روناهي/ قامشلوـ
أخذت الطفلة “رونا قادر عكيد” من قامشلو، على عاتقها مساعدة أبناء جيلها بما يمكن، عبر حملة أطلقتها تحت شعار “حتَّى لا تبقى ضحكة الأطفال باردة” لجمع التبرعات لأطفال سري كانيه بالمخيمات، لتكون عوناً لهم في هذا الشتاء البارد.
تختلف أحلام الأطفال، الَّذين يقعون ضحايا الحروب عن أقرانهم، الَّذين يعيشون في بيئات طبيعيَّة ودول مستقرَّة، فليس لديهم رفاهيَّة النَّظر إلى الألعاب الجديدة والإلكترونيَّات، حتَّى إنَّه قد يكون الحصول على بيت بجدران حلماً صعب المنال في حياة، ووطن لا يعرف منهما سوى خيمته المهترئة، وهذا هو الواقع المؤلم والصَّادم، الذي يعيشه الأطفال المهجرون في شمال وشرق سوريا في المخيمات، وخاصَّةً أطفال سري كانيه، فيفتقدون أساسيَّات الحياة الكريمة، وأصبحت أحلامهم تقتصر على غطاءٍ يحميهم من برد الشِّتاء القارس، وحذاء يساعدهم على السَّير وسط طين المخيمات.
وقد لقت هذه المعاناة، التي يعيشها أطفال المخيَّمات غصَّةً في قلبِ الطِّفلة “رونا قادر عكيد” والتي تبلغ عمر الثانية عشرة سنة من مدينة قامشلو، وصاحبة أوَّل مكتبة خاصة بكتب الأطفال بشمال وشرق سوريا، حيث قامت بإطلاق حملة بعنوان “حتّى لا تبقى ضحكة الأطفال باردة” لمساعدة الأطفال المهجرين؛ كي يُبعث فيهم الأمل، والتَّفاؤل في الخلاص من المأساة، في ظلِّ تَّهاون وتقصير المنظَّمات الإنسانيَّة والخيريَّة، الَّتي تدَّعي بأنَّ وجودها من أجل مساندة الذين انقطعت بهم الأسباب من الأطفال وغيرهم.
“سأجمع ما لدي من ثياب وأرسلها لهم”
بخصوص الحملة التقت صحيفتنا (روناهي) بالطِّفلة “رونا” وبيَّنت لنا نتاج حملتها حيث قالت: “بعدما زرت مخيَّم واشوكاني، وزَّعت لأوَّل مرة 300 دفتر، وقصَّصاً للأطفال، وحينها لاحظت الوضع المأساوي، الَّذي يعيشه هؤلاء الأطفال في المخيم، وتأثرت بذلك جدَّاً، حيث لم يكن لدى الطلَّاب مقومات التعليم مثل الكتب والدفاتر، وغيرهم من الأطفال، فلا ملابس جديدة مناسبة، وحينما رجعت إلى البيت لم تفارقني صورهم، فقد آلمني وضعهم ومأساتهم كثيراً، فلا بدّ من أن أفعل شيئاً؛ كي أساندهم، وأقف موقفاً إنسانياً لهم، وخاصَّةً أنَّ الجو أصبح بارداً، فخطرت في بالي فكرة بسيطة، بأن أجمع ما لدي من ثياب، لا أستخدمها، أرسلها لهم، وبعدها قرَّرت أن أوسّع هذه الخطوة في جمع الثياب القديمة لدى أطفال جيراني، وأهل حارتي، وقمت بإرسالها لهم، واتسعت مدارك عقلي أن أقوم بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون نداءً إنسانيًّا للمجتمع عامة من مؤسسات، وشخصيات، ومنظَّمات؛ ليبادروا بجمع الملابس الشتوية للأطفال”.
مد يد العون لأطفال سري كانيه
وأضافت: “وكانت قد حدَّدت موعداً لإطلاق الحملة، يكون بدايته الأول من الشهر المنصرم، ويستمر لغاية خمسة عشر يوماً، حيث زرت العديد من المؤسسات، والمنظمات، الَّتي طرحت الفكرة عليهم، ولكن كانت مساعداتهم متفاوتة، ليست بالقدر المطلوب، أو المتوقَّع، ولحسن الحظ الأغلبية تجابوا مع المبادرة، ودعموا هذه الحملة، وهذا المشروع”.
وبيَّنت رونا: “الهدف الأساسي من هذا المشروع، هو مساعدة أبناء منطقتي أطفال مدينة سري كانيه، وأخفِّف عنهم معاناة البرد في فصل الشتاء، فهم في هذا الوقت بأمسِّ الحاجة للمساعدات، وبشكل خاص الملابس الشتوية، فقد شاهدت كيف كانت مياه الأمطار، قد غمرت خيمهم، كان ذلك في مخيم الطلائع بمدينة الحسكة”.
“لنكن راحة وبسمة لأمٍ وأملاً لطفلٍ”
وأردفت رونا: “المساعدات كانت جيدة، ولكن غير كافية للحد المطلوب، فهذه المساعدات لن تكون كافية لتغطية احتياجات الأطفال، فيجب أن تكون بقدر أكبر لتصل لكل الأطفال، لذلك أناشد جميع المنظَّمات الخيرية، والإدارة الذاتية في بذل الجهود في سبيل مساعدة هؤلاء الأطفال”.
واختتمت رونا قادر عكيد حديثها بالقول: “رسالتي إلى كل من يسمعني، أو يشاهدني، أو يرى كلماتي في أن يساعدونا، ويبذلوا قصارى جهدهم في دعم هذه الحملة، وألا يظنوا أنَّ هذه المساعدة صغيرة، أو بمعنى آخر لا تحتاج إلى الدَّعم الكثير، فأي شيء يتم التبرع فيه سوف يكون من المؤكَد سبباً في راحة أمٍّ، وضحكة طفل”.
والجدير بالذكر أن مخيم الطلائع الكائن بالحسكة يضم مهجرين من مختلف القرى، ومن مدينة سري كانيه نفسها، وأيضاً كري سبي/ تل أبيض هذه المناطق، التي تعرضت للقصف والاحتلال التركي عام 2019م، ويُقدر عدد الأطفال الذين يمكن أن يلتحقوا بالمدارس في مخيم واشو كاني وسري كانيه ” حسب الإداري محمد حاجو” بنحو 3200 طالب وطالبة، في مختلف المراحل التعليمية، منهم نحو 1700 طالب في المرحلة الابتدائية.
