سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دجلة الخير… فهرسة حنين الجواهري

عبد الله رحيل _

بين الكرخ، والرصافة يمتدّ دجلة مزهوًّا بانسيابه الحثيث، يقصد بغدادَ، لا كالمبتغي قوماً، لكنّه يتشهّى وجه عاشقيه، فيكحّل عينيها، بسواد العراق، وبأهواره، ويلقي على النخيل التحية، فيطرب المكان بألحان خريره المرنّمة، وكأن نايه يلحّ بالقيامة كلّ شارق، ناثرا على وجه مياهه حضارة سومر وبابل، فيرسم جنّة عدن الممهورة بختم الرافدين، يأتي من أعالي طوروس وزاعروس، حاملا معه روح الأرض، وعبق الكون، مجسّدا طهر التاريخ والإنسان، متمايلا ومتعرجا خلف الفيافي، ومنشدا للورى سيمفونية العشق الخالد للرّبى والسّهول، يردد صداها الصفصاف والبرديّ هزجًا بلثغات الشحرور، والأطيار، فيقبّل بغداد، ويلقي عشقها للفرات الهادئ، ثم يودّعها بعينيّ مشوق، مترنّما نحو الخليج، تاركا البغداديين في ثورة عشقهم السرمدية، ملقياً الحبّ كلّه على مياه الخليج، الذي قد مُلئ بنشيج السيّاب والجواهريّ، فخُلِقت دجلة الخير، قصيدةً مليئة بالأغوار والأنجاد شوقا لأفانين دجلة الجواهري، حيث أفاض عليها وشاح الخلد، ونفائس الدهر والدرر، وهو بعيد عن العراق، وعن دجلة الخالد، طفحت نفس الجواهري بقصيدة مغنّاة طروب في أحضان دجلة من بعيد، تلوّح حمائمه بين الأفق، وخيالات العشّاق مطروحة هنا وهناك على رمال شطآنه.
  ومن بُعدٍ، بعده الجسدي والنفسي عن ضفاف العراق ودجلة، يُعَنْوِن الجواهري قصيدته بنداء بعيد، هامسا مخترقا المسافات، فيصل صوته وروحه، نهر دجلة، ملوّحا لدجلة من بعيد، فهي القريبة منه والبعيدة بالوقت ذاته، فهذا التكرار في النداء البعيد، يمثل بؤرة النص ومحوره، ويمثل مفاتيح القصيدة في تنقلات أفكارها، وفي نظرة تحليلية أدقّ، فقد استند الجواهري في بعده أيضا إلى البعيد والعميق من الشعر العربي، فقذ ذهب بعيدا إلى العصر الجاهلي في استعارة البحر البسيط، وحرف الروي والقافية، وقد عارض في ذلك قصيدة نهشل بن حري” إنا محيّوك يا سلمى فحيينا”، ليطبع طابع قصيدة بأشياء موغلة في البعد، وموغلة في تزاحم الحلول، فهي كدجلة لا حلّ لسيرورته، ولا حلّ لأزمات العراق، ولا حلّ للصفح عنه، والعودة إلى دجلة والعراق.
