سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رواية الأمّ نموذج الحب الفطري، لمكسيم غوركي

عبد الله رحيل_

قد تبدو العلاقة بين الفلسفة والأدب في التراث العربي القديم غير متينة، ولا مطردة، فهي تتفاوت في النظرات والتلميحات بين عصر المعري في نظرته الفلسفية للكون، وللإنسان، وبين المتنبي، الذي عرج إلى الفكر اليوناني بتراجم، كانت معروفة في عصره، أما في الأدب الأوروبي، فالعلاقة بين الفكر النظري، والأدب ضاربة الجذور في التاريخ، ومعظم الأدباء الأوروبيين الكبار لهم نظراتهم الخاصة المتماسكة في فلسفة الوجود، والإنسان، كما أن المذاهب الأدبية في أوروبا ذات أساس فلسفي واضح، فوراء المذهب الاتباعي تكمن الفلسفة العقلية، متمثلة بفكر أرسطو، وجاء المذهب الإبداعي “الرومنتية” ضد الاتباعية في مطلع القرن التاسع عشر، ردة فعل ضد سيطرة العقل الجافة، وعبودية القواعد العامة، والتجدد في القوالب، وهذا التيار الجديد، يمثله جان جاك روسو في تمجيد الفرد والطبيعة، والعاطفة في رفض العبودية الاجتماعية.
يتميز الأدب الغربي عن غيره من الآداب والفنون الأدبية، في كونه يتداخل مع عناصر قوية، وآراء مختلفة، ومدارس عديدة، فيمتزج فيه الرأي الفلسفي، والجانب الديني، وروح الأساطير المجتمعية العديدة، القائمة على النزاعات، وعلى الحروب، والفروسية، وتمجيد البطل في كثير من الأحداث، التي عصفت في مراحل كتابة الأدب الغربي.
فتمتزج عناصر ثلاثة (الفلسفة، والأدب، والدين) في تكوين الأدب المميّز، والرافد للشعراء، وللمفكرين وللفلاسفة، ومن بعدهم رجال الدين، فتمتزج فيما بينها باتفاق أحيانا، وبنقيض، واختلاف أحيانا أخرى، مُنتجةً بهذا الخضم الهائل من الاختلافات، والآراء أدباً وفكراً مميّزاً، تناقلته الأزمنة، والرواة، والكتب الفلسفية، والدينية عبر التاريخ، والأزمنة المختلفة، وتعد مزيجاً فيما بينها، فأثرَتْ التاريخ موروثا غنيّاً من الفكر، والأدب، والفلسفة.
ومن تداخل العناصر الثلاثة يبتدع الأديب، أو المفكر، أو الفيلسوف نتاجاً أدبياَ خاصّاً به، فيؤسّس مدرسة خاصة، تحكم أدبه وفكره، فتكون هذه النظرة بداءة عصر جديد لمرحلة أدبية مؤرَّخة، ولا ضير إن وافقت النظرة الفلسفية، أو الدينية، أو فكرة لحزب حاكم في المرحلة المعاصرة، ومن هنا وجدنا الملاحم الكبيرة، والأساطير، والقصص، التي تكون فكرتها إنسانية، قد خلدت في تاريخ البشرية.
وضمن الحديث عن تغيرات الآداب، وفق نظرة الأديب الفلسفية، يتبدى الأدب الروسي ضمن الواقعية الجديدة، التي عصفت بروسيا في تلك المرحلة التاريخية من الأدب، فالظروف التاريخية والسياسية، لم تسمح لروسيا بالإسهام في الثقافة العالمية، حتى منتصف القرن التاسع عشر؛ لأن الأدب الروسي، أخذ يتحرَّر من الكنيسة، ويتطلَّع إلى الإنتاج الأدبي في أوروبا، ولا سيما في فرنسا، وقد ظهر كتّاب في هذه المرحلة، مُعلنين بداية فترة الواقعية الروسية، فكانت سنة 1842 ظهور قصة” أرواح ميتة، لغوغول” بداية قصة الواقعية الروسية، ومن بعد ذلك ظهر مكسيم غوركي، الذي جلبنا التاريخ للحديث عن أدبه، متمثِّلا في رواية “الأمِّ” وبذلك برز لروسيا أدب مبدع، لم يُعرف له مثيلٌ من قبل، أُطلق عليه اسم “الروح الروسية” تمييزا له عن الاتجاهات الأدبية الواقعية، والطبيعية، التي عرفتها أوروبا، وفرنسا في الفترة ذاتها.
