بارين كوباني… ملحمة المقاومة بوجه الطغاة

كوباني/ سلافا أحمد –

لعبت المرأة خلال ثورة التاسع عشر من تموز التي تعرف بثورة المرأة دوراً ريادياً في شق طريق الحرية والتحرير للمنطقة وحمايتها من الإرهاب والاحتلال، لتتمكن من تسطير مقاومات وملاحم بطولية وعظيمة تسجل في ذاكرة تاريخ المنطقة، ومن هؤلاء النساء المناضلات والقياديات بارين كوباني، ويصادف الأول من شهر شباط عام 2018م الذكرى السادسة لاستشهادها في مقاومة العصر أمام ثاني أكبر دولة في حلف الناتو.

سطر تاريخ الشعب الكردستاني بمقاومة شهدائها المناضلين والثوريين الذين كرسوا حياتهم في سبيل تحرير شعوبهم من العبودية والدكتاتورية، نضال ومقاومة، لازالا مستمرين ليومنا هذا في ثورة 19 تموز، وفق أيدولوجية وفلسفة الأمة الديمقراطية التي تعدُّ السلام والديمقراطية والحرية أساساً لها.

عقب هجمات المحتل التركي ومرتزقته على مقاطعة عفرين في العشرين من شهر كانون الثاني عام 2018، برزت العديد من قصص النضال والمقاومة، حول النضال التاريخي الذي أبدته مقاومة العصر في عفرين على مدى 58 يوماً، من أجل الدفاع عن الأرض ضد هجمات المحتل التركي، وضمنها المقاومة الخالدة للشهيدة بارين كوباني، التي ناضلت وقاومت حتى النفس الأخير بوجه مرتزقة تركيا الإرهابية لحماية مدينتها من وحشيتهم.

من هي البطلة بارين؟ 

بارين كوباني؛ الاسم الحقيقي أمينة عمر، من مواليد عام 1988، ولدت في قرية قعر كلبين التابعة لمدينة حلب، ولدت وترعرعت في كنف عائلة وطنية محبة للقضية الكردية.

تأثرت بارين كثيراً بهجوم داعش على قضاء شنكال عام 2014، والوحشية التي مُورست على نسائه الإيزيديات من مرتزقة داعش الإرهابي، كانت دوماً في جولة استفسار وبحث عن حال النساء المختطفات.

بارين المقاومة 

وعقب هجوم مرتزقة داعش عام 2013 على قريتهم واحتلالها، وتهجيرهم قسراً لمدينة عفرين، سنحت الفرصة لبارين بأن ترى معاناة نساء شنكال المختطفات بنفسها.

وعليها التقت بارين ببعض النساء الإيزيديات اللواتي تم اختطافهن من قبل مرتزقة داعش في شنكال، بعد أن تمكنوا من الفرار منهم، ووصلن إلى مدينة عفرين.

فبعد رؤية بارين الواقع المرير، الذي عاشته النساء الإيزيديات على يد مرتزقة داعش، قررت الانضمام إلى وحدات حماية المرأة انتقاماً للنساء، اللواتي ذقنَ الويل من خفافيش الظلام والدكتاتوريين والدفاع عن النساء وقضيتهم.

وانضمت بارين كوباني إلى صفوف وحدات حماية المرأة في نهاية عام 2014، والتي عليها اعتبرت فكر وفلسفة القائد العظيم عبد الله أوجلان أساساً لها.

وفي المقاطع المصورة للمناضلة بارين كوباني قبيل استشهادها بفترة وجيزة، قبيل توجهها للمعركة الحاسمة ضد مرتزقة تركيا: “لم أكن أعرف شيئاً عن عالم السياسة أو النضال العسكري، قبل انضمامي إلى وحدات حماية المرأة، لكنني أدركت لاحقاً بأن حريتي تبدأ بدفاعي جنباً إلى جنب مع أبناء بلدي عن أرضي وشعبي ومفاهيم الحرية والديمقراطية التي نسعى إلى تحقيقها في سوريا”.

تاريخ الدولة التركية حافل بالجرائم بحق النساء 

وأثناء تصدي المناضلة بارين كوباني مع عدد من رفاقها لهجمات الدولة التركية المحتلة على مقاطعة عفرين، التحقت بارين كوباني بقافلة الشهداء، في الأول من شباط عام 2018، جراء الهجوم الوحشي والقصف الذي شنته الدولة التركية المحتلة بالطائرات الحربية، فسقط جثمان مقاتلة وحدات حماية المرأة بارين كوباني في أيدي المرتزقة التابعة لجيش الاحتلال التركي، فقاموا بالتمثيل بجثمانها، ونشر مقاطعهم المصورة وهم يمثلون بجثمانها على مواقع التواصل الافتراضي.

فأثارت هذه الجريمة والتمثيل بجثمان المناضلة بارين كوباني سخطاً عالمياً في أرجاء العالم، وسط صمت دولي مخزٍ اتخذته الأمم المتحدة والمنظمات التي تطلق على نفسها حامة لحقوق المرأة والإنسانية، والتي اعتبرت جريمة التمثيل بجثمان الشهيدة بارين من أفجع الجرائم في المنطقة.

تاريخ الدولة التركية المحتل حافل بالجرائم ضد المرأة، حيث لم يكن التمثيل بجثمان المقاتلة بارين كوباني، هو الأول، فقد ارتكبت بحق نساء شمال وشرق سوريا جرائم عدة، فهناك العشرات من النساء المناضلات في إقليم شمال وشرق سوري اغتيلن على يد تركيا ومرتزقتها، ومن ضمنها كانت الأمين العام لحزب سوريا المستقبل؛ السياسية هفرين خلف التي اغتيلت على يد مرتزقة الاحتلال التركي عام 2019 مع اثنين من رفاقها.

لكن جرائم وانتهاكات الاحتلال التركي لم يؤثرا ولو للحظة على نضال المرأة ومقاومتها بوجه الطغاة والمستبدين، على العكس تماماً استشهاد المناضلات يزيد النسوة في المنطقة إصراراً على المقاومة والنضال والسير على خطاهن، وباستشهاد بارين كوباني خلقت العشرات من بارين كوباني ليحاربن عوضاً عنها ويطردن المحتلين.

وأقيمت مراسم غيابية للشهيدة بارين كوباني في قلب مقاومة العصر، شارك فيها الآلاف من أبناء إقليم شمال وشرق سوريا كافةً، مؤكدين في مشاركتهم الاستمرار والسير على خطا المناضلين والمقاومين حتى تحرير آخر شبر من أراضي إقليم شمال وشرق سوريا من المحتلين.