No Result
View All Result
المشاهدات 2
يعاني الاقتصاد التركي منذ سنوات من التضخم، وتراجع قيمة الليرة، وارتفاع معدلات البطالة. وفي وقت يرجع رئيس دولة الاحتلال التركي، رجب طيب أردوغان، ذلك إلى مؤامرة عالمية تستهدف بلاده، أكد أستاذ في الاقتصاد، وإدارة الأزمات، أن حروب أردوغان الخارجية وتكاليف الإنفاق على التسلح، لعبت دوراً كبيراً في انهيار الاقتصاد التركي.
ينزلق الاقتصاد التركي تدريجياً نحو الهاوية، حيث تراجعت الليرة التركية إلى مستويات غير مسبوقة؛ بسبب لجوء غالبية الأتراك إلى شراء الدولار؛ نتيجة انعدام الثقة بالعملة المحلية، التي تتأثر بالمتغيرات السياسية الداخلية والخارجية، فيما زادت أعداد العاطلين عن العمل، حيث أعلن معهد الإحصاء التركي عن إحصاءات القوى العاملة للربع الأول من العام الجاري 2022.
وعليه، ارتفع معدل البطالة في تركيا، في الربع الأول من العام الجاري، بمقدار 0.1 نقطة مقارنة بالربع السابق، وأصبح 11.4 في المائة.
وارتفع عدد العاطلين عن العمل، ممن تبلغ أعمارهم 15 عاماً فأكثر، في جميع أنحاء تركيا بمقدار 50 ألفاً في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بالربع السابق، ليصبح ثلاثة ملايين و845 ألف شخص، وبلغ معدل البطالة 10.2 في المائة للرجال، و13.7 في المائة للنساء، وزادت بدورها طلبات الهجرة الى أوروبا، حيث شهد عام 2021 زيادة بنحو 45 في المائة في عدد طلبات اللجوء، المقدمة من حاملي الجنسية التركية إلى دول الاتحاد الأوروبي، ليرتفع إلى 20 ألف طلب لجوء.
وتزايد عدد طالبي اللجوء الأتراك بشكل واضح، منذ محاولة الانقلاب المزعوم عام 2016، التي شهدت حملة قمع واسعة، واعتقالات وفصل تعسفي، دفعت الكثيرين إلى الفرار من بلدهم إلى دول أخرى.
كما أثر الوضع الاقتصادي، وبشكل مباشر على ارتفاع مستويات التضخم، حيث حذر تقرير نشرته مجموعة أبحاث التضخم “ENAG”، المكونة من أكاديميين، واقتصاديين، ومحللين، ماليين أتراك، من أن الطبقة الوسطى في البلاد يتم سحقها، وتدميرها بسبب “السياسات النقدية الخاطئة” الذي يمارسها أردوغان وأعوانه في حزب العدالة والتنمية.
ووسط الكوارث الاقتصادية هذه، تارة يطرق أردوغان أبواب قطر، وحكومة السراج في ليبيا، لكي يحصل على المال؛ لإنقاذ اقتصاده بلاده المتهالك، وتارة يقوم بافتعال أزمات خارجية، وذلك في إطار تصدير أزمات الداخل. إلا أن أحد أهم الأسباب الرئيسة للأزمة الاقتصادية التركية، هو الميزانية الضخمة للجيش التركي، حيث شكّل الإنفاق العسكري المتزايد في السنوات الأخيرة عبئا ثقيلاً على خزينة الدولة في تركيا، الأمر الذي فاقم من المشكلات الاقتصادية، التي تعيشها البلاد أصلاً في ظل انهيار العملة المحلية.
وتتدخل تركيا عسكرياً في العديد من دول المنطقة، من بينها سوريا، والعراق، وليبيا، وقره باغ، فضلاً عن مناوراتها المتواصلة شرق المتوسط (قبرص واليونان).
وتكلف هذه الممارسات التركية العسكرية وغيرها خزينة الدولة مليارات الدولارات، حيث تلقي قضية تمويل هذه الحروب والتدخل في نزاعات عدة بثقلها على اقتصاد تركيا المتعثر.
وتشير التقارير إلى إن ميزانية الدفاع لتركيا تشكل أكبر بند في الميزانية مقارنة مع غيرها من القطاعات، إذ تبلغ 19.7 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 13 بالمائة من إجمالي الإنفاق، ويأتي ذلك كله على حساب المواطن التركي العادي.
