قامشلو/ دعاء يوسف –
أكد الرئيس المشترك لاتحاد بلديات مقاطعة الجزيرة “سليمان عرب” إن الانتخابات التي ستقوم في الأيام المُقبِلة هي خطوة انفرادية، تصبُّ في مصلحة وخدمة الشعب على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، فيما تستعد 57 بلدية في مقاطعة الجزيرة لها بنظام مشترك، وذلك لجعل البلديات قادرة على تنفيذ الخدمات وإدارات المدن بحسب الاحتياج الفعلي للمنطقة، وبتوجيهات من الشعب الذي سيقوم باتخاذ القرارات بنفسه.
بدأت انطلاقة تأسيس البلديات في إقليم شمال وشرق سوريا من قامشلو في بدايات عام 2012، وذلك بعد انسحاب الجيش التابع لحكومة دمشق، أصبحت جميع المؤسسات الخدمية تعمل بمبادرة الشعب في المنطقة، وقد أسست دور الشعب، وقامت بدورها بتأمين الاحتياجات الخدمية الضرورية للأهالي، ومن ثم تم تأسيس أول بلدية في مدينة قامشلو باسم “بلدية الشعب” بتاريخ 10 كانون الأول 2012، ثم تلاها تأسيس بلدية عامودا ثم ديرك، وبعدها تأسست بلديات الشعب في بقية مناطق (الجزيرة، كوباني، عفرين) وبعد تحرير المناطق الشرقية من إرهاب داعش تم تأسيس بلديات الشعب في كل من مدينة الرقة، الطبقة، منبج، ودير الزور.
ما هي البلديات ومتى تشكلت؟
البلديات هي إدارات خدميّة محليّة منتخبة، تعتمد نظاماً بديلاً مرتكزاً على اللامركزية الإدارية وشبه الاستقلال الذاتي، وتستند البلديات على نموذج الإدارات المحلية الكومونالية الديمقراطية المرتكزة إلى الرؤية البيئية الاقتصادية المؤمنة بحرية المرأة، حيث تقوم بتنظيم وتوفير الخدمات اعتماداً على القوة المنظمة والديمقراطية للمجموعات والشرائح الاجتماعية، فتعمل على أنشطتها وفق الرؤية والأهداف المجتمعية البيئية والديمقراطية التشاركية المباشرة. تكون على تعاون وتعاضد مع المجالس المحلية للمدن والنواحي والبلدات وتقوم بجميع فعالياتها الخدمية بالتنسيق مع الكومينات، حيث تعتبر الكومينات هي المصدر الأساسي لإرادة الشعب وتكون آلية اتخاذ القرار فيها من الأسفل إلى الأعلى.
وقد تم عقد المؤتمر النسائي الأول للبلديات في عام 2016، وتم بعدها عقد المؤتمر العام الأول في تموز 2016. كما تم إقرار تنظيم البلديات في المقاطعات تحت سقف “اتحاد البلديات” تنفيذاً لبنود العقد الاجتماعي الجديد، ويقوم الاتحاد بدور التوجيه والتنسيق بين كافة البلديات ويضمن استقلالية قرارها واستنادها على إرادة الكومينات المحلية.
هيكلية البلديات وأعمالها
في الوقت الحالي تُنظَّم جميع البلديات، ومن بينها بلديات مقاطعة الجزيرة تحت سقف هيئة الإدارات المحلية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، حيث تتبعها لجان البلديات في مجالس المقاطعات المحلية والتي بدورها تُشرف على بلديات المدن والنواحي والبلدات، بالإضافة إلى عدة مديريات خدميّة مثل “مديرية المياه، مديرية النقل، شعبة النظافة، شعبة الحدائق، المكتب الفني، مكتب علاقات الشعب، مكتب المرأة، دار رعاية الطفولة، وغيرها من اللجان والمكاتب الأخرى”.
تتوزع في إقليم الجزيرة 57 بلدية، وعدة مراكز خدمية تابعة لها، تعمل على تنظيم المدن والقرى التابعة لها وتغطية الخدمات من تراخيص البناء وتزفيت وترميم الطرقات وأعمال النظافة وتأمين مياه الشرب، وتطوير الاقتصاد المجتمعي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وعلى الرغم من الهجمات المستمرة التي تعيشها المنطقة، وتخريب البنية التحتية من قبل الاحتلال التركي الذي يستهدف المراكز الحيوية في مقاطعة الجزيرة لعدة مرات، فقد عملت البلديات في مقاطعة الجزيرة منذ تأسيسها على تنفيذ الكثير من المشاريع الاستراتيجية الهامة لإحياء البنية التحتية للمنطقة، وكان من أهم هذه المشاريع التي قامت بها البلديات على مستوى مقاطعة الجزيرة استبدال شبكة الصرف الصحي في الخطوط الرئيسية لمدينة قامشلو، وإنارة الشوارع الرئيسية في عدة مدن، تزفيت الطرق الرئيسية في المقاطعة التي تربط بين المقاطعات الأخرى، وتنفيذ حدائق كبيرة ومساحات خضراء في العديد من المدن، وتنفيذ مشاريع آبار وجر مياه لتأمين مياه الشرب في المدن والنواحي.