عُرِف مؤلِّف رواية الأمّ، ألكسي مكسيمو فتش بشكوف “بمكسيم غوركي” والذي وُلد لأسرة عاملة في مدينة نيجني نوفجورود، التي أصبح اسمها فيما بعد غوركي، تُوفِّي أبوه، وهو صغير، فلجأ إلى جده، ولكن أمه ما لبثت إن فرّت، وتركته وحيدا، ثم توفّيت، وهو في العاشرة من عمره، فاستطاع جده أن يؤسس معملا صغيرا للدباغة، وأكره حفيده مكسيم على الخروج إلى الحياة في الثانية عشرة من عمره، وتقلّب غوركي في أعمال يدوية عديدة شاقة، وكان قلَّما يحظى بعطلة حتى أيام الأعياد، كان يعمل بها، وفي أثناء ذلك كان يواظب القراءة، وحاول دخول جامعة قازان في السابعة عشرة من عمره، لكنه مُنِعَ للفاقة، التي كان يُعانيها، وانتهى به المُقام إلى حالة حبّ عنيف، ثم محاولة انتحار، ثم تنقل ببلدان روسيا العديدة، وتنقل من عمل شاقّ إلى آخر، لكنه خاض تجارب غنية، واستطاع سنة 1892 نشر أول قصة له “ما كارتشودرا” ثم استقر في بلدته، مُنهياً حياة التشرد، مصممًّا على شقّ طريقه في عالم الأدب، فكان الحدث الأهم في حياته، الذي غيّر مجرى حياته، احتكاكه بالمنظمات الاشتراكية المحلية في بلده سنة 1903، إذ سرعان ما حلّ العامل المناضل المصمّم الواعي في قصصه، محلّ المتشرّد المعذّب اللا مسؤول، وفي سنة 1906، فرغ من تأليف رواية الأمّ، فكانت علامة تحوله النهائي إلى الواقعية الواعية، المتطلّعة إلى الغد المشرق، ثم سافر إلى أمريكا لجمع التبرعات للثورة الاشتراكية، فعاش في جزيرة كابري، وأنشأ مدرسة ثورية كان إستالين أحد تلامذتها، وحين تفجّرت ثورة 1917، تردّد في تأييده للثورة البلشفية، وفي سنة 1921، ارتحل عن روسيا إثر خلاف مع لينين، وعاش في ألمانيا، حتى اُستُدعى إلى بلاده سنة 1928م.
لقد أنجز مكسيم غوركي رواية الأم سنة 1906، وهي تروي قصة العامل الثوري بافل، الذي يعيش مع والدته المسنّة، ويشارك في النشاط الثوري، لجماعة من الاشتراكيين، تعمل في بيئة أحد المعامل، ويُلقى القبض على الابن بافل، ويُنفى إلى سيبيريا بتهمة الدعوة إلى الاضراب، وقيادة موكب أول أيار، وهنا يحدث الانقلاب العظيم في شخصية الأمّ، وتحلّ محل ابنها في الحلقة الثورية، وتتولّى تهريب منشورات اشتراكية داخل المعمل، وقد اقتنعت في بادئ الأمر، أن القيام بهذا العمل، سوف يُضلل الشرطة، ويصرفهم عن إثبات تهمة العمل السري على ولدها، ولكنها بالتدرج تنخرط في العمل الثوري، وتصبح مهمتها تزويد الناس بكراسات، وبنداءات، وبصحف ثوريّة، وأصبح ذلك عملها، فهي تتنكّر عدّة مرّات كلّ شهر في ثياب راهبة، أو بائعة خردوات، أو برجوازية ميسورة الحال، أو حاجّة تقيّة… ثم تضرب على وجهها، وعلى ظهرها كيس، وفي يدها صندوق، وكانت دائما في القُطُر، أو في المراكب، في الفنادق، أو في الخانات، هي تلك المرأة البسيطة، التي تتوجّه بالكلمة الأولى إلى الغرباء، يُجلب الانتباه إليها غيّر هيّابة، وأخيرا تقع في أيدي الشرطة، فيوسعونها ضربا، وتعذيبا، ولكنها تصرُّ على تحدّيهم بمنتهى الشجاعة، وتلقى حتفها تحت التعذيب:

“لن يغرقوا الحقيقة، ولا في محيط من الدماء، لطموها على رأسها، إنكم لا تثيرون ألا إسعار نار حقدنا عليكم أيها المجانين، وذلك سوف يسقط على رؤوسكم يوما ما”.