إنفاق على الحروب الخارجية
وفي هذا السياق، يقول أستاذ الاقتصاد وإدارة الأزمات في جامعة كارديف اليونانية، الدكتور عبد اللطيف درويش، خلال حديث خاص لوكالة أنباء هاوار: أن “تدهور أوضاع الاقتصاد التركي يعود إلى تكاليف الإنفاق على التسلح، وعلى الجبهات العديدة، التي فتحتها تركيا في سوريا والعراق واليونان، وغيرها من المناطق”.
ويضيف: “السياسة التركية خلقت العديد من العداءات في الشرق والغرب، والتي دفعت تلك الدول إلى خوض حرب عملات Currency war على الاقتصاد التركي، والذي أدى إلى انخفاض سعر العملة التركية هذا، بالإضافة إلى هجرة رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج؛ نتيجة قلق أصحاب رؤوس الأموال من الأوضاع السياسية، والاقتصادية في تركيا، كل ذلك أدى إلى أوضاع اقتصادية صعبة ورفع معدلات البطالة”.
تذمر وانتقاد متصاعد
كما ساهم الاقتصادي المزري، الذي تعيشه البلاد، في تفكك حزب “العدالة والتنمية” من خلال انشقاق شخصيات عنه، كما تنامت الانتقادات ضد سياسات أردوغان في البرلمان، هذا إلى جانب التضييق على أحزاب المعارضة، واعتقال نواب حزب الشعوب الديمقراطي، وكل هذا ساهم بشكل كبير في تراجع شعبية أردوغان، وذلك بحسب استطلاعات الرأي.
ويقول درويش: “إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية، واستمر انخفاض سعر الليرة، فإن ذلك سيؤثر على نتائج الانتخابات؛ لذلك ستسعى تركيا إلى خلق انتصارات عسكرية وسياسية في العراق وسوريا، واليونان من أجل خلق انتصارات ترفع من شعبية الحزب الحاكم، وتؤدي إلى التفاف القوميين حوله؛ بغية تبرير الصعوبات الداخلية”.
ولكن تأثير الأزمات الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية المتلاحقة، قد يزيد من احتقان الشارع التركي، ويتحول هذا الاحتقان إلى مظاهرات شعبية ضد الطغمة الحاكمة في تركيا، إلا أن الدكتور عبد اللطيف درويش، يرى: أن “الحراك الشعبي في تركيا لن يكون بالمستوى، الذي قد يؤدي إلى نتائج كبيرة؛ كونه ليس بالمستوى الكبير؛ وكون المعارضة التركية لم تطرح بدائل، وحتى وإن جاءت إلى السلطة، فلن تكون سياستها مختلفة تجاه الملفات الرئيسة كالملف السوري والقضية الكردية، والخلافات مع العراق، واليونان”.
ويوضح: “لذلك فإن نتائج الانتخابات لن تتغير كثيراً، وخاصة لو نجحت تركيا في إحداث اشتباك محدود مع اليونان؛ لتحسين موقفها التفاوضي في الملفات العالقة مع اليونان”.
ويطرح أستاذ الاقتصاد وإدارة الأزمات في جامعة كارديف اليونانية، مجموعة من الحلول ويقول: “حل الأزمات السياسية بين تركيا وجيرانها، سيساعد على توفير أموال طائلة للخزينة التركية؛ كون تركيا من أكثر الدول إنفاقاً على التسلح، ولكن الإرث التاريخي سيمنع ساسة تركيا من اتباع سياسة سلمية تجاه جيرانها؛ وذلك بسبب دور الجيش في السياسة، والاختلافات الكبيرة على المياه والأقليات، والثروات الطبيعية، وتوقعات تركيا المبالغ بها لما بعد عام 2023”.
التضحية بالاقتصاد مقابل دغدغة المشاعر القومية
وبخصوص القضية الكردية، فيرى عبد اللطيف درويش: إن “إعطاء الكرد حقوقهم أو حق تقرير المصير، لا يجرؤ عليه أي من السياسيين الأتراك؛ وذلك بسبب موقف الجيش من الموضوع؛ ونتيجة للموقف السلبي للرأي العام التركي من القضية، والناتج عن سنوات من التعبئة والشحن السلبي للرأي العام من هذا الموضوع، ناهيك عن أن حل القضية الكردية، وخاصة في تركيا لا يتماشى مع معادلة الصراع الدولية والدور المناط لتركيا في العديد من الملفات والقضايا الدولي”.
ويختتم درويش حديثه، قائلاً: “من هنا تتم التضحية بالاقتصاد، مقابل دغدغة المشاعر القومية، ولن تحل القضايا الأخرى إلا بتغيير معادلة الصراع والأدوار والمصالح والمفاهيم”.
وكالة هاوار
No Result
View All Result