ولا يقتصر عمل البلديات على خدمة الشعب فقط، بل يُعدُّ اللبنة الأساسية التي تربط الشعب بالمؤسسات الخدمية، إذ يكون الشعب قادراً على تنظيم وإدارة نفسه بنفسه، كما أكد الرئيس المشترك لاتحاد بلديات مقاطعة الجزيرة “سليمان عرب” ذلك بقوله: “إن البلدية ليست مكاناً فقط لتقديم الخدمات المتعددة، بل هي الساحة الوحيدة التي يكون من خلالها الشعب قادر على اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحته”.
دور المرأة في بلديات مقاطعة الجزيرة
وفقًا للعقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية، تم تبنّي تمثيل المرأة والرجل جنباً إلى جنب كأولوية رئيسية في البلديات، وقد تم سابقاً منذ تأسيس البلديات تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في جميع البلديات، بالإضافة إلى الرؤساء المشتركين للبلديات، تم تنفيذ هذا النظام في المجالس وجميع الأقسام الأخرى في البلديات.
كما ونظمت الأنشطة النسائية بشكلٍ مستقل في البلديات ضمن مدن مقاطعة الجزيرة، بهدف إحياء إيديولوجية حرية المرأة وفهم هذا التصور من قبل جميع شرائح المجتمع وتنفيذ الأعمال في هذا السياق وبناء الحياة المشتركة، ومع انطلاق ثورة المرأة تعزز دورها في جميع المجالات والمؤسسات وقد عملت على إثبات نفسها في البلديات مثلها مثل الميادين الاجتماعية والعسكرية، وتم إشراك المرأة في العديد من اللجان والمجالس وتنفيذ العديد من الدورات التدريبية التي أثّرت بشكلٍ ملموس على المجتمع.
كما تتولى مكاتب المرأة في البلديات مهاماً متعددة، حيث تساهم في إدارة العاملات النساء وتطوير المشاريع المتعلقة بالمرأة والطفل في المدن والأحياء والبلدات والقرى، وتُخصص 10% من ميزانية البلديات لمشاريع المرأة، وتُوجَّه تلك المشاريع نحو مفاهيم جديدة كالاقتصاد المجتمعي والمشاريع صديقة البيئة، والاكتفاء الذاتي للنساء.
الاستعداد للانتخابات
وفي الحدث الأول من نوعه منذ إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية ستجرى انتخابات للبلديات على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا لإعادة تنظيم هيكلية وأعضاء البلديات، وذلك في 30 أيار المقبل.
بعد تحديد موعد الانتخابات، بدأ الاستعداد لها في عموم مقاطعة الجزيرة، وفي هذا السياق، بدأت عملية تشكيل اللجان الانتخابية للمقاطعة من قبل المفوضية العليا للانتخابات إلى جانب مجلس الشعوب الديمقراطية.
وقد باشرت البلديات في مقاطعة الجزيرة بتأليف الدوائر الانتخابية، حيث يحق لكل بلدية تأليف دائرة انتخابية واحدة لانتخاب الرئاسات المشتركة وأعضاء مجالس البلدية، وبيّن عرب أن عدد أعضاء المجلس البلدي في المدن والبلديات يُقرر بحسب آخر تعداد سكاني لها، ويتراوح أعداد الأعضاء من 16 عضواً إلى الـ 50 عضو، وتصل مدة ولاية المجالس البلدية إلى سنتين، وتُحدِّد مفوضية الانتخابات ومجلس الشعوب موعد انتخاب المجالس.
وقد نوه عرب إلى أهمية هذه الخطوة التي سيتم خلالها انتخاب أعضاء البلدية من قبل الشعب بنفسه، وسيكون الانتخاب بشكلٍ مباشر، وأوضح، بأنَّ الرئاسة المشتركة للبلدية، تُنتخَب من الشعب مباشرةً، ومهمتهما إدارة البلدية بشكلٍ جماعي وتمثيل البلدية في المجلس المحلي.
وتطرّق إلى أن إعطاء استقلال مالي، وإداري لبلديات المدن، سيمكنها من تنفيذ الخدمات وإدارات المدن بطريقة أكثر واقعية، حسب الاحتياج الفعلي للمنطقة، وبتوجيهات من الشعب التابع لها، والذي سيقوم باتخاذ القرارات بنفسه.
واختتم الرئيس المشترك لاتحاد بلديات مقاطعة الجزيرة “سليمان عرب” حديثه متمنياً من كافة الشعوب المشاركة في الانتخابات واتخاذ القرارات التي ستساهم في بناء مجتمع أفضل، “حيث إن البلدية هي الركيزة الأساسية لخدمة الشعب، وبها تزدهر البلدان”.
