بريشتها كسرَت حواجز الإعاقة وفتحت أبواب الأمل

روناهي / قامشلو- برباطة جأش وعزيمة قوية لا تَعرِف الكلل، ثابرت ديانا كنجو في مواجهة الإعاقة، وازدادت إصراراً على التمسك بموهبتها المتميزة في الرسم، لتُثبِت لكل امرأة؛ بأن تلك التي يدعونها بالضلع الأعوج أو المُعاقة، قادرة على خلق مُعجزات من التحدي والعزم.

خصصت الأمم المتحدة اليوم الثالث من كانون الأول من كل عام، يوماً عالمياً لذوي الاحتياجات الخاصة منذ عام 1992م، وذلك لدعمهم، لينخرطوا في مجتمعهم أكثر ويعملوا ضمن كافة المجالات.

كثيرين من ذوي الاحتياجات الخاصة قست عليهم الحياة بطرق مختلفة، بسبب قلة وعي المجتمع لاحتوائهم، وتقاعس المنظمات الإنسانية والحكومات من توفير ما يُتطلب، ليكونوا قادرين على استكمال تعليمهم، والعمل ضمن مختلف المجالات في وطنهم.

ولكن قليلون منهم من أثبتوا بأن الفشل غير موجود في قاموسهم، ومن اللذين جابهوا الحياة بجسارة ابنة مدينة الزيتون، الشابة ديانا كنجو من مدينة عفرين من مواليد 1989م، حيث كانت ديانا في الشهر العاشر من عمرها حين أصيبت بشلل في رجليها نتيجة إهمال من المستوصف الطبي، حيث أخذها والديها لتلقي لقاح شلل الأطفال، ونتيجة لإهمال الكادر الطبي في المستوصف الذي لم يسأل قبل التلقيح عن وضعها الصحي، فكانت ديانا ضحية إهمالهم وعدم اكتراثهم بحياة الأخرين، وهكذا بقيت ديانا مُقعدة على كرسي متحرك لا حول لها ولا قوة بعد أن قطعت الأمل من العلاج.

الرسم يمدها بالقوة

الرسم مرآة روحي، والأمل الذي زادني إصراراً على عدم اليأس لكوني مقعدة، بهذه الكلمات تعبّر ديانا عن شغفها بالرسم والذي تعتبره ديانا جزءً من روحها. بتشجيع كبير من شقيقتها واظبت ديانا على الرسم لتتفنن أصابعها المبدعة بالكثير من التألق، ولتعبّر عما يجول في قلبها وعقلها عن طريق أناملها، لترسم بذلك لوحات منفردة من نوعها.

عاشت ديانا حياتها بنفس الروتين ولكن في ظل الظروف المريرة التي مرت على البلاد بشكلٍ عام، ونتيجةً للأمل والدافع الكبير لم تيأس من وضعها الصحي وصممت على أن تصمد وتقاوم ببسالة، وبسبب ضغط العمود الفقري لديها على القلب مما سبب الانحناء وضيق في التنفس لدى ديانا؛ لذا سافرت مع عائلتها إلى تركيا، لتسافر بعدها إلى الدنمارك لتلقي العلاج وإجراء العملية الضرورية لحالتها الصحية، بقيت ديانا عدة أشهر في تركيا وفي هذه المدة لم تتوقف ديانا عن رسم المزيد من اللوحات لتخط الأهداف التي في مخيلتها عِبر الألوان والصفحات البيضاء التي كانت ترسم عليها كل ما تحلم به، وتعبّر عن مشاعرها.

وبعد فترة وجيزة سافرت ديانا مع عائلتها إلى الدنمارك، لتكسر حاجز الخوف والوصول ولو ببصيص صغير من الأمل يساعدها على تحقيق حلمها في أن تتعالج، ومن ثم تفتح معرضاً للرسم لتُظهِر للعالم ما رسمته خلال أعوامٍ ماضية.

قصة الأمل لم تنتهِ

لوحات ديانا محط إعجاب كل من يراها، لأن هذه اللوحات ليس مجرد رسمات أو إبداع، بل هي قصة تحاكي الواقع الذي تعيش فيه ديانا، وهي مليئة بالكثير من المشاعر الجياشة، حيث تبتسم في لوحة وتبكي في أخرى، ولكن كلاهما نهايةً لبداية جديدة تلك التي رسمتها ديانا بقوة شجاعتها وعزيمتها التي لا تلين.

وأكدت ديانا على إن قصة الأمل لم تنتهِ ميعادها بعد، وإن أمامها المزيد من الطموحات والأهداف لتقوم بها، وأضافت بالقول: “إنني أحضّر لمعرض كبير من رسوماتي، وهذا أول ما سأقوم به بعد العملية التي سأجريها للعمود الفقري والذي بسبب الضغط عليه، يسبب الانحناء على القلب ويسبب لي ضيقاً في التنفس، وذلك في المستقبل القريب”.

وتابعت ديانا حديثها بالقول: “حلمي أن أفتتح معرضي للرسم في يوم 21 آذار 2019م، لأثبت للعالم ولكل امرأة تشتكي من العوائق التي تواجهها، بأنه كما بعث نوروز روحاً جديدة لأبناء الشمس، نحن دوماً قادرين على تحقيق ما نتمناه وتخطي كافة العقبات التي تواجهنا وذلك بقوة الإرادة”.

وأكدت ديانا بأن الإعاقة ليست إعاقة الجسد، إنما هي إعاقة الفكر والعقل، وبأن المرأة خُلِقت حرة ويجب أن تدافع عن حريتها وطموحها في هذه الحياة.