سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

خبير في الشؤون التركية: انهيار الاقتصاد التركي سببه حروب أردوغان ضد الكرد وشعوب المنطقة

أوضح الخبير في الشؤون التركية، الدكتور محمد نور الدين، أن الحروب، التي تشنها تركيا، ونظام أردوغان ضد الكرد في سوريا، والعراق، وفي القوقاز وليبيا، وشرقي المتوسط، ما هي إلاّ واحد من أهم عوامل استنزاف مصادر الدخل الوطني القومي التركي، وأكد أن الضغوطات الخارجية، ستستمرّ على أردوغان في محاولة لإسقاطه في الانتخابات المقبلة في عام 2023.
يشهد الاقتصاد التركي تدهوراً تدريجياً، نتيجة السياسات، التي يتبعها نظام أردوغان في دول الجوار بشكل خاص، وفي عموم المنطقة بشكل عام، ووصلت قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها، مقابل الدولار الأمريكي، وهذا ما أرّق كاهل الاقتصاد التركي، وحذا بأردوغان الاستنجاد بحليفه القطري، ولكن يبدو أن الرياح تسير بعكس ما تتجه سفن أردوغان وحكومته، التي باتت على شفير من النار.
حول هذا الموضوع أجرت وكالة هاوار حواراً مع الخبير في الشؤون التركية، الدكتور محمد نورالدين، وهذا نصه:
-على الرغم من الاتفاقيات التي عقدتها تركيا مع كلٍ من الإمارات وقطر مؤخراً، فالليرة التركية تستمر في فقدان قيمتها أمام العملات الأجنبية، ما الأسباب الحقيقية لهذا الانحدار الكبير؟
إن الضغوطات وعمليات الفساد، وانعدام العلاقات مع الدول، والحروب الخارجية، حتماً ستؤثر على مكانة أردوغان لدى الرأي العام، فاستطلاعات الرأي، تؤكد على أن شعبية حزب أردوغان تراجعت بنسبة كبيرة جداً، مقارنةً مع الأحزاب الأخرى، وأردوغان لا يمكن أن يقدم للكرد شيئاً، أولاً: لأنه مقتنع بذلك، ونزعته القومية التركية تحول دون ذلك، وثانياً: خسرانه لأصوات شريكه في حزب الحركة القومية.
وأردوغان كان يتوقع من زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى تركيا، أن تساهم في فرملة الانحدار في سعر قيمة صرف الليرة التركية مقابل الدولار، والانهيار في الاقتصاد التركي بشكلٍ عام، ولكن بطبيعة الحال، هذه الزيارة قد تعطي بعض الأمل والثقة لنظام أردوغان؛ ولكن عشرة مليارات من الدولارات، التي حُكيَ عنها هي استثمارات، وليس ضخاً نقدياً مباشراً؛ لرفد الخزينة التركية، وبالتالي: إن النتائج على هذه الاستثمارات تتطلب وقتاً طويلا، فيمكن أن تتعدى السنتين، ولأن الأمر على هذا النحو، قام أردوغان بزيارة قطر، على أمل أن تُسعفه هذه الزيارة  أيضاً في معالجة تردي وضع الاقتصاد التركي.
فقطر هي حليفة تركيا الأولى، والمنقذ لها في الأزمات؛ وهي تسعى لعدم سقوطها المدوي، إن حدث، ولكن هناك حدود لعملية ضخ النقد والمال القطري في الاقتصاد التركي، فبكل تأكيد لن تستمر قطر بدعمها إلى اللانهاية، وعلى الرغم من الزيارتين، والدعم المالي الذي تحدثوا عنها، رأينا انهيار الليرة التركية الغير مسبوق، حيث وصل الدولار الواحد إلى 14 ليرة تركية؛ وسببه ثلاثة أشياء مجتمعة.
الأول: الفساد الذي ينخر النظام، ولا سيما العائلة المحيطة برجب طيب أردوغان، وهناك حديث عن أن 128 مليار دولار، قد اختفت، وتبخّرت، ولا يُعرف أين ذهبت، هذه كلها نتيجة لعمليات السمسرة، والفساد، الذي أصاب النظام، والسبب الثاني: الذي أثر سلباً على الاقتصاد التركي والاقتصادات العالمية، هو جائحة كورونا.
 وأما السبب الثالث: فهو الضغوط الخارجية، وخاصةً الأمريكية على أردوغان لأسباب متعددة، ومن الواضح أن ذلك كله، يصبُّ في خانة إضعاف اردوغان أولاً، ومن ثم محاولة إسقاطه في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حزيران 2013.

