ثلاثة أطفال أخوة منعتهم التشوهات الخَلقية من الجلوس على مقاعد الدراسة…

في منزل غير مكتمل البناء بأحد أحياء مدينة منبج، شمال شرق حلب، يسكن جاسم الحسين (42عاماً) مع زوجته وستة أطفال، بينهم ثلاثة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن حاول لسنوات علاجهم وهو ما كلفه مبالغ مالية كبيرة لكن “دون جدوى”.

رزق “الحسين” خلال الأعوام التي تلت زواجه من ابنة خالته بثلاثة أطفال لا يعانون من أية أمراض، ليرزق بعدها بثلاثة أطفال آخرين يعانون من تشوهات خلقية في الوجه، مع مشاكل في حواس السمع والبصر والنطق، قصة عائلة حسين ومعاناتهم كانت من ضمن التقارير أعدتها وكالة نورث برس.

لا يغادرون المنزل خشية التعرض للتنمر من  قبل الأطفال

إبراهيم ومحمد وصباح الحسين، هم أطفال جاسم الذين منعتهم التشوهات الخَلقية من الجلوس على مقاعد الدراسة لتعلم القراءة والكتابة كباقي أخوتهم وأطفال مدينتهم، ليضطروا إلى ملازمة المنزل لسنوات طويلة، لا يغادرونه خشية التعرض للتنمر من قبل أطفال حارتهم.

إبراهيم الذي يبلغ الآن /15/ عاماً كان أول هؤلاء الأطفال، ولد وهو يعاني من تشوهات في عينيه، أجريت له بعد بلوغه سن الـ/12/ عملية زراعة قرنية في مشفى بمدينة حلب خلال العام 2011، إلا أن العملية لم تتكلل بالنجاح، فاضطر الأطباء ولسوء وضع إحدى عينيه إلى استئصالها، في حين لا يستطيع الإبصار جيداً بالأخرى.

“استأصلنا إحدى عينيه وبقيت الأخرى”

“استأصلنا إحدى عينيه وبقيت الأخرى إلى حين البلوغ، علّنا نجد لها حلاً بحسب كلام الأطباء”، يقول والد ابراهيم بحسرة.

ويكمل سرد قصته، فبعد أن رزق بإبراهيم ثم بابنته صباح، البالغة من العمر حالياً (12 عاماً)، وهي “كفيفة”، قرر إيقاف الإنجاب، وتابع بالقول: “قررنا إيقاف الإنجاب وذهبنا إلى طبيبة مختصة في منبج، لكنها وعدتنا بأن العلاج سيتكفل بتخطي مشكلة التشوهات الخلقية في حال قررنا الإنجاب”.

وبدأ الحسين وزوجته بتلقي علاج ضم حبوباً وأقراص لـ”حمض الفوليك” لمنع حدوث تشوهات، وأردف قائلاً: “قمنا بعد عام بإنجاب طفلنا الصغير محمد، للأسف كان من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً”.

عدم قدرته لإجراء عمليات قرنية لأطفاله

حاول الأب معالجة أطفاله الثلاثة في المشافي الحكومية في العاصمة دمشق، وأشار بالقول: “لكن الأمر لم يجد نفعاً، لأنتقل بعدها إلى المشافي الخاصة وأدفع الكثير من المال، لكن دون جدوى”.

ولا يملك “الحسين” الذي كان يعمل “عتالاً” في مدينته، وتوقف عمله مع بدء حظر التجول في شمال وشرقي سوريا، القدرة المالية لإجراء عمليات قرنية لأطفاله الثلاثة، كونها “مكلفة جداً”، على حد تعبيره.

ينوه حسين بالقول: “يتأثر أي شخص برؤيتهم، أعيش مع أطفالي وأموت كل يوم مئة مرة، كوني لا أستطيع تقديم أي مساعدة لهم”.

ولعل أكثر ما يؤلم الأب عدم تمكن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة، ويؤكد قائلاً: “كنت أتألم كثيراً عند رؤية الأطفال ينصرفون من المدارس إلى منازلهم، في حين يلازم أطفالي المنزل”.

 وتابع حديثه: “يأخذون مني المال ويذهبون لشراء الدفاتر والأقلام، يقومون بالشخبطة على الدفاتر ظناً منهم أنهم يستطيعون الكتابة والقراءة”.

يطلب الأب من المنظمات العاملة في مدينة منبج تقديم المساعدة لإجراء عمليات لأطفاله، ويردف قائلاً: “فالمنظمات العاملة في منبج لم تقدم لنا يد العون حتى الآن”.

“الجمعية لا تمتلك الدعم المادي الكافي”

وقال في السياق ذاته الإداري في جمعية “نور المستقبل” لذوي الاحتياجات الخاصة في منبج، محمد حيدر إنهم لم يقدموا أي دعم مالي أو مساعدات خاصة بإجراء عمليات لأطفال جاسم الحسين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبين قائلاً: “لأن الجمعية لا تمتلك الدعم المادي الكافي لإجراء تلك العمليات، بالإضافة لكونها باهظة الثمن”.

وأضاف، في حديثه، أن الجمعية تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة مساعدات حسب الحالة، وذكر: “نقدم جلسات للتوحد ومتلازمة داون ومعالجة فزيائية، كما يتم تقديم الدعم لتأمين الكراسي الخاصة ولإجراء عمليات جراحية بسيطة داخل المنطقة، بالإضافة لتقديم مساعدات غذائية لذوي الاحتياجات الخاصة سابقاً”.

إلا أن جمعية “نور المستقبل” لم تقدم منذ قرابة ثلاثة أشهر أي مساعدات غذائية لعائلة جاسم الحسين، “لانقطاع الدعم عن الجمعية”، بحسب ما أوضحته إدارة الجمعية، مؤكدةً أنها ستبدأ قريباً بتوزيع سلال غذائية فور توفرها.