جل آغا/ أمل محمد –
بعد تهجيرها قسراً من قريتها في تل فندر بكري سبي/ تل أبيض لجأت عدلة درويش إلى بدء مشروعها الخاص في زراعة قطعة أرض في فناء المنزل، لتخفيف عبء المصروف عن كاهل زوجها، والذي فقد أملاكه وممتلكاته كافة في الهجوم التركي المحتل على قريتهم في تل فندر، لتجد عائلة عدلة نفسها مُجبرة على ترك قريتها والنزوح إلى إقليم الجزيرة وبالتحديد إلى قرية كر زيارات في ريف جل آغا.
ليس هناك أبشع من أن تجد منزلك الذي بنيته بذكرياتك وأرضك التي زرعتها بالمحبة شبراً شبراً تلتهما النيران، وتكون مضطراً إلى مغادرة منطقتك، والتي عهدت دوماً ألا تتركها في سبيل المحافظة على أفراد عائلتك، لتنظر النظرة الأخيرة وراءك وحلم العودة يشع من عينيك، إنها الحرب التي لا ترحم بدخانها الأسود والتي أينما حلت حلَّ البلاء والموت.
قصة كفاح
مهجّرة من كري سبي/ تل أبيض نزحت قسراً لقرية كر زيارت جولي مع عائلتها قُبيل حوالي خمسة أعوام، ولتخفيف القليل من المصروف ولمراعاة الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد لجأت عدلة درويش إلى زراعة قطعة أرض صغيرة في رواق المنزل الذي تسكن فيه، وللحديث أكثر عن مشروعها الخاص هذا حدثتنا عدلة: “الجميع في قريتنا في تل أبيض يعملون بالزراعة وتربية الماشية، منذ الصغر نتعلم الأعمال الريفية والتي تفرضها علينا طبيعة القرية، اقتصادنا كان قائماً بشكلٍ عام على الزراعة”.
ذكريات من عبقِ الماضي
وزادت عدلة: “نتيجة خبرتي في الزراعة وبسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر حرثتُ وزرعت قطعة الأرض هذه، أزرع الخضروات الصيفية والشتوية كافة، أقتات أنا وعائلتي عليها لكي لا نلجأ للأسواق، فقد وفرَّ حقلنا الصغير علينا الكثير، الأمر ممتع جداً ولا يكلفني سوى القليل من الجهد فقد اعتدنا على حياة الفلاحة والزراعة في أراضي شاسعة في قريتنا السابقة لذا قطعة الأرض الصغيرة تلك لا تُرهقني”.
تعمل عدلة منذ ساعات الصباح الباكر في حقلها، تحرث وتسقي وتجني ثمار عملها واصفةً مشروعها الزراعي البسيط بالنعمة: “غادرت قريتي وألم الغصة في فؤادي، حين أقوم بالزراعة أتذكر قريتنا الريفية الجميلة وهذا الأمر يُشعرني بالسعادة، حقلي نعمة من الله على الرغم من بساطته وغلته القليلة إلا أني راضية عن ما أقوم به”.