بعد أن قضى 40 عاماً يعمل في مهنة صناعة الزجاج التي ورثها عن أجداده، تخلى نعيم الخاني (57 عاماً) وهو صانع زجاج يدوي في العاصمة دمشق، عن المهنة لعدم تحقيقها مردوداً كافياً مؤخراً. ومع توقف الإقبال على شراء الزجاج اليدوي وعجزه عن تأمين دخل كافٍ لعائلته، اضطر “الخاني” إلى بيع مشغله في حي الإحدى عشرية وافتتاح بقالية بجانب منزله في حي العمارة. وبعد أن تناقلت العائلة المهنة لخمسة أجيال وبعد عشرات آلاف القطع التي صنعها، لم ينجح صانع الزجاج في المحافظة على المهنة أو المشغل أو حتى نقلها لأحد الشباب لكي تبقى مستمرة. وتعتبر مهنة صناعة الزجاج الدمشقي إحدى عناصر التراث الثقافي اللامادي السوري، حيث تُصنف هذه الصناعة ضمن عناصر التراث الثقافي اللامادي السوري في الدليل الذي أنجزته الأمانة السورية للتنمية عام ٢٠١٥.
تاريخٌ قديم
وتشير بعض المصادر إلى أن اكتشافها يعود إلى ألفي عام قبل الميلاد مع بعض التجار الفينيقيين الذين كانوا يطهون طعامهم على شاطئ رملي في لبنان بين مدينتي صيدا وصور، ورأوا مادة تقطر من قدورهم فاكتشفوا الزجاج. وتشير مصادر أخرى إلى أن دمشق هي مسقط رأس المهنة، حيث بدأت فيها وانتقلت منها إلى بيروت. وانتشر في دمشق وحدها 17 مشغلاً لإنتاج الزجاج اليدوي، لم يبق منها سوى مشغل واحد تحافظ عليه عائلة “الحلاق” رغم انعدام حركة البيع والشراء. وما تزال عائلة “الحلاق” تعمل في المهنة منذ ٥٥ عاماً، بعد أن ورثوها عن أجدادهم، وصنعوا خلال تلك المدة عشرات الآلاف من القطع التي بيعت لسواح من مختلف مناطق العالم.