-يربط أردوغان دوماً انهيار الاقتصاد التركي بالمؤامرات، ولكن ماذا عن معاداته للشعب الكردي، وصرف مليارات الدولارات في الحرب على الكرد في الداخل التركي، وفي سوريا والعراق؟
الحروب التي تشنها تركيا، ونظام رجب طيب أردوغان ضد الكرد، وسوريا، والعراق، وفي القوقاز وفي ليبيا، وشرقي المتوسط وفي أماكن كثيرة من العالم، هي واحدة من أهم عوامل استنزاف مصادر الدخل الوطني القومي التركي، وبطبيعة الحال هذا الاستنزاف، لا يمكن أن يتوقف في ظل استمرار الحرب التركية، ضد الكرد في الداخل والخارج، وعلى العديد من الدول الأخرى، وهذا أمر طبيعي؛ لأن هناك مليارات الدولارات، تصرف على العمليات الخارجية؛ فهناك عشرات الآلاف من الجنود الأتراك تحت السلاح في الداخل التركي ضد الكرد، وفي الخارج في باشور كردستان، وفي المناطق المحتلة في شمال وشرق سوريا، وفي شمال قبرص وليبيا وفي أماكن متعددة، وبالتالي هذه واحدة من المصاعب، التي تؤثر سلباً على الاقتصاد التركي، ولا علاقة لها من هذه الزاوية بالمؤامرات التي يتحدث عنها أردوغان، ومتى ما توقف عن التدخل في شؤون الآخرين، ويوجه الطاقات باتجاه الداخل التركي ستنتهي الأزمات كافة.
-الجميع كان يقول: إن نظام أردوغان سيسقط إذا وصل الدولار الواحد إلى ما يعادل 14 ليرة، ومع ذلك لم يسقط حتى الآن، فكيف يؤثر ذلك على أردوغان وحزبه؟
إن الحديث عن سقوط نظام رجب طيب أردوغان في حال وصول صرف سعر الدولار الواحد إلى ما يعادل العشر ليرات أمر مبالغ به نوعاً ما، فالاقتصاد التركي حتى لو وصل سعر الصرف إلى 15 أو 16 ليرة تركية قد يستمر، لأنه بالنهاية اقتصاد كبير، وحجم التجارة الخارجية كبير يتجاوز 450 مليار دولار، والناتج القومي لا يقل عن 700 إلى 750 مليار دولار، هو يستطيع أن يمتص الضغوطات على الاقتصاد التركي، ولكن هذا الأمر بطبيعة الحال سيؤثر سلباً على أردوغان، واستمراره في الحكم، ويؤدي إلى ضعفه في السياسية، وفي الاقتصاد، خاصةً أن أردوغان وحزبه، بنيا مجديهما على قوة الاقتصاد، وسياسة انعدام المشاكل، ولكن في ظل الضغوطات الكبيرة من الخارج، وعمليات الفساد التي طالت الكثير من المؤسسات، وفي ظل صفر علاقات مع الدول، والحروب التي تستمر في الخارج، ذلك كله  يؤثّر حتماً على مكانة أردوغان لدى الرأي العام في الداخل التركي، واستطلاعات الرأي تؤكد على أن شعبية حزب أردوغان، تراجعت بنسبة كبيرة جداً، مقارنةً مع الأحزاب الأخرى، وبخاصة المعارضة.
-في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، هل من الممكن أن تتوجه تركيا إلى انتخابات مبكرة، وكيف سيؤثر الاقتصاد على نتائجها؟
في ظل استطلاعات الرأي، التي تُشير إلى تراجع قوة حزب العدالة والتنمية من 40% إلى 30%، وتراجع قوة حليفه حزب الحركة القومية من 13% إلى 8 أو 9%، ما يجعل من الصعوبة ذهاب أردوغان إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لأنه في هذه الظروف السلبية، حتماً الناخب التركي لن ينتخب رجب طيب أردوغان رئيساً، وهناك استطلاعات تقول إن 64% لا يريدون رجب طيب اردوغان رئيساً، بمعزل عمن يرغب في أن يكون بديلاً عنه.
وبالتالي الاقتصاد هو عامل مهم في التأثير على نتائج الانتخابات، لذلك يمتنع، ويعارض رجب طيب أردوغان، الذهاب إلى مثل هذه الانتخابات، التي تعني حتماً سقوطه.
-في حال اتفقت تركيا مع الكرد، وهذا يعني إيقاف الحروب، كيف سينعكس ذلك على الاقتصاد التركي بخاصة، وعلى الداخل التركي بشكل عام؟
لا يمكن البناء على فرضيات بطبيعة الحال، ما نفهمه الآن أن هناك خطة لأردوغان في معاداته لحزب الشعوب الديمقراطية، الحزب الذي يملك شعبية واسعة بين الكرد، وهناك العديد من محاولات حظره، وتفكيكه، أو التشجيع على القيام بحركات تمرد انفصالية في داخل الحزب، والضغط على الناخب الكردي، كي لا يذهب إلى الانتخابات أو لينتخب جزء منه حزب العدالة والتنمية، لذلك فرضية اتفاق تركيا مع الكرد غير منطقية، وغير قابلة للتصديق في مثل هذه الظروف، وإمكانية أن يقدم أردوغان شيئاً للكرد نسبية وضعيفة، وأن يلبي جزءاً من مطالبهم هي أمكانية غير واقعية.
أردوغان رفض إعطاء الكرد أي مطلب، منذ وصوله للحكم عام 2002 وحتى الآن، ولا يمكن أن يقدم لهم شيئاً في هذه المرحلة، ولا حتى عشية الانتخابات الرئاسية، حزب العدالة والتنمية يتصرف على أساس أنه ليس حزب إسلامي فقط، بل هو حزب قومي، وشريكه حزب قومي أيضاً، باعتقادي أن أردوغان لا يمكن أن يقدم للكرد شيئاً، أولاً: لأنه مقتنع بذلك، ونزعته القومية التركية تحول دون ذلك أيضاً، وثانياً: يخسر أصوات شريكه في حزب الحركة القومية.