سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

باردة صيفاً ودافئة شتاء… بيوت الطين إرث تحافظ عليه النساء

تتميز البيوت الطينية ببرودتها صيفاً ودفئها شتاءً، فرغم تمدن السكن العمراني إلا أن أغلبية أهالي القرى لايزالون يقطنون بها مفضلين السكن في البيوت المصنوعة من الإسمنت.
رغم طبيعة العمل الشاقة والمتعبة، إلا أن أهالي القرى يحافظون على تراث منطقتهم ويحمونها من الاندثار، ومنها بناء بيوت الطين التي تتميز ببرودتها صيفاً ودفئها شتاءً.
نشأت العمارة منذ بداية البشرية بسبب حاجة البشر الماسة للمأوى، والدفء والأمان والحماية من الحيوانات والمحيط، فكانوا يستخدمون العمارة في إنشاء المعالم الحضارية والتماثيل الإلهية، ومع تطور الحضارات والمجتمعات، تطور فن العمارة وأشكاله ومواده الأساسية وحتى استخداماته، فظهر ما يسمى بالبيوت الطينية والحجر، ويعود بناء البيوت الطينية إلى 8000 قبل الميلاد في القرن العشرين، والتي تعد أحد فنون العمارة القديمة التي تعكس التطور الحضاري للشعوب وتاريخهم في الزمن القديم.
ومع طغيان الحداثة العصرانية والتغييرات التي طرأت على الجوانب الصناعية واكتشاف مواد جديدة، قامت أبنية المنازل بمواد حديثة منها الإسمنت فلجأ إليه الناس قصد التمدن والتحضر، ورغم ذلك لايزال هنالك العديد من الأهالي في الأرياف والقرى يسكنون في بيوت طينية، ويرفضون الابتعاد عنها، وخاصةً النساء، فهن يحافظن عليها من دافع المحافظة على التراث، الذي هو مهمة تقع على عاتقهنَّ.
ريمة الزوري” في العقد السابع من عمرها، تقطن في قرية حويجة الحبش الواقعة غرب مدينة الرقة والتي يعيش معظم سكانها في بيوت طينية، تقول “قصدنا هذه الجزيرة التي تقع وسط مياه نهر الفرات، بعد أن غمرت المياه قرانا التي كنا نسكنها بسبب بناء بعض السدود”.
وعما تتميز به المنازل المصنوعة من الطين عن المنازل المصنوعة من الإسمنت، أوضحت أن “للمنازل المصنوعة من الطين العديد من الميزات والسمات، فهي دافئة في فصل الشتاء وبادرة في فضل الصيف فموادها عازلة للحرارة، فرغم التطور ومواكبة التطورات العصرانية والصناعية، إلا إننا في القرى نفضل العيش في المنازل المصنوعة من الطين والخشب، فهي تعبر عن حضارتنا التاريخية وتراثنا وثقافتنا القديمة”.
وأوضحت عملية تجهيز الطين “والتي تتم عبر خلط التراب والمياه ومادة التبن الزراعي التي تساهم في صلابة البناء وتماسكه، فيتشكل خليط يتم تقطعيه بواسطة آلة تسمى المقطاعة، وتترك لمدة تتراوح من ثلاثة إلى أربعة أيام تحت أشعة الشمس لتجف وبعدها تصبح جاهزة للبناء”.
وعن أهمية البيوت الطينية وكيف كانت تستخدم في الماضي بينت “كنا نستخدم البيوت الطينية في العديد من الاحتياجات والأمور، في الزمن الماضي نعتمد على القبب الطينية في حفظ الشعير والقمح وتموينه فهو يساعد على حفظها لسنوات طويلة بترك فتحة أعلى القبة لكي يدخل الهواء إليها لتجنب أصابتها بالدود، والتي تكون على شكل نصف دائري، ويكون حجم سطحه العلوي أصغر من حجم أرضيته السفلية”.
وقالت: “النساء يشاركن في بناء المنازل المبنية من الطين رغم أن طبيعة العمل شاقة ومتعبة، كما نعمل في الأراضي الزراعية وتربية المواشي، ونقطع مسافة مئات الأميال لجلب مياه الشرب على رؤوسنا، دون ملل أو كلل، وما زلنا مستمرين إلى يومنا هذا بتلك الأعمال، التي هي تراث وثقافة المنطقة”.
وشجعت “ريمة الزوري” في نهاية حديثها النساء على التمسك بتراثهن وعاداتهن وتقاليدهن، والحفاظ عليها من الاندثار “هي موروث أمهاتنا وجداتنا، لتناقلها عبر الأجيال القادمة ويخلدها التاريخ بالحضارة العربية”.
وكالة أنباء المرأة