تقليد مُتوارث من الجدات.. فماذا كان يعني لهن؟

تقرير/ رشا علي –

روناهي/ قامشلو- “الوشم” فن يعود إلى القرون ما قبل التاريخ واظبت عليه النساء أكثر من الرجال لأنهن كنَّ يرينَ فيه الجمال والتميّز والتعلق بتراث الجدات, وبمرور الوقت تطور وتغير ليظهر بأشكال مختلفة عما في السابق، وعما كان يعنيه لهن آنذاك.  

ظاهرة الوشم أو الدق على الجسد، عادة اجتماعية متوارثة استخدمتها معظم النساء سابقاً، وكنَّ يعتبرنها إحدى مظاهر الزينة والجمال, فحرصت الجدات على اتباعها، فمنذ سنوات طويلة كانت النساء يقمن بإرسال بناتهن لوشمهن ليبدين جميلات, ولم تندثر هذه العادة بمرور الزمن بل انتشرت لاحقاً بشكل متطور باسم “التاتو” بين الفتيات حالياً، ولكن بأشكال وأدوات مختلفة.

وبخصوص هذه الظاهرة التي تجذب الناظرين حين رؤيتها على أجسام المسنين وبأشكالها ونقوشها المختلفة، التقت صحيفتنا “روناهي” مع الجدة “خنساء حمو” وهي في العقد الثامن من عمرها وأم لستة أولاد, فأول ما لفت نظرنا بخنساء وجود الكثير من النقوش بشكل فني ومميز على جسدها وخصوصاً اليدين، والتي وضحت لنا بأن دق الوشم هو من العادات القديمة التي كانت تحبها النساء وخاصةً الفئة الشابة، وقالت: “لأننا كنا نعتبرها بمثابة أدوات للزينة ولإظهار جمال وزينة المرأة وكذلك كعادة ورثناها من جداتنا, حيث كانت تدق لنا الوشم امرأة كثيرة الخبرة ولها باع طويل في مجال الوشم”.

طريقة وأدوات رسمه سابقاً..

 أشارت الجدة خنساء في حديثها عن طريقة رسم أو دق “الوشم “، وقالت: “حيث يكون باستخدام الإبرة والرماد الذي يتم مزجه بالحليب, وبعد غرز الإبرة بالجسد بشكل متواصل بحسب الرسمة, يوضع الرماد عليها ويترك فترة ليتحول فيما بعد إلى اللون الأخضر وإعطاء الشكل المطلوب”.

أكدت الجدة خنساء بأنه لم يكن من السهل أن توشم جسدك لأنه كان يحتاج إلى قوة وإرادة وصبر لأنه يتسبب بألم شديد، على حد تعبيرها.

وعما إذا كان هناك وقت معين للوشم، بينت: “لم يكن هناك وقت محدد لوضعها، ولكن كان يفضل أن توشم في فصل الصيف والربيع لسهولة شفائه وعدم التهاب الجلد”.

وبالنسبة لما كان يعنيه لهن الوشم سابقاً، أردفت الجدة خنساء: “كان يحظى هذه التقليد بزماننا اهتماماً وتقديراً كبيراً لأنه من عاداتنا القديمة, فكان هذا التقليد الذي ورثناه مميزاً بالنسبة لنا في ذاك الوقت”.

تعبيره عن معاني مختلفة..

وأضافت الجدة “خنساء حمو” في نهاية حديثها بأن الوشم قديماً كان يُرسم بأشكال مختلفة، فمنه شبه الشمس أو النجوم والقمر، بالإضافة إلى رموز وعلامات وخطوط مختلفة كانت ترسم على الوجه واليد والقدم والجبهة, حيث كان كل رمز يعبّر عن معنى مختلف, ومنهم من كانوا  يضعونه على أجسامهم  لمجرد حبهم لهذا الفن الغريب، أو لتقليد أقرانهم، والبعض الآخر كانوا يعتبرونه عادة متوارثة، وهذه الأسباب التي أدت إلى انتشاره بكثرة في الماضي، بحسب خنساء حمو.

بدأ يُرسَم بأشكال جديدة..

وفي السياق ذاته التقينا مع (ف. ش) التي تبلغ من العمر سبعة وأربعين عاماً وهي أم لأربعة أولاد والتي حدثتنا عن هذه الظاهرة التي كانت سائدة قديماً من وجهة نظرها قائلةً: “أتذكر عندما كنت صغيرة أن أمي وخالاتي وعماتي كنَ يضعنَ الوشوم وبأشكال مختلفة على أجسادهن بقصد الزينة لإحضار مراسم  الزواج أو مناسبات أخرى، وهو تقليد ورثناه عن أمهاتنا وجداتنا، ولكن بعد مرور سنوات لوحظ أن الرغبة على الوشم أو الدق بدأت تقل بين المجتمعات، لتنشغل  الشابات بأمور أخرى مختلفة عن الماضي”.

ونجد بتطور الزمن والثقافات, تطورَ فن الوشم أيضاً وأخذ أشكالاً جديدة تبعاً لكل منطقة وطبيعتها، ولا ننكر بأنه قلَّ كثيراً مقارنةً بالماضي، وربما تغير معناه لدى الكثير، حيث لم يعد مرهوناً بالشكل الجمالي ولا بتصميم فريد أو عادة متوارثة لكنه أصبح أسلوباً لدى البعض ليعبّروا به عن أفكارهم المختلفة!