحدادة.

ـ مركز الشهيدة برفين في الحسكة: خياطة نسائية ـ اللغة الإنكليزية ـ الإسعافات الأولية ـ الحاسوب (ICDL).

ـ مركز الشهيد بيرهات في الحسكة: الحلاقة ـ خياطة نسائية ـ الإسعافات الأولية ـ الحاسوب (ICDL).

ـ مركز تل تمر: الخياطة ـ صيانة الموبايل ـ الحلاقة ـ صنع الحلويات.

ـ مركز سري كانيه: الخياطة ـ الميكانيك ـ الزراعة ـ التكيف والتبريد.

ـ مركز الدرباسية: الخياطة ـ الإلكترونيات ـ كهرباء السيارات ـ التمديدات الصحية.

ـ مركز تربه سبيه: صيانة موبايل – خياطة نسائية – كوافيرة.

وهذه المراكز خرجت هذا العام العديد من الدفعات، وكان العدد 1779متخرجة ومتخرج

(1050شابة ـ 729 شاباً).

ويجدر بالذكر بأنه قد حصل المئات من المتدربين على التوظيف، هذا غير من قام بفتح مشاريع ومحلات خاصة بهم، وقدمت العديد من المراكز عند تخرج المتدربين والمتدربات العدة الكاملة للعمل وللمهنة التي تخرجوا منها.