قامشلو/ دعاء يوسف ـ
تعمل المرأة في شتى مجالات الحياة، لتعيل عائلتها، وبعض النساء لا يجدن العمل المناسب لهن، لكنهن يرضين به حتى يجدن فرصهن في عمل مناسب لهن، هذا ما دفع بالأم خالصة في أن تعمل بائعة متجولة، لتكون عوناً لعائلاتها التي تنتظرها بفارغ الصبر والجوع آخر كل نهار.
تنتشر البسطات النسائية خصوصاً في الأسواق الشعبية بقامشلو، وكثيراً ما نرى النساء ينشرن بسطاتهن على أطراف الأرصفة داخل هذه الأسواق، يعرضن من خلالها ما خف حمله، وناسب سعره، وقد لا يتناسب ما يعرضنه من بضائع مع أذواق المارة، ولكن هي الحاجة… فحلم أغلب تلك النساء أن يرجعن لبيوتهن آخر النهار، وقد حققن ولو دخلاً يسيراً من مبيعاتهن، لسد رمق من تركنه في منازلهن.
فكان لصحيفتنا لقاء مع “خالصة بكر” امرأة بلغت قرابة الأربعين من عمرها، تعود بعد عناء يوم كامل، لتطعم من تكفلت بمعيشتهم، وترجع صباح اليوم الآخر؛ لتلملم دخل اليوم الجديد متحملة برد الشتاء، وحر الصيف وأعين وازدراء الفضوليين، تفترش الأرض بقطعة قماش تنثر عليها ما حملته من بضاعة، وتجلس تنظر للقادم والغادي علهم يتكرمون عليها بالشراء، ولو من باب المجاملة، لا حول لها ولا قوة سوى أحلامها، التي تتمحور حول حصيلة يومية لا تتجاوز بضع الآلاف من يد محسن تكرم، واشترى من بسطتها المتواضعة.
الحاجة والمأوى
فحدثتنا خالصة عن وضعها المعيشي؛ قائلة: “أعيش مع عائلتي في منزل سقفه مهترئ، فعندما ينزل المطر، يتساقط في داخل المنزل، وكنت أحمد الله على وجود مأوى لي ولأطفالي، غير أن صاحب المنزل أصبح يريده، أو ندفع له الإيجار، وأنا لا أملك ما يسد جوع أطفالي حتى أقوم بدفع المال للإيجار”.
وتابعت خالصه حديثها: “أمتهن هذه المهنة لرعاية ثلاثة أطفال بأعمار متفاوتة، إضافة إلى زوجي الشبه معاق، ولربما قست الحياة في وجهي، ومازلت أحاول أن أتغلب على صعابها بهذا العمل، الذي يسد حاجتي، ويمنعني من مد يدي لأحد، ولكن مع ارتفاع الأسعار ما عاد بمقدوري إطعام أطفالي”.
وبيَّنت خالصة أنها أمضت سنين وهي على هذا الحال: “ما أكسبه في يوم استهلكه في نصف يوم”، وهذا العمل كل ما تفعله يومياً: “لو تركت العمل يوماً واحداً، فسأموت جوعاً أنا وأولادي”.
كما ونوهت خالصة إلى أن أحد أطفالها يعمل في مزرعة من الصباح حتى المساء، ليعطيه ألفي ليرة فقط، وبهذا المبلغ القليل يحاول مساعدة والدته رغم صغر سنه: “يعمل طوال اليوم ليحضر آلفي ليرة، فوالله لو أنني أملك قوت يومي، لما تركته يعمل ولكنها الحاجة”.