رجال دين: السلام وأخوة الشعوب جوهرا الأديان كافة

الحسكة/ محمد حمود ـ

أكد رجال الدين في شمال وشرق سوريا، أن السلام هو جوهر الأديان، وهو الذي يحقق السلم المجتمعي، وأن ما تحقق في مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، كان من خلال تطبيق مبدأ أخوة الشعوب والعيش المشترك، الذي تحض عليه الأديان.

المؤمنون في الأديان كلها يستقون إيمانهم من منبع مشترك وهو الحقّ، وإن تجلّى لكلّ منهم في صور تتنوّع بتنوُّعِ دياناتِهم، وبصمةِ بيئاتِهم، غير أنَّهم يعيشون التجاربَ الروحيَّةَ الملهِمةَ للطّمأنينة، والسكينة والسلام.

من هذا المنطلق؛ أدركت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، أن الإيمانَ حقيقةٌ يتجلَّى فيها جوهرُ الأديان، والأرضيةُ المشتركة، التي تتوحّد في فضائها، والشلّالُ الملهِم للحياة الدينيَّة فيها، ومن هنا انطلق مبدأ أخوة الشعوب، الذي حقق نجاحا باهراً في شمال وشرق سوريا.

الدين دعوة العدل والمساواة

وحول الموضوع تحدث لصحيفتنا، عضو ملتقى أديان ومعتقدات موزوبوتاميا في شمال وشرق سوريا، وإمام وخطيب جامع الحسين في قامشلو، عبد الرحمن بدرخان: “عندما يقرأ الإنسان ويطالع ويعود إلى التاريخ، والأساس الذي بني عليه، والذي بُعث فيه المرسلون جميعهم، بل الرسالة، التي بعثوا بها جميعا، وحتى الذين وصلوا بفلسفتهم وعقلهم، من كل ما ذكر يؤكد أن الإنسان لا بد أن يكون متبنياً للسلام، الذي يعود بالخير على جميع أبناء الإنسانية”.

وأشار بدرخان: إلى أنه “عندما نعود إلى جوهر الأديان نرى أن الذي يسعى إليه كل دين، وكل مذهب، وكل معتقد، نراه يتبنى هذه الفكرة التي تقدم التعايش والسلمي والسلام بين البشر، والأهم في الرسالة، التي تحمل السلام في جميع الأديان، أو الفكرة التي يحملها جوهر الدين هو التعايش مع المخالف، أو المغاير، أو الآخر، والتعاليم الدينية التي جاء بها الأنبياء تعتمد على احترام الغير، كما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أن هدم الكعبة حجرا حجرـ لهو أهون عند الله من كسر قلب إنسان، فما بالكم عن المشاركة في قتل إنسان”.

وأضاف بدرخان: “أيضا الرسالة التي جاء بها السيد المسيح، نرى من يريد أن يدعو يقول طوبى لدعاة السلام، لأنهم أبناء الله يدعون في السماء، وأيضا تعاليم زرادشت وغيره، كذلك الدين الذي لا نرى فيه إلا الخير كالديانة الإيزيدية، التي تحمل في طياتها الخير لكل إنسان فبعض أدعيتهم في الصباح الباكر: “يا رب أعطِ لغيري ألف خير وسلام ثم أعطني”، فهذه الحقيقة هي ما يمثل جوهر الأديان”.

وأكد بدرخان، أنهم في ملتقى أديان ومعتقدات موزوبوتاميا، جعلوا نقاطا أساسية ثلاثاً؛ شعارا لعملهم؛ وهي المحبة، والعدل، والسلام، منوها أنهم يتخذون هذا الشعار في شمال وشرق سوريا.

عضو ملتقى أديان ومعتقدات موزوبوتاميا في شمال وشرق سوريا؛ عبد الرحمن بدرخان، اختتم حديثه بشكر الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، على تبنيها نهج السلم المجتمعي بين شعوب المنطقة؛ وأضاف: “الإدارة الذاتية كانت أيضا من الدعائم الرئيسية لأجل أن يدوم السلام والمحبة والعدل بين أبناء هذه المنطقة، ليكون شعاعا وبصيص أمل لجميع الإنسانية في العالم”.

السلم المجتمعي قاعدة التعامل الأساسية

ومن جانبه؛ أشار الدكتور المحاضر بكليتي الحقوق والآداب في الحسكة، وإمام مسجد مصعب بن عمير، ياسين محمد حسن: “في المجتمعات التي تفتقر لغياب مبدأ السلام ستجده مجتمعاً متخلفاً، يعيش في حالة فوضى، حيث يغيب الأمن والأمان، وتنتشر حالات القتل والاقتتال وأعمال السلب والنهب والتمادي بالبغي والجور بالمظالم، وقويه يأكل ضعيفه، وتفقد فيه العدالة والمساواة، ويغيب فيه النظام والقانون الرادع لذلك، وبالتالي يظل واقع السلم الاجتماعي لهذا المجتمع بحالة مخيفه وغير آمنة ولا مستقرة”.

وأكد: أن “السلم الاجتماعي في أي مجتمع يمثل القاعدة الاجتماعية الأساسية، التي ينطلق منه أفراد المجتمعات في بلدان العالم في تأمين تعايشهم الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي”.

ونوه: إلى أنه “من خلال السلام يتحقق لأبناء أي مجتمع توفير أمنهم واستقرارهم، والبحث عن مصادر معيشتهم ومصالحهم المادية، ففي رحاب السلم الاجتماعي يمكن تحقيق التنمية والتقدم والبناء، مع حفاظ الجميع على صون ممتلكاتهم وتبادل منافعهم المشتركة”.

واختتم الدكتور ياسين محمد حسن: “بالسلم الاجتماعي الحامل للسلام والوئام، تتعاضد الجهود بين أفراد المجتمع المعاش، وتوحد قدراتهم وتعاونهم في خدمة بعضهم البعض، وخدمة وصلاح مناطقهم ووطنهم، فإذا ما فقدنا سلمنا الاجتماعي والأهلي، فإن النتيجة الطبيعية من جراء ذلك، هي تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار وإقلاق سكينة المواطن، وستظل حالة الخوف هي السائدة في نفوس الكثير من أولئك البسطاء، الذين يبحثون عن لقمة العيش الآمنة ومصادر دخلهم”.