لم يتبقَ إلا خمسة شهور فقط من موعد مرور ربع قرن من الزمان على اعتقال وحبس القائد عبد الله أوجلان في جزيرة إمرالي بتركيا، حيث اعتقلته الحكومة التركيّة بعد خطفه يوم 15 شباط عام 1999، والمطلوب خلال هذه الشهور الخمسة هو زيادة الضغط الشعبي على الحكومة التركية من أجل الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان، والعمل على إحياء الضمير الإنساني عند الشعوب، فالشعوب تمتلك ضمائر حيّة، ولابد من تعريف هذه الضمائر البشرية بما يعاني منه الشعب الكردي، وتطلّعه إلى تقرير مصيره، وما يعاني منه القائد أوجلان في سجنه الطويل المرير.
التحالف بين لجان الحرية
مع احترامنا الكامل لكل اللجان التي تتبنّي قضية الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان، فلابد من التحالف بين كل التيارات المختلفة والتنسيق فيما بينهم، من أجل الاعتماد على الحشد الشعبي العالمي، وتوحيد الرؤية والتنسيق مع الكُرد في أوروبا، الذين يتظاهرون من أجل الإفراج عن القائد أوجلان، فلابد من أن تكون كل التيارات واللجان وقادة الكرد في أوروبا، والقوى المُحِبة للسلام على قلبِ رجل واحد، وبالتالي؛ فإن المطلوب هو حملة مليونية للتوقيع الشعبي من أجل الإفراج عن القائد أوجلان؛ لأن الشعوب أبقى من الحكّام، وضمير الشعوب أبقى وأنبل، بدلاً من صمت الحكّام، كل الحكام في المنطقة وفي دول العالم، خاصةً القوى الكبرى منها، ولابد من التعريف بمظلومية الشعب الكردي.
التعريف بمسيرة القائد أوجلان
ولكن وقبل كل ذلك لابد من توضيح صورة القائد أوجلان كمناضل للسلام حقيقة لا قولاً، وكما قال الكاتب الأستاذ فتحي محمود في جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 18 آب عام 202 “إن أوجلان زعيم سلمي، ورسول سلام”، لأن الحقيقة أن المتتبع لمسيرة أوجلان، قبل وخلال سجنه الطويل، يكتشف أنه أمام مفكّر وليس مجرد قائد لجماعة نضاليّة، وأن حزب العمال الكردستاني تحوّل إلى حركة تحرر وطني، وليس حركة انفصالية، فقد سبق أن أعلن القائد أوجلان عامي 1993و1995 عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد لكن الحكومة التركيّة كانت ترفض ذلك.
وفى كانون الأول 1998 أي قبل القبض عليه بشهرين، أعلن اتخاذه النهج السلمي سبيلاً للنضال، بدلاً من الكفاح المسلح، لكن تركيا استمرت في عمليات قمع الكرد بوحشية كبيرة، بدلاً من أن تكون فرصة للوصول إلى حلٍ سلمي للمسألة الكردية .
لقد ناقش القائد أوجلان كثيراً من القضايا الهامة في سلسلة مجلدات حملت عنوان (مانيفستو الحضارة الديمقراطية)، وشهدت مسيرته الفكرية تطوراً كبيراً من الإيمان بالكفاح المسلح، سبيلاً وحيداً لإقامة دولة كردية مستقلة إلى العمل من أجل الحل الديمقراطي السلمي، وقدم خارطة طريق توضح تفاصيل هذا الحل، وهو الأمر الذي رد عليه النظام التركي باستمرار الحرب ضد الكرد.
وفى رؤية القائد أوجلان المتكاملة للتحول إلى أمة ديمقراطية، يوضح أن الاعتراف بحق التحول إلى أمة ديمقراطية كان الحل الأنجح والقابل للتطبيق، دون الحاجة إلى دولة قومية كردية، بل ودون الحاجة لتحويل الدولة القومية الحاكمة إلى أشكال من الطراز الفيدرالي.
وبناءً على ذلك فخارطة الطريق التي قدمها على خلفية الحوار مع الدولة التركية، كانت تعبر كفاية عن مبادئ الحل والسلام المأمولين، لكن جهاز الدعاية والتحريض في الدولة والمتأثرة جداً بتقاليد التطهير العرقي عاجزة عن البت في قرار السلم والحل الديمقراطي، فرغم محاولات وقف إطلاق النار التي أعلنها حزب العمال الكردستاني مرات عديدة من طرف واحد، إلا أنه لم يلقَ الجواب اللازم، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلاً، فإما أنه سيتم ولوج سياق السلم والحل الديمقراطي المستدام والمُشرّف، والذي يتفق فيه الطرفان على ثوابته ومبادئه الأساسية، وهو سلام تاريخي ونمط حل سياسي ديمقراطي سيكون مثالاً تقتدي به شعوب المنطقة والإنسانية قاطبة، أو سنعود إلى حرب جديدة حاسمة.
هكذا يقدم القائد عبد الله أوجلان حلاً سلمياً، لواحدة من أهم المعضلات التي تواجه الشرق الأوسط، لكن النظام التركي لا يهمه سوى استمرار سطوته ومغامراته.
الحملة الشعبية الدوليّة
بعد مرور قرابة 25 عاماً على سجن القائد عبد الله أوجلان، الذي مد يده بالسلام أكثر من مرة رغم جرائم للنظام التركي، فقد حان الوقت من أجل تنظيم حملة شعبية دولية مكثفة للإفراج عنه، لا تقتصر المشاركة فيها على الكرد المتواجدين في أماكن مختلفة من العالم فقط، ولكن تضم كل المؤمنين بقيم الحرية والديمقراطية والتحرر الوطني فى مختلف دول العالم، وخاصةً من المثقفين والرموز الأدبية والفنية والاجتماعية والرياضية والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني على المستويين المحلى والدولي، وتكون لها لجنة تنسيقية معلنة، وخطة تصاعدية للعمل من أجل مواجهة النظام التركي باستخدام كافة السبل المتاحة، وحشد الرأي العام العالمي لإجبار نظام أردوغان على الإفراج عن القائد أوجلان، وفضح كل ممارسات هذا النظام ضد الكرد وغيرهم.
ويمكن كما ذكرنا في أول المقال، لابد من وجود تحالف بين اللجان والتيارات المختلفة وجمع توقيع خمسة ملايين مواطن من مختلف أنحاء العالم وتقديم وثيقة التوقيع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ومنظمة الاتحاد الإسلامي وكافة منظمات المجتمع المدني في دول العالم المعنية بالقضية الكردية وقضية حرية الشعوب بصفة عام.
لم يتبقَ إلا خمسة شهور فقط من موعد مرور ربع قرن من الزمان على اعتقال وحبس القائد عبد الله أوجلان في جزيرة إمرالي بتركيا، حيث اعتقلته الحكومة التركيّة بعد خطفه يوم 15 شباط عام 1999، والمطلوب خلال هذه الشهور الخمسة هو زيادة الضغط الشعبي على الحكومة التركية من أجل الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان، والعمل على إحياء الضمير الإنساني عند الشعوب، فالشعوب تمتلك ضمائر حيّة، ولابد من تعريف هذه الضمائر البشرية بما يعاني منه الشعب الكردي، وتطلّعه إلى تقرير مصيره، وما يعاني منه القائد أوجلان في سجنه الطويل المرير.
