ثلاثة آلاف مُعتقل يتعرضون للتعذيب الوحشيّ في سجون الاحتلال التركيّ

كشف تقرير سنويّ نشره مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا حول التعذيب، وجود أكثر من ثلاثة آلاف معتقل سوريّ مازالوا محتجزين في سجون تُشرف عليها مرتزقة ما يسمى “الجيش الوطنيّ السوريّ” ضمن المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ في شمال سوريا، وقال المركز إنَّ قرابة 200 منهم تم نقلهم للمحاكمة في تركيا، منهم 85 سوريّاً تمت محاكمتهم بأحكام قاسية بدون حضور محامٍ للدفاع أو إبلاغ عوائلهم لحضور جلسات المحاكمة.

وقال التقرير إن المعتقلين تعرضوا بشكل أو آخر لمختلف أنواع التعذيب، فيما قُتل ما لا يقل عن 172 بسبب التعذيب منذ بداية التوغل التركيّ في شمال سوريا في آب 2016، وأضاف التقرير أنَّ عمليات الاعتقال والتعذيب تجري تحت أعين وبمشاركة أفراد من الجيش التركيّ وضباطه ومشاركة جهاز المخابرات التركيّة استناداً لعدة شهادات ومقابلات أجريت مع الضحايا.

وأكد التقرير أنَّ ما يجري في تلك السجون يتم إبلاغ الجيش التركيّ بها وأنَّ الوفيات الناتجة عن التعذيب يتم إبلاغه بها، وتتحمل تركيا بشكلٍ مباشر مسؤولية التحقيق في أسباب الوفيات داخل المعتقلات وتبعاتها.

وأكد التقرير، أنّه اعتمدَ بشكلٍ رئيس على لقاءات مباشرة مع ضحايا الاعتقال أُفرج عنهم مؤخراً ومع ذوي ضحايا قضوا تحت التعذيب ولقاءات مع عوائل المختفين قسريّاً والمعتقلين الذين يتم حرمانهم من أيّة محاكمات عادلة ومن توكيل محامٍ ومن لقاء ذويهم، إضافةً لنتائج المراقبة والتوثيق اليوميّة لحوادث التعذيب والاعتقال والاختفاء القسري منذ عام 2016، كما استند للقاءات أجريت مع عائلات ضحايا وناجين من التعذيب منهم مازالوا مُقيمين ضمن تلك المناطق وآخرون تمكنوا من النجاة والوصول لمناطق آمنة.

كما أشار التقرير إلى أنّ مرتزقة “الجيش الوطنيّ” ومختلف تشكيلاتها وفصائلها المتعددة والأجهزة الأمنيّة المرتبطة بها (الأمن العسكريّ، الأمن السياسي، الشرطة) يضاف إليها المحاكم والقضاة منخرطة بالتعذيب والوفيات بسبب التعذيب ولكلِّ ميليشيا سجون خاصة وجهاز أمني وسجن وقضاء خاص به ضمن مناطق سيطرته، ولكلِّ جهاز أمنيّ سجن.

وقال التقرير إنَّ عدد المعتقلين من قبل مرتزقة الجيش الوطنيّ السوريّ وبقية الأجهزة الأمنيّة بلغ 8453 مواطن سوريّ، وتم توثيق تعرّض (1299) شخصاً منهم للتعذيب، وأُفرج عن قرابة 5410 منهم، فيما مصير بقية المعتقلين مازال مجهولاً، وأنّ 172 شخصٍ توفوا نتيجة التعذيب، وبلغ عدد المُفرج عنهم مقابل دفع فدية 1605 مواطن.

وأشار التقرير إلى حدوث وفيات نتيجة إهمال الرعاية الصحيّة بعد الإصابة بالأمراض، وأن أماكن الاحتجاز تفتقر لأدنى المعاير الصحيّة ويترك الشخص يتألم دون علاج ودواء حتى الموت، وأشار التقرير أيضاً إلى أنَّ هناك أساليب تعذيب عدة تجعل من المعتقلين فئة هشة ومعرّضة بشكل خطير لانتشار فيروس كورونا فيما بينهم.

أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبيّة بحماية المدنيين المعتقلين لدى الجيش التركيّ ومرتزقة “الجيش الوطنيّ” التابعة لما يسمّى للحكومة السوريّة المؤقتة والائتلاف من التعذيب حتى الموت، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة، وأخذ زمام المبادرة في المناطق السوريّة المحتلة من قبل تركيا.

