سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تأخر موعد البذار

محمد سعيد_

مع استمرار الجفاف وتأخر هطول الأمطار، لا تزال مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لم تُزرع حتى تاريخ كتابة هذا المقال، والتي لن تزرع قبل نهاية هذا العام كما هو واضح، ومرد ذلك بالدرجة الأولى إلى عدم هطول الأمطار، والتي نعرف بأنها العامل الأساسي الذي يحدد موعد بدء موسم البذار، سواءً بالتبكير في موعد الزراعة أو تأخير هذا الموعد، وهذه الأراضي حتماً تكون أراضٍ تزرع بعل، وغالبية هذه الأراضي يخطط زراعتها بمحصولي القمح والشعير.
وهذه المحاصيل سوف تتأثر كثيراً كلما تأخر موعد زراعتها؛ ما يؤدي ضعفها وتدني الغلة الإنتاجية للمحصول، وتسجيل خسائر فادحة قد لا يتمكن المزارع من تعويضها أو تجاوزها، وهذا بدوره يؤثر على الاقتصاد العام والذي تكون الزراعة بمثابة العمود الفقري له.
 تأخير موعد الزراعة (موعد البذار) إلى ما بعد المنتصف من شهر كانون الأول، يؤدي لمشاكل عديدة وأضرار كبيرة في المحاصيل، وخاصةً محاصيل القمح والشعير، فالتأخير في موعد زراعة محصول القمح إلى ما بعد التاريخ الذي ذكرناه سابقاً، يؤدي إلى أضرار كبيرة، نذكر منها قلة التفريع؛ ما يؤدي لتكوين نبات مفرد ضعيف، يتأثر بشكل كبير بالعوامل الجوية والأمراض والفطور وكذلك قصر فترة النمو الخضري، مما يؤدي لتكون مجموع خضري ضعيف للنبات.
وهذا القصر في النمو الخضري ينتج عنه بشكل أساسي، تكون سنابل ذات حجم صغير سيئة النوعية، وهذا التأخير يؤدي تعرض نباتات القمح إلى درجات حرارة عالية، ورياح الخماسين أثناء طرد السنابل؛ ما يؤدي لتكون حبوب ضامرة، بسبب عدم امتلاء الحبوب بالشكل الكافي والأمثل.
إن تأثير التأخير في موعد الزراعة لا يقتصر فقط على شكل وحجم الحبوب، ولكن يؤدي لتعرض نبات القمح إلى الإصابة بالحشرات، وبشكل خاص حشرة المن، والتي تتغذى على العصارة النباتية، وهذا ينتج عنه جفاف النبات وموته؛ ما يؤدي للقضاء على النباتات ما لم يتم مكافحة هذه الحشرات، فهذه هي النتيجة كلما تأخرنا في موعد البذار، ازدادت المشاكل والحشرات والأمراض كالصدأ الذي يفتك بمساحات واسعة من محصول القمح في المواسم الجيدة، فما بالك في هذه الحالة بالمواسم الجافة في وقتنا الراهن.
هذه كانت لمحة بسيطة عن أضرار ومشاكل التأخير في موعد الزراعة، والتي تنعكس مباشرة على النبات وانتاجيته بشكل خاص، وأعني هنا كمية المحصول وجودته ونوعيته، التي تسمح لنا بحساب الغلة الإنتاجية بشكل دقيق، والخروج بأرقام تحدد وجهة الاقتصاد المستقبلية، فيما إذا كانت وجهة جيدة مشجعة وآمنة أم كانت وجهة غير جيدة وغير آمنة، وتحتاج لتحليل الواقع بشكل منطقي ومدروس تحدد فيه المشاكل والمعوقات. ونتائج هذه المشاكل على الوضع العام لإمكانية إيجاد حلول حقيقية للأزمات.