خمسيني مولع بالإلكترونيّات، حتى حذق صناعتها، وأبدع في صيانتها

قامشلو / رشا علي –

شغف بالأسلاك، وبالدوائر الإلكترونية، وبتعقيداتها منذ نعومة أظفاره، قاده الهوى، والفضول، وبعد لأي وتدريب طويلين أتقف “عبد الباري ملا لطيف” خفايا الصنعة، وصار خبيراَ بصيانة الأجهزة الإلكترونية، ولكن فقدان القطع الإلكترونية، وأحياناً ندرتها، وقف عائقاً كبيراً أمام تطوير، أو تصنيع تلك الأجهزة، لكنه حذق برمجتها، وأبدع في صيانتها.

خلف منضدة عمل محترفي صيانة الأجهزة الإلكترونية، وعلى كرسي، أُعد خصيصاً ليتناسب مع عمله، يجلس المواطن “عبد الباري ملا لطيف” ست وخمسون عاماً، ساعات طويلة صباح مساء، حيث يتفحص الأجهزة الإلكترونية المعطلة، كأجهزة الراديو، والتلفزة، والحواسيب… يدقق في تشخيص ما بها من أعطال، وبمهارة ينطلق في صيانة هذه الأعطال، فتعود الأجهزة لأصحابها، صالحةً.

رحلة من السعي والاجتهاد

 رحلة من السعي والاجتهاد، خاضها المواطن ملا لطيف، لأكثر من ثلاثين عاماً، حيث أحب العمل في مجال الإلكترونيات منذ صغره، وامتلك الكثير من الخبرة، قبل أن يتجاوز ١٥ عاماً، ولشدة تعلقه، وحبه للعمل في مجال صيانة الأجهزة الكهربائية، والإلكترونية، درس الثانوية المهنية، قسم الكهرباء: “منذ صغري كنت أحب مهنة تصليح الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، وكلما كبرت، زاد تعلقي بها، لذلك أكملت دراستي في الثانوية المهنية، قسم الكهرباء، في ذلك الوقت كنت أستطيع تصليح معظم الأدوات الكهربائية، وكنت أحصل على القطع اللازمة من أجل التصليح، من أجهزة أخرى لا تعمل”.

بعد اجتيازه المرحلة الثانوية، أكمل ملا لطيف مسيرته التعليمة، والتحق بمعهد السكك الحديدية في حلب، بالإضافة إلى خبراته في صيانة الإلكترونيات، فاكتسب خبرات جديدة في تصليح أجهزة شارات القطار، وبعد تخرجه من المعهد عمل في محطة القطارات، ويتحدث حول ذلك: “كنت أعمل على إصلاح أجهزة الاتصالات، والشارات في القطارات، ومن بعدها عملت كرئيس مقسم القطار، بين محطات مناطق إقليم الجزيرة، ودير الزور، والرقة”.

مزاولة المهنة ترسيخ الخبرة

 وحول ظروف العمل تحدث ملا لطيف: ” أقوم بصيانة الأدوات الإلكترونية، والكهربائية الصغيرة منها والكبيرة، ولكن بسبب صغر مساحة المحل، الذي أعمل به، اعتمدت على صيانة الأجهزة الصغيرة، كالشواحن، والمكاوي، والمراوح، معظم الأجهزة الكهربائية أستطيع صيانتها، كلما زادت ممارسة المهنة ازدادت الخبرة، لا يوجد لي ساعات عمل محددة، ولكن ما أجنيه من عملي لا يكفي لسد احتياجاتي، هناك فترات يزداد إقبال الناس، ولكن في الفترة الأخيرة قل العمل؛ بسبب غلاء سعر قطع الأجهزة القديمة”.

وبخصوص الوقت، الذي يستغرقه ملا لطيف في صيانة الأدوات الإلكترونية والكهربائية نوه: “إلى أن هناك أدوات تستغرق صيانتها بضع دقائق، وهناك أدوات أخرى تستغرق صيانتها عدة أيام، في البداية أقوم بفحص العطل، وأحدده، ومن ثم أعمل على تصليحه”.

الصعوبات والمعاناة في العمل

 وأشار ملا لطيف، بأنه يواجه صعوبة كبيرة في تأمين القطع الصغيرة، التي يحتاجها من أجل صيانة الأجهزة الإلكترونية، وبأن هناك الكثير من القطع، التي لا تتوفر في المنطقة، ويقوم طلبها من دمشق، كما بين أنه يواجه صعوبة في العمل؛ بسبب الألم الذي في جسده، وعينيه بشكل خاص.

وتابع: “رغم قلة المال، الذي أجنيه من عملي، لم أفكر في أن أهاجر إلى الدول الأوروبية، لأنني لا أستطيع العيش إلا في وطني وعلى أرض أجدادي”.

وحول استمراريته في عمله، أكد ملا لطيف، أن العمل في مجال الإلكترونيات مهنة، لا يستطيع الكثير من الناس تعلمها، وأنها هواية قبل أن تكون مهنة: “في صغري كنت أصنع أدوات إلكترونية بسيطة وألعب بها، وكنت أعمل على تصليح بعض أجهزة المنزل، وأنا في المرحلة الابتدائية”.

وحول المصاعب، التي تقف عائقاً أمام تطور عمله في مجال الإلكترونيات بين ملا لطيف: ” أن عدم توفر القطع يقف عائقاً أمام تطور عملي، إذا توفرت القطع، أستطيع اختراع وتطوير بعض الأجهزة الإلكترونية، فمثلاً أستطيع صناعة مقياس السوائل الإلكتروني، إذا توفرت القطع، فيتم طلب هذا الجهاز من دمشق، وبسعر مرتفع”.

واختتم عبد الباري ملا لطيف حديثه: “نتمنى أن تنتهي هذه الحرب، وأن يعم الأمن والأمان في منطقتنا وعموم سوريا، وأن يعمل كل شخص في المجال، الذي يتقنه، ويحبه من أجل أن يبدع فيه، ويطوره، ويمكن أن يفيد المجتمع”.