سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الوطنية السورية في مواجهة المخططات التآمريّة

نوري سعيد –

مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، هو مشروع صهيوني يحظى بموافقة أمريكا والغرب، ويهدف إلى إضعاف دول المنطقة من خلال تقسيم الدول مرةً أخرى، والذي يعني عدم ملائمة سايكس بيكو 1916 للألفية الثالثة. حيث يعمل على ترتيب المنطقة على أسس مذهبية وطائفية وإثنية بحيث تستمر سيطرة إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً على المنطقة، وبذلك تبقى القوة المهيمنة الوحيدة. وإذا كان الأمر كذلك فإن إصرار أردوغان على احتلال شمال وشرق سوريا من ديريك إلى عفرين يدخل ضمن المخطط الآنف الذكر، ليس هذا فحسب بل هناك أيضاً الهلال الشيعي الذي ترمي إيران لإقامته انطلاقاً من العراق وحتى لبنان مروراً بسوريا، لتتحول سوريا لدولة لا حول لها ولا قوة ولا وزن في المنطقة، وتتجاوز العقدة السورية التي كانت تشكل أرقاً لإسرائيل على مدى عقود حتى ولو كان نظرياً، بعد أن أمّنت إسرائيل حدودها مع لبنان والأردن ومصر. بمعنى أوضح إن تركيا الأردوغانية تخدم التوجهات الإسرائيلية، وكل ما يصدر عنها من أحاديث ضد إسرائيل للوسائل الإعلامية بعيد عن الصحة، وذر للرماد في العيون ليس إلا، أيضاً التهديدات الإيرانية لإسرائيل ليست إلا فقاعة في فنجان، ومن هنا نستطيع القول بأنه قد يكون هناك اختلاف حول العمق بين تركيا والغرب وأمريكا، حول النوايا التركية التي تسعى تحقيقها وهي بالطبع دخول الأراضي السورية بعمق 30 كيلو متر وهي عملية لا يمكن تسميتها إلا احتلالاً. وتركيا تحاول جاهدة السيطرة على الشريط الحدودي لسوريا، وهي تحشد القوات وتهدد المنطقة بشكل يومي، إذاً هل بإمكاننا القول إن ساعة الصفر قد اقتربت، المعطيات على الأرض تقول قد تكون هناك مناوشات على نقاط من الحدود، مثلاً كري سبي (تل أبيض) أو حتى منبج، ولكن إقدام تركيا على مثل هذه الخطوة سوف يكلفها الكثير. ولن يكون الاجتياح مجرد نزهة لأن شعوب شمال وشرق سوريا مصممة على المقاومة، ولأن الوطنية السورية عصيّة على الاختراق، وعلى صخرة تلاحم كل أبناء سوريا سوف تتحطم آمال أردوغان وبقية الأطراف المتآمرة، وستبقى تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية القائمة على أساس التعايش الأخوي المشترك نموذجاً لبقية المناطق السورية. وعلى النظام السوري في حال حدوث أي اجتياح أن يقوم بواجبه تجاه السيادة السورية كما يدّعي، والمسؤولية الأكبر تقع على النظام السوري الصامت في الدفاع عن الأراضي السورية، ولأن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية البطلة، لا يهدف كما الأطراف الأخرى إلى استلام السلطة والاقتتال على المناصب، ونحن نرفض جميع أشكال الطائفية والمذهبية، كما أننا لا نثق بروسيا وبوتين أيضاً حيث تعمل لتحقيق مصالحها على حساب الدم السوري، والدليل خلافها مع إيران حول تقاسم الكعكة السورية، فيجب وقف نزيف الدم السوري، وأن نعمل جميعاً للوقوف في وجه الغزو التركي وإفشال كافة المخططات التي تحاك ضدنا.
وأن نبني سوريا جديدة وديمقراطية لا مركزية لنكون قلباً واحداً ويداً واحدةً وأن نكف عن كيل الاتهامات لبعضنا البعض، ولا يجوز لأي طرف احتكار الوطنية لأن سوريا غالية على قلوب كل السوريين، ولن نفرط بذرة تراب من أرضها، هكذا كنا وسنبقى، والتعددية والتوافقية ووجود عقد اجتماعي جديد ضمانة لنا ولوطننا، لأن اختلاف الرؤى بين الأخوة لا يُفسد للود مطرح، وعكس ذلك هو الدمار والضياع، وبالتأكيد لا أحد من السوريين يتمنى لوطنه الدمار والخراب والحرب.