حينما يكون التهجير سببا للإبداع والتميز

جل آغا/ أمل محمد –

هجرت الطفلة جيان من موطنها بعد احتلالها من المحتل التركي، ومرتزقته فوجدت الغناء، والتمثيل، أداة لتخطي المحنة، وبمزيد من الإصرار ترسم لنفسها عالماً آخر مليئاً بالآمال.

تركت وراءها مكان طفولتها، التي ترعرعت فيه بكل حب وسعادة، كان آخر مشهد حُفر في ذاكرتها هو النيران، التي التهمت مدينتها، وبدأت الصورة تتلاشى شيئاً فشيئاً، وهي تبتعد عن منزلها صوب المجهول، والكثير من الأسئلة، التي تُدار في مخيلتها هل للعودة من سبيل؟ ونحو حياة جديدة انطلقت عائلة الطفلة جيان محمود من ناحية سري كانيه إلى كركي لكي آملين يوماً للعودة.

ما بين الحرب والحياة

جيان محمود الطفلة اليافعة صاحبة ثلاثة عشر ربيعاً، التي ولدت، وهي تعشق الموسيقا، والفن، ومنذ نعومة أظفارها، اكتشفت عائلتها ميولها الموسيقية، وبدأت تنميها من خلال الدورات التدريبية؛ لتعزيز هذه الموهبة، بعد مغادرة عائلة جيان لناحية سري كانيه، قضت أربعة أعوام في مدينة كركي لكي.

لم تتمكن الحرب من قتل رغبتها؛ فانضمت مباشرةً إلى المركز الثقافي آرام ديكران، والذي ساهم بدورها في تعزيز موهبتها في الغناء والمسرح، وعن رحلة هذه الطفلة بين الحرب، والموسيقا حدثتنا: “أعشق الغناء، وأجد فيه عالمي الخاص، الذي يأخذني بعيداً نحو آفاق جديدة، عائلتي دعمتني منذ اليوم الأول من اكتشاف موهبتي، فقدمت لي دعما معنويا، وقد التحقت في معاهد خاصة للموسيقا والغناء”.

الموسيقا هي غذاء الروح، ومن خلالها يبوح الفرد عن خبايا ذاته، هذا ما بينته جيان لصحيفتنا: “ولدنا في زمن الحرب، ومغادرتنا عنوة موطننا الجميل ترك أثراً قاسياً في نفسي، لذا كان الغناء هو سبيلي في تخطي تلك المحنة، أغني في أوقات الفرح كما أن الغناء رفيقي أوقات الحزن”.

تحترف جيان الغناء باللغة الكردية، وخاصةً الأغاني التراثية القديمة، ونوع الموسيقا المفضلة لديها هي للفنانة عيشة شان: “أجيد لون الغناء الكردي كله، بمرافقة الموسيقا، ولكن تستهويني الأغاني التراثية الهادئة، وهي مناسبة أكثر لطبقة صوتي”.

إلى جانب موهبة الغناء التي تتقنها، فهي تحاول تعلم العزف على بعض الآلات الموسيقية، مثل البزق والكمان: “لدي رغبة ملحة في تعلم العزف على آلة البزق، والكمان، ولكن لم أتمكن بعد منها، ولكني بإصراري سأصل يوماً لذلك، تعلمت أساسيات العزف، والسلم الموسيقي، ولكن لم أصل لمرحلة الاحتراف، الغناء، والعزف، مرتبطان مع بعضهما، وكل منهما يكمل الآخر”.

أحلام الطفولة

فهواية التمثيل من الهوايات المفضلة عند جيان، التي تنمي موهبتها بمشاركتها في دورات تدريبية للتمثيل في المركز الثقافي في رميلان: “أحب التمثيل وشاركت في مسرحيات عدة للأطفال، وإلى اليوم أتدرب لتنمية موهبتي، أتمنى أن أكون في المستقبل مطربة وممثلة، وأنا على يقين بأنني أصل لما أطمح إليه”.

وفي نهاية حديثها لصحيفتنا “روناهي” وجهت جيان محمود رسالة للأطفال، بأن ينموا موهبته؛ ليكونوا أفراداً نافعين، ومساهمين في بناء المجتمع.