سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رحلة نجاح مشروع لشاب في عربة متنقلة لبيع العطور   

 قامشلو/ دعاء يوسف ـ

عربته الحمراء المتنقلة، والمميزة يجرها رجل آثر أن ينشر العطور، والروائح المتعددة، بأشكالها وأحجامها في شوارع وأزقة قامشلو، عربة صغيرة حوت الشغف، وحب الحياة بجمالها، بعلب عطرية متعددة، مصفوفة بين ظهراني العربة، يركب العطورات، ويمزج البعض الآخر، حتى غدت مشروع رزق وفيراً له بإمكانات شخصية متواضعة، فأطلق عليه الأهالي “عطار المدينة” والعطر منه إما أن تقتنيه، أو أن تنتشي من رائحته حين مرورك بعربته.
على أرصفة شوارع مدينة قامشلو، تجوب عربات قديمة تحمل مجموعة متنوعة من البضائع، وهي محاطة بنوافذ زجاجية يقوم أصحاب هذه العربات بجولاتهم في الأحياء سعيًا منهم لتحسين أوضاعهم بأقل تكاليف ممكنة، تعدُّ هذه الخطوة جهدًا للبحث عن لقمة العيش وزيادة دخلهم، حيث يعرضون منتجاتهم بطريقة تجارية جذابة على أمل جذب المزيد من الزبائن.
ووسط سوق الذهب في مدينة قامشلو، تشدك رائحة العطر، التي تفوح من عربة مليئة بقوارير ملونة للعطور، يرافقها شاب لم يستسلم للظروف، وقرّر إطلاق مشروعه الخاص بتكلفة بسيطة.
مشروع عربة متنقلة لبيع العطور
باسل الشيخ 35 عاماً، من قرية أم الفرسان، وظف شغفه وحبه للعطور ضمن مشروع صغير، حيث يعمل الشيخ في تركيب العطور، وبيعها منذ نحو عام ونصف على عربته المتنقلة، بعد أن كان يمارس عمله على بسطة صغيرة يفترشها في السوق نفسه.
فمزْج العطور شغف رافقه منذ أيام المرحلة الابتدائية في التعليم، وهواية مارسها خمسة أعوام، فقد بدأت فكرة هذا المشروع لدى باسل من خلال تجربته السابقة في مجال بيع العطور داخل صالون حلاقة صغير، حيث اكتسب خبرة واسعة في اختيار وتقديم أفضل أنواع العطور، هذه الخبرة دفعته إلى النظر في تطوير عمله، وتحسين الوصول للمشتري بشكل أكبر.
فيما أشار الشيخ: “لقد كنت أقوم بمزج أنواع العطور، وقد خصصت لها ركناً خاصاً داخل محل الحلاقة، حتى أحب رواد محل الحلاقة ما أصنع؛ فخطرت لي فكرة محل لبيع العطور، إلا أن إمكاناتي كانت قليلة، لا تمكنني لاستئجار محل”.
وعن فكرة العربة المتنقلة قال الشيخ: “فكرة العربة جاءت بعد أن فقدت الأمل من الحصول على محل صغير كمتجر خاص، بسبب الارتفاع الكبير لأسعار الإيجارات، التي تفوق إمكاناتي”.
وهذه الفكرة التي جاء بها الشيخ نجحت في توظيف شغفه، وهوايته ضمن معادلة كان ناتجها مشروعاً خاصاً به، ينشر من خلاله رائحة العطور في أرجاء سوق قامشلو، كأول مشروع جديد من هذا النوع بفكرة “عربة العطور المنتقلة”.
فيما تبدو هذه الخطوة مبادرة جريئة، ومبتكرة من قِبل باسل الشيخ، الذي يسعى لتجاوز التحديات الاقتصادية من خلال تقديم خدماته بشكل متنقل، وهو ما يعكس حسه الريادي والاستعداد للابتكار في سبيل تحقيق نجاحات جديدة.
تحديات وحلول
يواجه الشيخ، كغيره من الشباب الراغبين في فتح مشاريع صغيرة، تحديات ارتفاع أسعار الإيجارات وتدهور الوضع الاقتصاد
ي، والحل الذي ابتكره الشيخ لتفادي تكاليف أجار المحلات المرتفعة، استثمر مبلغاً من المال في شراء عربة صغيرة، فزودها بأنواع العطور المميزة.
وعربة الشيخ تتيح له التنقل بحرية في المدينة، والتواصل المباشر مع العملاء، باسل الشيخ اختار أفضل العطور، والأكثر جودة لاستقطاب انتباه الزبائن، ويظهر اهتمامه الكبير بتلبية احتياجات عملائه من خلال اختيار الموقع المناسب، والتنقل المستمر حول المدينة.
قد أثبت الشيخ أن التحديات الاقتصادية يمكن التغلب عليها من خلال الابتكار، مشروعه المتميز يعكس تفانيه في تقديم أفضل الخدمات لعملائه، ويبرز روحه الريادية في استكشاف طرق جديدة لتحقيق النجاح في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ورغبته في تقديم خدمات ذات جودة عالية، وتحسين وضعه المالي بطريقة فعّالة ومستدامة.
مشروع باسل الشيخ لبيع العطور المتنقلة يعد قصة نجاح تلهم الشباب الطموحين لتحقيق أحلامهم، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، يظهر تفكيره الاستراتيجي واستعداده للتحول والتكيف مع الصعوبات، وجعل منها باباً للتميز.