ولعل هذا العشق الغائر بمياه دجلة ورماله، ومنظر الأحبّة والعشّاق، والسمّار ليلا بين نجوم العراق، وبين الكرخ والرصافة، تعشّق محمد مهدي الجواهري، الذي بات أهزوجة دجلة والعراق، وخلف مآذن النجف، ومن منفاه البعيد، وراء البحار والمحيطات، تعشّق ذلك الليل الهادئ الدافئ الصامت، والعشّاق زهوره وخيالاته، فعَنَت له عانة على البعد طربا، يلهج ويحيي دجلة من بعيد:
“حيّيت سفحك عن بعد فحيّيني
يا دجلة الخير يا أمّ البساتين
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به
لوذ الحمائم بين الماء والطين”
شرف المستقبل كلّه، ولعلّ “جريدة المستقبل” خُلِّد اسمها عام 1963 حينما نشرت قصيدة الجواهري دجلة الخير، فبكت المعاني والأشواق برائحة حبر الأقلام، التي دوّنتها، فيما بدت القصيدة رائعة الجواهري، الذي أرغم على مغادرة دجلة والعيش في اغترابه، بدت مثل عزّته، فريدة الأفكار والمعاني، شامخة الذرا بنفائس الكلمات، وجزالة اللفظ، والأسلوب ولا غرو في ذلك، فهو آخر الشعراء القدامى على طريق المتنبي، وأبي تمام، ممزوجة بها نفس الشاعر الإنسانية بالطبيعة الآسرة في ثورتها، وهدوئها، وفي أتراحها وأحزانها، في تشوقها، وتوقها إلى دجلة والعراق، مستكينا بضفاف دجلة الخالد مغتسلا بنقي مائه من براثن الغربة اللئيمة.
  “يـا دجـلةَ الـخير يا نبْعاً أفارقُهُ
على الكراهةِ بين الحين والحينِ
إنّي وردْتُ عــيـون الماءِ صافيةً
نـبـْعاً فـنـبْعاً، فـما كانت لترويني”
وكأن عينيه ترمقان خلافات العراق حاضرا ومستقبلا، وشعبه العظيم المستكين، وتلمحان من بعيد أوجاع المساكين، وبؤس وشقاء ليل بغداد، مفتقدة طهر الملائكة، تهبّ على العراق؛ لتعيد روح دجلة الباسمة، وتعيد ألحان المجاديف بالقوارب بين عبابه، حيث يغنّون ألحان الحياة الباسمة من جديد.
 “يا أمّ بغدادَ، من ظَرْفٍ ومن غَنجٍ
 مــشى التبغْددُ حتى في الدهاقينِ
يا أمّ تـلك الـتـي مـن ألـف لـيلتها
للآنَ يعبقُ عطرٌ في التلاحينِ
ويظلّ يلهج بدجلة، يناديها من بين أكوام من الغيوم، ووسط الضباب، الذي يلفّ بغداد وضفافها، ولعلّها لا تسمعه فالصخب، وعلوّ أصوات الخلاف في المقاهي، وفي دور القرارات، لا توصل صوت الجواهري إليها، فهي النائية والمترفّعة عن كلّ ما يُسمع، وما يُقال، تسحب ذيل الكبرياء والأنفة في ليل بغداد الحالك، فيكرّر عليها نداءاته، ويلحّ في طلب الإصغاء، لكنّها ترحل إلى البعيد متطلّعة إلى يوم عرمرم جارف، تجرف مياهها فكر الخلاف، والفساد، حتى سؤرهما.
 يا دجلة الخير: كم مِنْ كنز موهِبةٍ
لديك في «القُمقُم» المسحورِ مخزون
لـعـلَّ تـلـك الـعـفـاريـتَ التي احْتُجِزتْ
مُــحَـمَّـلاتٌ عـلـى أكـتـاف «دُلـفـيـن»
لــعـلَّ يـومـاً عـصـوفـاً جـارفـاً عَـرِماً
آتٍ فــتـُرضـيـك عــقـبـاه وتـرضـيني
وتتقمّص دجلة بصورة امرأة جميلة ذكية نادرة، جميلة العينين والبسمات، فيها النعيم والخير، وفيها الولادة والحياة، فهي الأنثى، التي تلد الحلول دائما في حنان أمومي، لهذا سار الجواهري في ألحانه مسترشدا بأطياف دجلة، التي ربما تحمل بين طيّات أمواجها حلول العراق، وتحمل الولادة من جديد، حيث أن البعد والفراق القسري المديد، جعله يستند إلى حنان المرأة الخالد، كخلود دجلة، التي طالما قدمت له الأمنيات المحالة:
