قامشلو/ ميديا غانم –
بيّن الإداري في مكتب التنسيق والعلاقات في قوى الأمن الداخلي – إقليم الجزيرة دوران الهاشمي، أن العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع، تكون سلبية وتداعياتها خطيرة، ومن شأنها عرقلة عمل السلك الأمني، والسلطة القضائية، وتعدّ تعديّاً سافراً على القوانين الموجودة، وتحوّل المجتمع إلى غابة، وإلى منطقة غير آمنة.
هناك نظرية في علم الاجتماع تقول: “الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته”، ويعيش وسط عادات وتقاليد، وموروث ثقافي، ولكن يجب ألا تتحول هذه التقاليد والمورثات الاجتماعية إلى سلطة قضائية؛ كي لا يتحول المحيط إلى غابة، يأكل فيها القوي الضعيف، وتتحول الألفة والمودة بين العشائر، لبحر من الدماء، كما جرى في الحدثين الأخيرين في الأسبوع المنصرم، حيث قُتل شخص باسم “الثأر” بعد حوالي ثمانية أعوام، فور خروجه من السجن؛ لأنه كان قد قتل شخصاً من عشيرة أخرى، كذلك قتل أحدهم سبعة أشخاص من عائلة واحدة؛ بسبب الشجار على الأرض في تربه سبية، التابعة لمقاطعة قامشلو.
أنظمة وقوانين سميت بالعرف المجتمعي
وحيال العادات والتقاليد السائدة ضمن المجتمع، أسبابها، ونتائجها، وسبل حل العادات البالية كان لنا لقاء مع دوران الهاشمي، الإداري في مكتب التنسيق والعلاقات في قوى الأمن الداخلي – إقليم الجزيرة، وتحدث بداية عن تشكل وتعارف المجتمعات: “عندما تشكلت الجماعات البشرية الأولى في المجتمع الطبيعي (البدائي)، اندمج الإنسان القديم داخلها؛ بحكم الضرورة، وذلك ليؤمن الحماية، والغذاء، والتكاثر، لأن هذه المتطلبات تشكل أساس بقائه؛ ونتيجة للتعامل والاحتكاك بين أفراد المجتمع في مجالات الحياة المتاحة كافة، تشكلت مفاهيم، وأنظمة، وقوانين مادية ومعنوية، غير مدونة، سُمِّيت: بالعرف المجتمعي”.
ويُقصد بالعرف المجتمعي: اعتياد الناس في اتباع سلوك معين في مسألة معينة، مع تولد الاعتقاد بإلزامه وضرورة احترام هذا السلوك، واعتباره قاعدة قانونية، تقتضي معاقبة من يخالفها، عبر العصور والأزمنة المتعاقبة كان وما زال العرف، يأخذ مكانةً كبيرةً في المجتمعات.
وتابع الهاشمي: “بعد مجيء الأديان التوحيدية، ووضعها لقواعد جديدة؛ لتنظيم أمور تلك المجتمعات، إلا أنها لم تلغِ دور العرف بشكل كلي، بل أبقت لها مكانتها ودورها في المجتمع، وبعدها جاءت القوانين، والدساتير البشرية الكونية؛ لتنظيم حياة المواطنين، مثل تشريعات حمورابي في بلاد ما بين النهرين، وبوكخوريس في مصر القديمة، ومانو في الهند، وصولون وودراكون في بلاد الإغريق، والألواح الاثني عشر في روما”.
ولفت إلى العرف، الذي ما زال المصدر الأساسي في بعض التشريعات الحديثة، وخاصةً تلك التي تتبع المذهب الأنجلوساكسوني مثل القانون الإنجليزي، مضيفاً، أنه على الرغم من أهمية القواعد العرفية، ومدى تأثير ظهورها بعد القواعد الدينية، وكذلك تحقيقها لأهداف عديدة في المجتمعات القديمة، إلا أن مرحلة التقاليد العرفية، اتصفت بالثبات والجمود والتطور البطيء، على مر الزمان، وجعلت نمو العلاقات يتسم بالنمط البطيء، وأدت إلى عدم الاستجابة السريعة لمقتضيات أي تطور في العوامل الاقتصادية، والاجتماعية؛ ما أحدث إعاقة في حركة الحياة داخل تلك المجتمعات القديمة.
جرائم كبيرة تحت مسمى العرف السائد
جرائم كثيرة ترتكب في سياق العادات والتقاليد، والتي عدها الهاشمي أنها خاطئة: “وبالرغم من هذا التطور الهائل الحاصل على الأصعدة كلها، وفي مجالات الحياة كافة “عصر السرعة والحداثة”، إلا أننا نجد، وبكل أسف حالات خاطئة، وجرائم كبيرة، تحت مسمى العرف السائد، وهذا ناتج عن الجهل، وقلة العلم، والإدراك والوعي المجتمعي من جهة، وضعف سلطة القانون والسلطة القضائية من جهة أخرى، ولا ننسى أن العدو المتربص، يحاول بأشكاله كافة، وبمختلف المجالات صنع العقبات، والمشاكل، وإشعال نار العداوة، وجر المجموعات للاقتتال، وهذا جزء من حربه الخاصة ضد المنطقة برمتها، فمثلاً على سبيل الذكر لا الحصر، نجد أن ستة من الأخوة قد يقتلون بعضاً لأجل توريث قطعة أرض زراعية، وقضايا معالجة الثأر بشكل خاطئ، والعنف الممارس ضد المرأة، تحت مسمى الشرف، وغيرها من العادات والتقاليد التي تضر ولا تنفع، وتفرق ولا تجمع”.
حلول في مواجهة الأخطاء
وأكد أن نتائج تطبيق هذه العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع، تكون سلبية، وتداعياتها خطيرة، حيث من شأنها عرقلة عمل السلك الأمني، والسلطة القضائية، كما وتعدّ تعدياً سافراً على القوانين الموجودة، وأيضاً تحول المجتمع إلى غابة ومنطقة غير آمنة، وتعرض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، بالإضافة إلى ازدياد الشرخ بين المتخالفين، والقطيعة بين المتخاصمين، وقد يمتد ليصل إلى أبناء العشيرة كافة، وحتى على مستوى القبيلة.
وشدد الهاشمي على ضرورة إيقاف ممارسة هذه العادات الخاطئة، وأضاف: “يجب علينا العودة إلى الأسباب المؤدية إلى هذا الأمر، كما تحدثنا عنها آنفاً، ومعالجتها حيث تكون كالتالي: علينا أولاً: زيادة مستوى الوعي المجتمعي عبر المناهج الدراسية، والندوات والإعلام بفروعه الثلاثة “المرئية، والمقروءة، والمسموعة”، والشبكة العنكبوتية، وهذه الخطوات نتبعها أيضاً في الوقوف ضد الحرب الخاصة، التي يمارسها العدو؛ لخلق حالة فوضى، ولزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، ثانياً: سن قوانين عن طريق ممثلي الشعب في المجلس التشريعي، ثم تقوية سلطة القانون عن طريق الشرطة المجتمعية، والسلك القاضي عن طريق دواوين العدالة، ومحاكم الشعب”.