حول حماقة الاعتقال… وحسابات المكسب والخسارة ـ2ـ

 رجائي فايد-

لم يكن تناول المسألة الكردية في مصر بالمتابعة والفهم والتحليل مثاراً على المستوى العام، بسبب وجود مسائل أهم تستحق الكتابة عنها، ومن هذه المسائل المهمة المؤامرة الدولية على المناضل عبد الله أوجلان، حيث تآمرت مجموعة من المخابرات الدولية، من بينها الأمريكية والموساد الإسرائيلي، فقفزت تلك المسألة إلى واجهة الأحداث السياسية التي تستهوى الصحف والقنوات التلفزيونية والمراكز البحثية، بل وأصبحت في صدارة الأحداث في تلك الفترة؛ إعلامياً وسياسياً.

بخاصة عندما نجحت تلك الأجهزة الاستخباراتية في اعتقال (عبد الله أوجلان)، فاستهوتني هذه القضية الهامة إلى أبعد الحدود فتعرفت على أبعاد وأهداف المؤامرة الدولية، ولم أتوانَ عن الكتابة عنها في الصحف والتحدث في الفضائيات، وفي مراكز بعض الأحزاب السياسية وبعض مراكز البحوث المتنوعة المهتمة بمثل هذه القضايا، بل حتمت الظروف علي السفر لإلقاء بعض المحاضرات في العديد من المدن. وما كان ذلك ليحدث لولا الموضوع وأهميته الكبيرة، ورد فعل الجماهير الكردية على تلك المؤامرة الدنيئة، حينها هاج الشعب الكردي كالبركان، ما أدهش العالم الذي تأكد بأن الشعب الكردي لا يمكنه التخلي عن قائده، وتزايد التعاطف الدولي مع أصحاب تلك القضية وما يتعرضون له من ظلم وقهر شديدين.

 حيث ترتب على عملية الاعتقال بتلك الصورة تأجيج الغضب الكردي في كل مكان، فانطلقت المظاهرات الاحتجاجية حول العالم وحوصرت السفارات التركية في الكثير من مدن العالم، والسفارات الأمريكية والإسرائيلية لم تسلم هي أيضاً لدور الدولتين الكبير في عملية الاختطاف. فتصورت تركيا بأنها بذلك قد حققت نصراً عظيماً ولم تتنازل عن عقليتها الفاشية، فقامت باحتلال بعض المناطق والمدن الكردية في شمال وشرق سوريا وشمالي العراق، ولحماقاتها وشوفينيتها حاولت منع دورة لتعلم اللغة الكردية في اليابان، وسعت لمسح خريطة وضعتها (غوغل) على الشبكة العنكبوتية للمناطق الكردية.

 والدولة التركية تؤكد كل مرة أنها تعادي حصول الكرد على أية حقوق لهم، ليس في تركيا فحسب بل في أي مكان من العالم، لأنها تخاف من حصول الكرد على حقوقهم الطبيعية وتدعي بأنها تشكل خطراً على وجود الدولة التركية، وهي تعمل ليل نهار لوضع الخطط التي تعادي الكرد، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك هو رفض الكرد تلك النظرة الشوفينية والنضال من أجل تحقيق المطالب المشروعة للشعب الكردي، واستمرار حالة العنف والفوضى تتسبب في حالة من عدم الاستقرار والأمان في المنطقة، وفكر وفلسفة عبد الله أوجلان هي الأساس لكل عملية سلام وهي بلورة للنضال خلال عشرات السنين الماضية، وهي الشعلة التي لن تنطفئ إن كان خارج القضبان أو خلفها.