 “يا دجْلَة الخير أدري بالذي طَفحتْ 
  بــه مــجـاريـك من فوقٍ إلى دُونِ
أدري عـلـى أيّ قـيـثـارٍ قد انفجرتْ   
 أنـغـامـُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ
أدري بأنــك من ألــفٍ مَضَتْ هَـدراً   
 لـلآنَ تــهزْينَ من حكمِ الســلاطين
الواقع المعاش عند الجواهري الشعري والاجتماعي، والذي يعكس الواقع السياسي لاستقراء يوميات الشارع العراقي المعاشة، جعل منه الشاهد الكفيل الواعي، لما كان يحدث في العراق من خلال ترميزه للشخصيات المحرّكة للحدث الساسي في تلك الفترة، التي جعلت العراق يئن من انقلابات عسكرية ضخمة، تغرّد بين ضفاف دجلة الخالد، في تمازج للأحداث السياسية المتعاركة، وبين اللغة الصاخبة القوية الجزلة، التي اتّكأ عليها ليوضّح صخب حروف قصيدته كصخب الحديث في العراق السياسي، وبهذا يتحوّل الجواهري إلى تاريخ، وإلى رمزية في علاقة الشاعر بالقصيدة، والحدث السياسي، وبهذا الفهم الواقعي للأحداث عبر الجواهري حدّ التوصيف والتفوق الشعري إلى العلم الشخصي بالأحداث اليومية للبغداديين، حتى أصبح مثالا للعلاقات الاجتماعية والسياسية والحياتية لبغداد، خاصة وللعراقيين عامة، ولأن التنوير واللين غايته في طرحه الشعري الجزل المميز جعله ذا لون يساري، حليم دمث في أنحاء قصيدته، التي مجّد فيها مياه دجلة وحبّه للأرض، التي يجري عليها في دعة وهدوء، كما الأطيار في أفنانها تصنع أعشاشها لصغارها، وهكذا بغداد للعراقيين.
“يا دجلة الخير: ما يُغليكِ من حـنَقٍ
يُغلي فؤادي، وما يُشجيكِ يشجيني
مـا إن تـزالَ سِـيـاطُ الـبـغـي نـاقعةً
في مائِك الطُهْرِ بين الحِين والحين
ووالـغـاتُ خيـولُ الـبـغـي مُصْبِحةً
عـلـى الـقـُرى آمـنـاتٍ والـدهـاقـين
وظل الجواهري يجوب المدن تلو الأخرى، العربية منها، والغربية، كما مياه دجلة تجوب عموم المدن والبلدان، وظل العراقيون يأملون تغيير واقعهم المليء بالأماني غير المتحققة، حتى يغسل الطهر جسد العراق، والجواهري، فكان يلهج لسان الجواهري دائما أن يتّشح جسده، حين وفاته بكفن مياه دجلة الخالد، ليكون مدثرة في قبره، التي طالما حلم أن تلفّه مياه دجلة بحبّ عميق، وهو ماعناه في بيته الجميل، الذي ظلّ كطائر الحمائم، يتروّى من طهر دجلة.
“وأنت يا قاربا تلوي الرياح به
لـيَّ الـنـسـائـم أطراف الأفانين
وددت ذاك الشراع الرخص لو كفني
مــنـه يـحـاك غـداة الـبـيـن يطويني” 
وقد فارقها والأمنيات بين عينيه، تتنزّى بين أسمال الدنيا، فقد اختارت نفسه المسافرة سفرا بينيا طويلا لا رجعة فيه، كمياه دجلة، فهي تنبع باتجاه واحد لا رجعة فيه، وقد فارقها مكرها في الحالتين، لكنّ عاصمة بني أميّة دمشق، حوت رقدة عظامه يوم السابع والعشرين من تموز عام سبعة وتسعين وتسعمائة وألف، ولم يوصِ بدفنه في بلده، فضمّته مقبرة الغرباء؛ ليظلّ غريبا عن دجلة، بعيدا عن نقاء مائها الطهر، وكُتب على قبره، “يرقد هنا بعيدا عن دجلة الخير”.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle