سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حكايات قبل النوم.. تُنشط مخ الأطفال وتُحفّز خيالهم

يبدو أن جلسة الأم بجوار طفلها وقراءة قصة له بشكلٍ روتيني يومي، لم تعد فائدتها تقتصر على مزيد من التقارب بينهما، وخلق جوٍّ من الأُلفة والتواد، وترك الطفل لينام ويغوص في أحلام سعيدة.. إنما أصبحت حكاية قبل النوم حافزاً لتنشيط مخ الطفل وتنمية قاموسه اللغوي؛ إضافةً إلى تحفيز خياله، وتفوُّق وتميُّز علمي ودراسي يظهر وقت دخول المدارس.
في سياق تأثير حكاية قبل النوم على الطفل، أكّدت الكثير من الأبحاث والدراسات التربوية، أن هناك فرقاً كبيراً بين الأطفال الذين يستمعون للحكاية بشكلٍ يومي، والآخرين المشغول آباؤهم عنهم.
للآباء أقول: بعد أن أصبحت قراءة قبل النوم كروتين يوميّ في حياة طفلك، ستجد أن الأطفال الذين تُقرأ لهم القصص من سنٍّ مُبكر، يميلون إلى تطوير مهاراتهم اللغوية بشكلٍ أسرع.
تُحفّز القراءة نمو الأطفال وتمنحهم السبق في المهارات الحركيّة، وتكوين ذاكرتهم عند وصولهم إلى المدرسة، كما أن تفاعل الأطفال مع القصة يُحسّن من نموّهم العاطفي والاجتماعي.
إن العديد من الآباء يتوقفون عن القراءة لأطفالهم بمجرد تمكنهم من القراءة بمفردهم، كما وجدت الدراسة أن 83٪ من الأطفال يستمتعون بالقراءة بصوتٍ عالٍ، في حين يصف 68٪ شعورهم بالدفء والحنان في وقت مشاركة آبائهم في القراءة معهم.
الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات، أظهروا فروقاً في تنشيط الدماغ- وفقاً لأشعة الرنين المغنطيسي- حيث يزدادون إيجابية كلما زاد مقدار قراءة الوالدين.
الأطفال عندما يكونون منخرطين في الاستماع لقصة ما؛ فإن مزيداً من مناطق دماغهم الأيسر يزداد نشاطاً؛ مما يساعد على تطوير مهارات القراءة والكتابة في سن ما قبل المدرسة.
كما تُسهم القراءة في نموّ مخ الأطفال بشكلٍ صحي أكثر؛ لذا يجب على الآباء أن يتفاعلوا أكثر معهم عند القراءة، كطرح الأسئلة عليهم ومناقشتهم فيها، وأن يطلبوا منهم قلب الصفحات.
تقول الدراسة، إن تفاعل الآباء شفهياً مع الأطفال، يعمل على خفض مستويات التوتر، بدليل وجود اختلاف عصبي بين الأطفال الذين يقرأون بانتظام، والأطفال الذين لا يقرأون.
القصص تعمل على: تعزيز مهارات الطفل اللغوية بشكلٍ كبير، وتُعتبر خطوة في تطوير مهارات الطفل في التحدث؛ خصوصاً في خمس السنوات الأولى من عمرهم.
مع استمرار القراءة بشكلٍ يومي، يتمكن الطفل من فهم المفردات ذات المستوى الأعلى، واستنتاج معنى هذه الكلمات يوسّع نطاق مفرداتهم المنطوقة والسياقية بشكلٍ كبير.
قراءة قصص ما قبل النوم، لم تعُد تتعلق بسرد أسطر الكتاب ليلةً بعد أخرى فقط؛ فالأطفال يحسونه وقتاً خاصاً للتواصل مع والديهم قبل النوم، حيث يشعر الأطفال بالاهتمام والأمان، وسيبقى ذلك الوقت ذكرى في أذهانهم طوال حياتهم؛ فهم يتفاعلون معكما بإيجابية، كجزء أساسي من روتينهم اليومي.
التوقيت مهم عند اختيار وقت قراءة الكتاب؛ فالأطفال الأصغر سناً، قد يستطيعون الجلوس في أحضانك على كرسي هزاز، بينما يفضّل الأطفال الأكبر سناً البقاء في السرير عند سماع القصة.
يُمكنك من خلال سرد القصص لطفلك غرس الصفات الجيدة، كالحكمة والشجاعة والأمانة والصدق والكرم في سنٍّ مبكر، كما يمكنك تغيير سلوك سيّئ لاحظته على طفلك، بشكلٍ غير مباشر من دون أوامر، أو الصدام معه واتهامه بالتصرفات السيئة.
ولازال البحث يسرد نتائجه، ليس الأطفال وحدهم الذين يستمتعون أثناء سرد القصص؛ بل الاثنان يستمتعون بالاسترخاء، ويقل توترهم؛ مما يزيد من سعادتهم.
لذا فالقراءة تساعد في توطيد العلاقة بين الوالدين والأبناء، وخلق جوّ من المتعة والتسلية، بالإضافة إلى شعورهم بالسعادة والأمان.. القصة تمنع أيّة أحلام مُزعجة أثناء نومهم؛ حيث تساعد الطفل على الدخول في نومٍ هادئ؛ خاصةً بعد اختيار قصص مناسبة هادئة.
غالباً ما يتم التحفيز البصري للأطفال من خلال التلفزيون والأجهزة الإلكترونية؛ لذا فإنهم نادراً ما ينجحون في الاستفادة من خيالهم ما لم نقرأ لهم، أو حتى يتمكنوا من القراءة.
لهذا؛ فإن لم نقرأ على مسامع أطفالنا؛ فستضعف حتماً قدرتهم على استخدام خيالهم، ويفتقدون القدرة على التصوُّر، (حدوتة) قبل النوم هي بساط الريح الذي يحمل الطفل إلى آلاف الأمكنة.
القصة عالم ساحر ينتقل إليه الطفل، ويستمتع بها ولا يستطيع البعد عنها، وفي الوقت نفسه تحقق له قدراً هائلاً من الاحتياجات؛ فهي تُسكِنه قصوراً وتطير به إلى الفضاء.