سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دور المرأة في الاقتصاد… مؤشر لنجاح ثورة روج آفا اقتصادياً

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

بعد بزوغ فجر ثورة التاسع عشر من تموز، أصبح للمرأة في شمال وشرق سوريا، دور بارز في الحياة الاقتصادية، لذلك فقد عملت لجنة الاقتصاد في مؤتمر ستار على تمكين المرأة اقتصادياً، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي لشعوب شمال وشرق سوريا.
لم يكن للمرأة بالرغم من عملها بالحقول والزراعة مورد إنتاجي خاص بها، إلا أنها مع بدء ثورة 19 تموز (ثورة روج آفا) استرجعت بعضاً من حقوقها في عملها ضمن المجتمع، معيدةً عجلة اقتصاد المرأة للدوران، فقد افتتحت العديد من المشاريع، وبشكل خاص عملت المرأة في أراضي زراعية خاصة بها، كما افتتحت الجمعيات التعاونية الخاصة بالمرأة، سواءً فردية أو جماعية، فأثرت هذه المشاركة بشكل واضح على تطور الاقتصاد في المنطقة.
تشكل لجان الاقتصاد
تكليلاً لهذه الحركة الاقتصادية النسوية، وتزامناً معها، أُسِّست لجنة اقتصاد المرأة في مؤتمر ستار لشمال وشرق سوريا في 2015، دعماً للمشاريع التي تحتاج إلى تمويل ويد عاملة، وتمكين المرأة اقتصادياً، لذا كان هناك حاجة ماسة إلى نهج تمييزي إيجابي وتمثيل متساوٍ للمرأة في المجال الاقتصادي، حيث تم تشكيل اللجنة الاقتصادية على أساس المساواة في تمكين المرأة وتقوية دورها في القطاع الاقتصادي.
وفي غضون مدة زمنية قصيرة طورت هذه اللجنة مشاريع مختلفة، والتي تجسدت بورشات الخياطة، والحرف اليدوية، والمحلات التجارية، وورش أثاث ستار، وبناء الأفران، وتربية الأغنام، والمسالخ، والزراعة، وتربية الدجاج، وتربية الأبقار، وزراعة الزهور، وجمع الأعشاب الطبيعية، وزراعة القمح، ومشاريع الأسمدة الطبيعية، حيث تقدم اللجان الاقتصادية القروض، وأماكن العمل، والأراضي، والمعدات، للنساء اللواتي يرغبن في إنشاء مكان عمل خاص بهن أو تكوين جمعيات تعاونية، وبالتالي تشجع النساء على المشاركة في الإنتاج.
تحقيق اكتفاء ذاتي
ولم تكن المشاريع التي افتتحتها لجنة اقتصاد المرأة لشمال وشرق سوريا في مؤتمر ستار زراعية فقط، فقد مكنت المرأة للعمل في المشاريع الصناعية والتجارية أيضاً، وذلك لخلق بيئة متوازنة في اقتصادها المجتمعي، والهدف من افتتاح هذه المشاريع تمكين المرأة اقتصادياً، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لجميع النساء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمنطقة.
ولمعرفة المزيد عن تطور اقتصاد المرأة كان لصحيفتنا “روناهي” لقاء مع الناطقة باسم لجنة اقتصاد مؤتمر ستار لشمال وشرق سوريا “كولي مراد” والتي حدثتنا قائلةً: “لم يكن للمرأة الدور الكبير في اقتصاد المرأة بعد ثورة روج أفا فقد كان مشاركتها خجولة، إلا أننا كمؤتمر ستار سعينا جاهدين من أجل تثبيت مكانة المرأة في الاقتصاد، حيث أُسِّست لجان اقتصادية تعمل من أجل بناء اقتصاد مجتمعي، تخدم المجتمع والمرأة معاً”.
زادت كولي أن المرأة بعد سنوات الحرب التي عصفت بالمنطقة أصبحت المعيل الوحيد لعائلتها، والمشاريع الخاصة بالمرأة كانت الفرصة الوحيدة لمساعدتها، في بناء مجتمع كومينالي تكون فيه المرأة المنتج الفعال اقتصادياً.
وبينت كولي أن العمل بدء بالمشاريع الزراعية كون المنطقة زراعية، ومع إيرادات الإنتاج تم توسيع المشاريع، وافتتاح مشاريع صناعية وتجارية.
إيماناً بفكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، حيث يرى أن المرأة هي منبع للاقتصاد، سعت لجنة اقتصاد المرأة إلى تأمين فرص العمل لمئات النساء، وقد ضمت المشاريع في البداية ثلاث نساء فقط، وبجهودهنّ بلغت العاملات في المشاريع النسوية ألفي امرأة، وعدد النساء يختلف من جمعية إلى أخرى فبعض الجمعيات تضم ثلاث نساء، وقد يصل عدد النساء في الجمعيات التعاونية إلى خمسين امرأة.
كما اتسعت مساحة الأراضي الزراعية، حيث بلغت كمية مساحة الأراضي لاقتصاد مؤتمر ستار ٤٥ ألف دونم، موزعة بين الحسكة والشهباء وقامشلو وكوباني والمناطق المحررة “دير الزور، والطبقة، والرقة”، وأشارت كولي: “تسلم الأرض للجمعيات التعاونية التي تشرف عليها المرأة، لتزرع بحسب احتياجات المنطقة”.
صعوبات ومشاكل
وعن الصعوبات التي تعترضهن؛ بينت كولي بالقول: “العادات والتقاليد القديمة في المجتمع تقف عائقاً أمام عمل الكثير من النسوة، حيث تواجه النسوة في بعض المناطق صعوبات بسبب رفض عوائلهن فكرة مشاركة المرأة في بناء المجتمع”.
بالإضافة إلى العديد من الصعوبات والعراقيل التي وقفت أمام عمل اقتصاد المرأة، منها قلة الهطولات المطرية، والتي تؤدي إلى تضرر المشاريع الزراعية، والثروة الحيوانية، وارتفاع سعر الدولار وبالتالي تدني المستوى الاقتصادي للمنطقة، ولكن بالرغم من هذه الصعوبات والعراقيل استطاعت المرأة أن تثبت نفسها وتستمر بالعمل لافتتاح مشاريع جديدة. بحسب كولي.
تطرقت كولي إلى سعي لجنة الاقتصاد لسد الثغرات التي تعرقل سير خطط العمل، إلى جانب البدائل التي تصنع اقتصاد إيكولوجي: “نحاول الاستغناء عن الأسمدة والمواد الكيمياوية بالأسمدة الطبيعية، والاستغناء عن المولدات التي تضر بالبيئة واستخدام مصادر الطاقة البديلة”.
وتجنباً للجفاف، وقلة هطول الأمطار في المنطقة، تم حفر العديد من الآبار في الحسكة والدرباسية وتربه سبيه وفي العديد من المدن لري الأراضي الزراعية، وقد وضعت خطة لحفر العديد من آبار الري سنوياً في جميع الأراضي الزراعية التي تشرف عليها لجنة الاقتصاد، وأيضاً تعمل على تطوير أساليب الري الحديثة.
كما يسعى اقتصاد المرأة إلى توسيع المشاريع الزراعية، حيث يعمل على تسوية أراض زراعية في منبج وحلب من أجل تمكين اقتصاد المرأة في المنطقة، وفي إطار الاستفادة من الطاقة البديلة في أعمال ومشاريع اقتصاد المرأة، زرعت لأول مرة البيوت البلاستيكية للخضروات على الطاقة البديلة (الشمسية) في الشهباء، حفاظاً على البيئة عوضاً عن استخدام المولدات.