تبدو الواقعية الاشتراكية الروسية، المتمثلة بالثورية العمالية، والثورة على الواقع المُعاش فيها؛ لذلك قدّر لينين روح الحزب، والشخصية الأيديولوجية، والمهارة الفنية في رواية الأمّ، وقد وصف غوركي: “بأنه أكبر ممثل للفن البروليتالي” والواقع إن الأمّ تبدو تطبيقا منهجيا للواقعية الاشتراكية، هدفها الأساسي خلق نموذج في واقع جديد للشخصية البروليتارية الإيجابية، ولن يكن الأمر ممهّدا للمؤلف في ذلك الحين، إذ كانت فكرة انخراط، أمّ بسيطة مسنّة في العمل الثوري، غير عادية في السنوات الأولى من القرن العشرين، وهناك خطر دائما، خطر جنوح مثل هذه البطلة إلى مثاليّة، غير ذات صلة بالواقع، أو إلى رومنتية جامحة، وقد كان غوركي واعيا لهذه النقطة خلال الرواية، وحاول التغلب عليها عن طريق النواحي التالية:
أكدّ أن تصرّف الأمّ الثوريّ، هو تصرّف استثنائي، وأنها كما يقول أحد أبطال الرواية: “ربما كانت الأم الأولى، التي اتبعث طريق ابنها”.
حرص على خلق العوامل المساعدة للتطور، الذي طرأ على الأمّ، وقلب موقفها من مجرّد التعاطف العفويّ، مع الثوار وفاء لذكرى ابنها، وأملا في إنقاذه إلى مرتبة الوعي الثوري المتصف بالتحدّي، وبالتصميم.
ساعدها على اختيار احتمال الانتفاضة، بدلاً من احتمال الموت البطيء؛ لأنه أتاح لها ممارسة تهريب المنشورات، أولا بدافع عاطفي غير ثوري.
وهكذا استطاع غوركي أن يخلق من هذه الشخصية الاستثنائية نموذجا عميقا، لتفتح وجدان الإنسان الروسي على الثورة، وأظهر بشكل ملموس، كيف استطاعت الحركة العمالية الثورية، أن تهزّ الإنسان، وتفتح طاقاته، وتعطيه معنى جديدا لحياته، ودافعا قويا للتحدي والنضال، على أنه مقابل هذه الصورة الداخلية المزهرة للأمّ، وللعمال الثائرين، امتلأت الرواية بصفحات كالحة قائمة قاسية، تصوّر الإطار الاجتماعي، الذي كانت تتحرك ضمنه الثورة، ولا سيما جهاز الأمن بحرّاسه الغلاظ المجرّدين من الإحساس، والإنسانية، وهذا الطابع القاتم، الذي يسيطر على جزء كبير من كل عمل من أعمال غوركي الأدبية، لا يحدث تأثيرا منفردا؛ لأنه في ذلك لا يقدم أبدا النتيجة العارية، لما ينهار في عالم الرأسمالية، وبسببها بل يعمل على صياغة ما ينهار، وكيف ينهار، وبأي كفاح يتم القضاء عليه؟
وكانت رواية الأم تتصف بالبساطة المفعمة بالبراءة، والوضوح الفني، الذي يواكب الوضوح الأيديولوجي، والصدق المتناهي في تصوير الواقع المعاش، ولذلك احتلّت الأمّ مرتبة الصدارة بين الروائع النموذجية للواقعية الاشتراكية.
ويشار في هذا الصدد إلى أن كلمة غوركي تعني باللغة الروسية “المرّ” في إشارة للتجارب المرّة، والقاسية الي مرّ بها الكاتب، واختار تلك الكلمة لقبا مستعاراً؛ لكي يرمز أيضا إلى ما ذاقه الشعب الروسي من معاناة في ظل الحكم القيصري، وقد كثّف الكتّاب تلك المعاناة الفردية، والجماعية في جل كتاباتهم، وعلى رأسها “الأمّ” التي تعد من روائع الأدب الروسي والعالمي.
تعد رواية الأمّ هنا، بهذا العرض التحليليّ، لما كان مرسوما لها، هي تعبير عن حياة التغيير، التي مرّ بها مكسيم غوركي؛ ليؤكّد روح الثورة في تغيير الواقع، من خلال الوجدان الداخلي، حين كرّس ذلك، بروح الحبّ الفطريّ، لأمّ فقدت ابنها؛ لتواكب روح التغيير، التي تأمّلها الابن، وهو تغيير لما حلّ بالمؤلف من حياة التشرد والضياع، إلى حالة التمييز الإبداعي في أدب مكسيم غوركي، راسما بذلك الالتزام بالواقعية، التي عُرف بها الأدب الروسي في تلك المرحلة من التاريخ، وبذلك يتحرّك الكاتب وفق نظريّته في مستويات فكريّة مجتمعيّة، محاولا حلّ بعض مشكلات الواقع المُعاش، بنظرية ثورية فيما تنطوي به نفسه الداخلية، من خلال بنية فكرية ثابتة، حسبما يتفق، وطبيعة الموضوع، ونوعيّته.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle