النزوح والتهجير القسري

نسرين آكري

عرّف القانون الدولي الإنساني التهجير القسري بأنه الإخلاء القسري والغير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يُقيمون عليها، مرتبط بالتطهير وبإجراءات تعسفيّة قهرية تقوم بها حكومات أو مجموعات متعصبة مسلحة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة، وأحياناً ضد مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراض ٍ معينة لنخبةٍ بديلة أو فئة معينة. المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابع لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض ٍ أخرى، إلّا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة، كما أن المادة (7) من نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية تجرّم عمليات الترحيل أو النقل القسري حيث تنصّ على أنّ إبعاد الناس أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضدّ أيّ مجموعة فإن الإبعاد أو النقل غير المشروعين يشكلان جريمة حرب وتعدّ المادة المتعلقة بحظر نقل السكان من مناطقهم جزءً من القانون الدولي الإنساني العرفي. كما أن المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) تعدّ الأفعال المرتكبة بقصد الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية بمنزلة إبادة جماعية. ويكون التهجير القسري إمّا مباشراً أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم بالقوة كما فعل الاحتلال التركي بأهل عفرين وسري كانيه وكري سبي، أو غير مباشر عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد، وهذا ما عاناه الكرد في ظل السلطات التي تقاسمت وطنهم واستهدف تغيير ديمغرافية المناطق الكردية وإفراغها من شعبها وتوطين قوميات وإثنيات أخرى في أماكنهم. والاحتلال التركي اليوم يقوم بنقل عوائل المرتزقة التابعين له إلى المدن التي احتلها في شمال وشرق سوريا وبالطبع هم ليسوا أبناء المنطقة وإنّما سوريون من مناطق أخرى. ويكون التهجير القسري نتيجة نزاعات داخلية مسلحة أو صراعات ذات طابع ديني أو عرقي أو مذهبي أو عشائري، ويكون بإدارة أحد أطراف النزاع عندما يمتلك القوة اللازمة لإزاحة الأطراف التي تنتمي لمكونات أخرى وهو يرى أن مصلحته الآنية أو المستقبلية تكمن في تهجير الطرف الآخر. وهناك نزوح إرادي أو اضطراري لتجمعات سكانية إلى مناطق أكثر أمناً نتيجة الشعور بوجود خطر مباشر على الجميع، إما لنشوب حروب نظامية بين دولتين أو أكثر وهذا ما يحصل في المناطق الحدودية، أو أثناء حصول كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين والفيضانات. وفي سوريا وبعد قيام الثورة التي بدأت سلمية ثم استغلتها بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية وبدأت بتسليح العشرات من الجماعات المسلحة المتشددة، والتابعة كلُّ واحدة منها لجهة معينة وتقوم بما يملى عليها لوصول تلك الجهة أو الدولة إلى مآربها ومصالحها المراد تحقيقها في سوريا، وبدأت الحرب تفتك بالسوريين حيث قُتِل مئات الألوف وهُجّر الملايين من ديارهم، إلى الدول المجاورة وأوروبا، وهناك هجرة كبيرة إلى شمال وشرق سوريا كونها المناطق الأكثر أماناً واستقراراً في سوريا.