النفير العام ضرورة لا بد منها

فوزي سليمان-

بعيداً عن التخمينات والتحليلات التي قد تصيب أو تخيب إذا ما ألقينا نظرة واقعية على ما وصلت إليه القضية الكردية وعلى كافة الأصعدة، نجد بأنها لأول مرة في تاريخها المعاصر خرجت من قوقعة التغيب والتهميش والانكار المفروضة عليها من قبل الأنظمة الحاكمة على مدار مائة عام، هذه الأنظمة التي كانت ولا تزال تواجه المطالب المشروعة للشعب الكردي بالحديد والنار وفرض أسوأ الحروب عليه.

 ومع اقتراب موعد انتهاء مدة الاتفاقيات المشؤمة لوزان وسايكس بيكو اللتان أجحفتا بحق شعوب المنطقة وخصوصاً الشعب الكردي، نجد أن هذه الأنظمة المستبدة وخصوصاً الدولة الفاشية التركية تستميت لإبقاء الوضع كما هو عليه وبشتى الوسائل وذلك من خلال تصدير أزمتها المستعصية إلى دول الجوار هذه من جهة،  ومن جهة أخرى أقحمت نفسها وشعوب المنطقة في حالة من الجنون والحروب التي وصلت إلى مراحل خطيرة جداً، حيث انتهاج أقذر الممارسات الفاشية بحق كل من يعارض أو يستنكر سياساتها التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى درجة تغذية العنصرية والشوفينية في تركيا والعالم؛ وذلك لضرب الشعوب ببعضها البعض وهذا ما يحدث فعلياً على الأرض وأقرب مثال على ذلك هو مجزرة قونية، والأخطر منها هو افتعال الحرائق في معظم تركيا وتوجيه أصابع الاتهام (كالعادة) إلى حزب العمال الكردستاني، وفي هذه النقطة لا يمكننا تناول الحوادث والجرائم التي لا تحصى والمشابهة لها إلا في إطار خلق العداء بين الشعوب.

 وما الحرب المعلنة والمتصاعدة التي تستهدف منظومة المجتمع الكردستاني KCK واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا مثل الفوسفور والنابلم والغازات السامة ضده، وكذلك افتعال الأزمات لتأجيج الصراع بين الشعب الواحد إلا مثال على توجه الفاشية التركية نحو مراحل أكثر توحشاً وخطورة ليس على شعوب المنطقة فحسب إنما على العالم أجمع.

 ويسري نفس الشيء على شمال وشرق سوريا التي تستهدف بذرائع معلبة جاهزة والتي أضحت محل استهجان وسخرية المجتمع الدولي أجمع، وهكذا تحولت تركيا الى مركز إيواء وتصدير الإرهاب المتمثل بداعش والإخوان المسلمين إلى كافة أصقاع المعمورة حسب الحاجة كمرتزقة ومأجورين، وهكذا لا يستبعد أن تكون الحرائق التي اجتاحت معظم المدن التركية هي أيضاً واحدة من تلك السياسات القذرة المفتعلة من قبل الفاشية التركية بهدف تمهيد الطريق أمام شرعنة حرب كبيرة في المنطقة للهروب من أزمتها الخانقة من خلال ذلك، وخصوصاً مع بدأ الشارع التركي في الآونة الأخيرة المطالبة بتنحية رجب طيب أردوغان ومسألته حول سياساته التي أوصلت البلاد إلى شفا الهاوية.

لكل هذه الأسباب؛ فإن الحتمي وكما فعلت معظم الأنظمة الفاشية عبر التاريخ، فإن الفاشية التركية تتجه نحو افتعال كوارث وجرائم خطيرة وأولها كانت وستكون بحق الشعب الكردي وشعوب المنطقة، ولذلك وكخطوة استباقية تدعو الضرورة على شعوب المنطقة إعلان النفير العام تجاه السياسات الفاشية التركية وعلى كافة الأصعدة، وأولها ترسيخ مبدأ حق الدفاع المشروع وتمتين أواصر أخوّة الشعوب لأنها السبيل الوحيد لهزيمة الفاشية عبر التاريخ.