وشهدت المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ في شمال سوريا منذ بداية العام الجاري 2021 اعتقال 647 مواطن ممن تم التمكن من توثيق أسمائهم، فيما العدد الفعلي أكثر من ذلك، لا سيما أنّ هنالك أسماء تحفظت عائلاتهم على ذكرهم، إضافة لحالات اعتقال لم يتم التمكن من الوصول إليها، كما وتمت متابعة وتوثيق مقتل مدنيين تحت التعذيب، وحالات انتهاك متعددة.

سبع حالات قتل و200 مختطف في عفرين خلال شهرين

تصاعدت وتيرة الجرائم والانتهاكات من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في مقاطعة عفرين المحتلة، من قتل وخطف وتعذيب المدنيين والاستيلاء على الممتلكات، وذلك أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكناً.

كشف الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا إبراهيم شيخو، في تصريح لوكالة هاوار، حصيلة الجرائم والانتهاكات في عفرين المحتلة خلال شهر أيلول وتشرين الأول والثاني، وبلغت حالات القتل سبعة مواطنين، بينهم امرأتين، وحالات الاختطاف وصلت إلى 202 مواطن، بينهم 25 امرأة وثلاث قاصرات.

ولفت إبراهيم شيخو إلى عمليات التغيير الديمغرافيّ التي يجريها الاحتلال التركيّ في عفرين المحتلة، موضحاً أنَّ الاحتلال بنى مدرستين شرعيتين ضمن المجتمعات الاستيطانيّة التي تقوم ببنائها جمعيات كويتيّة وقطريّة، إضافة إلى بناء ثلاثة مساجد، وقطع مرتزقة الاحتلال أكثر من أربعة آلاف شجرة زيتون معمرة بشكلٍ جائر، وأحرق أكثر من ثلاثة هكتارات من الأراضي الزراعيّة والغابات الحراجيّة، وبعد قطع آلاف الأشجار في عفرين المحتلة، أنشئت ثلاث ورشات للفحم في عفرين بهدف الاتجار بها وتهريبها، وخاصةً إلى تركيا.

وأردف شيخو أنّ “نوايا تركيا الاستعماريّة في الأراضي السورية تتضح يوماً بعد يوم، وتواصل تغيير التركيبة السكانيّة وإنشاء (حزام تركمانيّ) على طول الشريط الحدوديّ، عبر توطين أسر تركمانية في القرى الحدودية بعد تهجير جميع سكانها الأصليين إلى خارج عفرين قسراً”.

وتسبّب العدوان التركي على مقاطعة عفرين المحتلة، في تهجير أكثر من 350 ألف مواطن، وتوطين أكثر 400 ألف، بعدما كانت نسبة الكرد فيها قرابة 95%، لتنخفض إلى أقل من 25 %. ويسعى الاحتلال التركيّ يحاول تهجير بقية سكان عفرين الأصليين، بتضييق الخناق عليهم وتهجيرهم.

وأشار إبراهيم شيخو إلى أن جيش الاحتلال التركي وجهازه الاستخباراتيّ MIT برفقة مرتزقته صعّدوا من الجرائم والانتهاكات التي يرتكبونها في عفرين المحتلة، وأرجع ذلك إلى “الأطماع التوسعيّة العثمانية البائدة ضمن الأراضي السورية، وخاصةً ضمن المناطق ذات الغالبية الكردية بهدف ضمها إلى ولاية هاتاي التركية، وما يؤكد ذلك الزيارات التي قام بها المسؤولون الأتراك في الأشهر القليلة الماضية إلى عفرين والمناطق المحتلة الأخرى”.

كما لفت شيخو إلى الزيارات المكررة وغير المعلن عنها لوزير داخلية الاحتلال التركي سليمان صويلو إلى المناطق المحتلة، لتفقد مراكز جيشهم المحتل، فضلاً عن الشريط الحدودي مع تركيا في قرى عفرين المحتلة. وقال شيخو إن الدولة التركية مارقة على القانون الدولي، وتضرب بعرض الحائط جميع المواثيق والعهود الدولية، على الرغم من صدور عشرات التقارير التي توثق جرائمها في عفرين المحتلة. والمجتمع الدولي، ومن خلال غض نظره عن الجرائم التي ترتكب في عفرين المحتلة، يعبّر عن رضاه وشراكته في هذه الجرائم.