مشاريع كثيرة
تنتشر مشاريع اقتصاد المرأة في الأقاليم، والمناطق، والنواحي التابعة لشمال وشرق سوريا، ففي إقليم الجزيرة وإقليم الفرات والمناطق المحررة تركزت أغلب المشاريع على الزراعية انطلاقاً من ارتباط المرأة بالأرض. ففيما يتعلق بمشاريع لجنة اقتصاد المرأة في إقليم الجزيرة فقد تنوعت من مطاعم، وأفران لصناعة الخبز كالهلال الذهبي في الدرباسية، ومحلات لبيع الملابس، ومشاغل للخياطة بالإضافة إلى مشاريع البيوت البلاستيكية، وتربية المواشي كقطيع الغنم في الدرباسية الذي يصل إلى ألف رأس من الغنم، ووصل في كوباني 365 رأس من الغنم، وزراعة الأشجار المثمرة، والعمل ضمن معامل للحلويات “كمعمل لارا ومعمل الكونسروة لصناعة المربيات والمحمرة ودبس البندورة ومكدوس” وغيرها، ومشغل “لافين” لخياطة الملابس النسائية، وله أربع محلات لبيع البضائع موزعة في الحسكة، والدرباسية، وقامشلو، وكركي لكي.
ووسعت لجنة الاقتصاد أطار عملها لإقليم الفرات، ففي منطقة الشهباء يتواجد معمل للمياه المعدنية، ومحل لبيع مستلزمات الأطفال، كما هناك أراضٍ زراعية لزراعة الخضروات (البطاطا، والخيار، والثوم، وغيرها من الخضروات)، بالإضافة إلى وجود محل لصناعة الفطائر وبيعها.
أما في كوباني هناك مشروع الثروة الحيوانية وأراضٍ زراعية، وأشجار الفستق، بالإضافة الى ذلك هناك مشروع بيت المونة “زاد الخير” في الطبقة، ومعمل لصناعة أكياس النايلون، وأفران لصناعة الخبز، كما هناك أفران عافية وعوافي للخبز والفطائر، بالإضافة إلى 200 رأس غنم في مدينة الرقة، ومطحنة في دير الزور. أما عدد أشجار الزيتون في إقليم الفرات، والمناطق المحررة فتبلغ ٧٧٧٠ شجرة زيتون، وكوباني 400 شجرة زيتون حلبي وكانت في إقليم الجزيرة قرابة 5000 شجرة مثمرة من فواكه وزيتون بالإضافة إلى الأشجار الحراجية.
واختتمت الإدارية في لجنة اقتصاد المرأة في شمال وشرق سوريا “كولي مراد” حديثها أنهم في ظل الحروب والصراعات، يعدون الاقتصاد ركيزة أساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وخاصةً كلما كان اقتصاد المرأة قوياً، ستقوى الثورة: “سنعمل بكامل طاقتنا من أجل الوصول إلى التحرر وبناء مجتمع اقتصادي بناء بريادة المرأة، فما تقوم به المرأة اقتصادياً دليل على نجاح ثورة روج أفا”.