ثقوب في ثوب العلاقات العربية الكردية

رجائي فايد-

ما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية الكردية أشبه بثوب بياضه ناصع يجمع فيما بينهما، فأنا أؤمن بأن التاريخ بشأن تلك العلاقات يخدمنا، فما بين الطرفين من إيجابيات أكبر بكثير من السلبيات، والشعوب ليس لها أي دخل بشأنها، ومنذ تواصلي مع المسألة الكردية ركزت اهتمامي على مسألة توطيد تلك العلاقات بين العرب والكرد، لإيماني بأنها تصب في صالح الطرفين. فكل منا يحتاج الآخر، لذلك قمت بإبراز الإيجابيات والتغاضي عن السلبيات قدر المستطاع، وعندما كان يتحدث أحد عن تلك السلبيات في تلك العلاقات كنت على الفور أسعى لإبراز الجوانب الإيجابية، والأمثلة على ذلك كثيرة، سأذكر واحداً منها، ليس من أجل التباهي، فالموقف بالنسبة لي بشأن المسألة الكردية، أنها صاحبة الفضل الكبير عليّ وليس العكس، وهي كانت السبب بإبرازي محلياً وعربياً بل وعالمياً، بعد أن أدت ظروف عملي بالعراق إلى انقطاعي عن الكتابة لعدة سنوات، وكتبت عن ذلك في أكثر من مقال وكتاب.

 والمثال الذى أذكره هو محاولاتي لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن معتقد وديانة الإيزيديين، لقد كانت معلوماتي السابقة عن هذه الديانة مستمدة من كتاب للسيد أحمد الحسني (الإيزيدية بقايا دين قديم)، وشاركني عرب ومنهم عراقيون في هذا الفهم المغلوط، واقتربت من الإيزيديين وزرت معبدهم في لالش بالقرب من الموصل، ومركزهم الثقافي في دهوك، وعقدت صداقة مع مرجعهم الديني الأعلى (بابا شيخ) رحمه الله، وتبين لي أن تلك المعلومات لم تكن صحيحة، لذلك أردت توضيح ذلك مصرياً وعربياً، ولا أزعم أنني كنت وحدي، فقد شاركني كثيرون (عرب وكرد) كان ديدنهم هو توضيح الحقيقة، لأن معرفة الحقائق بلا تشويه أو زيف سيصب في صالح توطيد العلاقات العربية الكردية، إلا أنني رصدت مؤخراً ما أحزنني، وهو أن هناك من يسعى بدأب لإفساد تلك العلاقات من خلال بعض المواقف غير المسؤولة، لتسير في الاتجاه المعاكس بالتعتيم على الإيجابيات وإبراز السلبيات وتضخيمها.

فتحدث البعض عن أمور مختلقة لم تحدث على الإطلاق، وأحياناً تكون لهذه المواقف غير المسؤولة ردة فعل سلبية جداً، حيث تسعى لزرع بذور التنافر بين الطرفين، يروجون بشتى الوسائل بأن العلاقات الكردية العربية لم تكن يوماً جيدة، ويقدمون الأدلة والبراهين الكاذبة لتوثيقها، ومن وجهة نظرهم أن التاريخ فيما بيننا حافل بالسلبيات ونادر في الإيجابيات، ساخرين من التردي الذى حاق بالطرفين، وأن من صالح الطرفين، أن يبحث كل واحد منهما عما يتوافق مع الطرف الآخر، بعيداً عن الجوانب السلبية في العلاقات العربية الكردية، والتي كانت سبباً من أسباب ما نحن فيه من تردٍّ، وما أحزنني كثيراً، أن بعض تلك الأفكار صدرت عن رموز فكرية لها شأنها في المجالين العلمي والأكاديمي، لذلك فإن ما يصدر عنها من معلومات خاطئة تؤثر على روابط الأخوة بين الشعبين الكردي والعربي، ومن الممكن أن تجد آذاناً صاغية، وهذا ما حدث معي شخصياً مع صديق كردي أكاديمي، وحكايتي معه بالغة الغرابة، سأرويها في المقال القادم.